“سياحة المغامرات” تزدهر في غابات البليدة

من “الڤلتة الزرقاء” إلى أنفاق شفّة..روعة الاكتشاف ومخاطــر الإهمـال

أحمد حفاف

تنتعش السياحة الجبلية بشكل كبير خلال موسم الإصطياف من كل سنة، أي خلال الفترة الممتدة بين الفاتح ماي إلى 31 أكتوبر وهي الفترة التي تم تقديمها بشهر بسبب تنامي ظاهرة حرائق الغابات، مع العلم أن هذا الفضاء الطبيعي هو الرافد الأساسي لهذا النوع من السياحة.
تقترن السياحة الجبلية بالفضاءات الغابية؛ لأن هذه الأخيرة تجذب السُياح بحسنها الطبيعي الذي يمتع البصر وبما توفره من هواء نقي وظلال وراحة نفسية وحتى بعض الفواكه الغابية مثل التوت البري، وبغرض استكشاف سحرها ورونقها يتجول فيها عشاق الطبيعة مشيا على الأقدام في جولات راجلة أي ما يطلق عليه سياحة “المغامرات”.
 خلال العقد الأخير من الزمن ازدهرت سياحة المغامرات بشكل لافت في ولاية البليدة بعدما أصبحت موضة العصر، ويظهر ذلك جليا بصفحات خاصة لمواقع التواصل الإجتماعي تتضمن محتويات سمعية بصرية تُوثق جولات راجلة داخل الغابات وتُروج لمواقع سياحية متميزة، من بينها بنايات عتيقة ومغارات كانت تأوي المجاهدين خلال ثورة التحرير المجيدة.
لا يختلف اثنان أن استباب الأمن في الجزائر مع مطلع الألفية الثالثة سمح بعودة معتبرة للفلاحين لخدمة أراضيهم في المناطق الجبلية مثل “الدوابشية” والسباغنية بأعالي حمام ملوان، كما أصبح الولوج إلى الغابات آمنا أكثر من أي وقت مضى، ويبقى الحذر فقط من بعض الحيوانات التي تعيش في جبال الأطلس البليدي، والتي قد يُصادفها المغامرون في طريقهم كالأفاعي السامة والذئاب والضباع.
 اللافت أن هؤلاء المستكشفون يحملون معهم كل ما يحتاجونه مثل آلات الحفر وقص الأشجار، آلات التصوير وهواتفهم الذكية التي يستخدمونها في صناعة محتويات جيدة تصل إلى أعلى نسب من المشاهدة، فكما يقول المثل “رب صورة خير من ألف كلمة” فالصور الحية تُعبر جيدا عن روعة المكان المصور وبفضل العين المجردة يتنزه المُتلقي دقائقا من الزمن وهو يشاهد ابداعات الخالق التي خص بها الجزائر،..صوّر الطبيعة فأبدع في تصويرها.
في اطلالة بموقع التواصل” فايسبوك” لفت انتباهنا مجموعة من الشباب يغامرون بالدخول إلى نفق القطار في بلدية الشفة، والذي كان يمر عبره القطار نحو المدية في سنوات خلت، حيث استخدموا هؤلاء الشباب جهاز إضاءة لكسر الظلام الدامس داخل النفق، وكانت التعليقات الصوتية باستخدام اللغة العامية بمثابة عنصرا اعلاميا مدعما، حيث لفت انتباهنا أحد المُعلقين الذي يؤكد بأن السكة الحديدية في حالة جيدة رغم مرور عقود من الزمن عن انجازها ثم صوّر مشهدا لتدفق الماء من ينبوع في هذا النفق.
وخلال فصل الربيع المنقضي أدى تساقط الصخور من أعلى الجبال وتراكمها إلى تشكيل بحيرة طبيعية بواد الشفة والذي جذبت السُياح إليها خاصة بعد الترويج لها في وسائط التواصل، حيث نشر بعض السُياح فيديوهات لهم وهم يسبحون بداخلها والتنقل فيها باستخدام زورق، وهذا قبل تدخل السلطات المحلية التي أزالت الحاجز المكون من الصخور بهذا الوادي الذي يُستغل في توفير الماء الشروب للساكنة.
يُعد واد الفنطاس في بلدية الأربعاء من بين المواقع السياحية التي يقصدها السُياح للعوم في مياهه العذبة الصافية، وكذا “واد لاخرة” في حمام ملوان، فهذا الأخير يجذب المئات من الشباب القادمين من الجزائر العاصمة، حيث يغامر بعضهم من أجل الوصول إلى “القلتة الزرقاء” التي تعتبر أشهر المواقع السياحية في هذه البلدية.
 كما تعتبر المقومات المائية أحد أفضل أدوات الجذب السياحي على الإطلاق خاصة في فصل الصيف وهذا للاستمتاع بها في مجابهة الحر الشديد، ونقصد الينابيع المنتشرة في الجبال، خاصة الشلالات مثل الواقع بالقرب من زاوية سيدي موسى في بلدية ﭬرواو، وشلال واد كراش في الشريعة.
بالموازاة مع ظهور سياحة المغامرات تزايدت حرائق الغابات بولاية البليدة، حيث وجهت أصابع الإتهام لبعض السُياح المتهورين الذين قد يتسببون في إشعال النار برمي سيجارة مشتعلة، أو بفعل إشعال النار الذي يعاقب عليه قانون الغابات الجديد، بل تم تصنيفه على أنه جناية عقوبتها السجن لأكثر من خمس سنوات.
 يأمل رئيس بلدية الشريعة، سمير سماعيلية، في أن يتحلى هواة سياحة المغامرات بروح المسؤولية بجلب وجبات غذاء باردة وعدم إشعال النار وتفادي رمي النفايات في الأوساط الغابية، أما رئيس جمعية الأزرق مراد سالي فيعتبر أن السُياح يبحثون عن الاستمتاع وسلوكياتهم جيدة لكن العمل التحسيسي مهم جدا لرفع درجة وعيهم من أجل المحافظة على الثروة الغابية، مشيدا في هذا السياق بوضع حاويات في المنطقة السياحية مقطع لزرق الذي يقصدها آلاف السُياح والزائرين في الصيف.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19828

العدد 19828

الإثنين 21 جويلية 2025
العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025
العدد 19826

العدد 19826

السبت 19 جويلية 2025
العدد 19825

العدد 19825

الخميس 17 جويلية 2025