منبر إعـلامي وحيـد على المستويين الوطنـي والمغـاربي

«العـزيمـة» فــضـاء مفتـوح للتّكفل لانشغــالات المعاقـين

فتيحة ــ ك

أعمال خيرية ومساعدات لذوي الاحتياجات الخاصة

تولي مجلة «العزيمة « منذ تأسيسها في 2004 أهمية كبيرة للمعاقين باعتبارها الوحيدة على المستويين الوطني والمغاربي، يشرف عليها طاقم صحفي أغلبهم ينتمي إلى هذه الفئة الهشّة، يعملون في تناغم كامل من أجل تسليط الضوء على آلام واهتمامات المعاقين خاصة أولئك المتواجدون في المناطق النائية.
«الشعب» رصدت الحركة بالمجلة، ونقلت أدق التّفاصيل عنها في هذا الاستطلاع. 

تنقّلت «الشعب» إلى مقر مجلة «العزيمة»الكائن بالرويبة، وسألت طاقمها عن العمل الذي يقومون به للتعريف بانشغالات فئة المعاقين وإيصال شكاويهم ومعاناتهم وما أكثرها!
بداية المغامرة
 قالت كريمة بندو، رئيسة تحرير المجلة الصادرة بالعربية وهي تستقبلنا بحفاوة بالغة، مجيبة على أسئلتنا حول كيفية الالتحاق بهذا المنبر الاعلامي وماذا يمثل لها العمل فيه:
«سخّرت قلمي وجهدي منذ ممارستي للعمل الإعلامي بداية عام 1999 لهذه الفئة الهشة من المجتمع، بتسليط الضوء على وضعيتها ونقل معاناتها ومشاكلها. رغم مرور كل هذه السنوات أرى أن فئة المعاقين تحتاج إلى رعاية أكبر لرفع الغبن عنها، وضمان حياة كريمة لها».
كشفت كريمة أنّها حملت على عاتقها مهمة إيصال صوت المعاق عبر الوطن على العموم
وفي المناطق النائية على الخصوص، الذي يجد صعوبة كبيرة في تحقيق ذاته في محيط يخجل من عضويته».
واستطردت قائلة: «استطعت بعملي في المجلة أن أحقّق حلمي والمتعلق بالجانب الخيري  والتضامني والإنساني، وكذا الشق الإعلامي الذي كان محور دراستي الجامعية، لذلك استطعت في السنوات الماضية أن أحقّق ما عجزت عنه في مختلف العناوين الصحفية التي التحقت بها مباشرة بعد تخرّجي من الجامعة».
وتأسّفت كريمة لوضعية المعاق في الجزائر والواقع الذي يعيشه قائلة:» تعاملي المباشر مع هذه الفئة الهشّة جعلني أطّلع عن قرب على معاناتها الكبيرة في المجتمع، خاصة في المناطق النائية أين تخجل العائلات من معاقيها إليها، وتحاول بكل الطرق الممكنة إخفاء الأمر لأنه أمر يؤثّر سلبا على سمعتها».
تتوقّف كريمة قليلا لتضيف: «حقيقة أنّ قوانين أصدرت للتكفل بالمعاق ومنحه حقه في حياة كريمة، وبذلت جهود معتبرة من أجل تغيير العقلية التي كانت سائدة من قبل، والتي كانت تهمّش المعاق، لكن الحمد لله الأمور الآن تغيّرت وبدأ المجتمع أو المحيط يعتبر المعاق شخصا طبيعيا يعاني فقط من خلل في إحدى وظائفه الفيزيولوجية».
«ولكن رغم كل ما تحقّق يبقى المعاق في المناطق النائية بعيدا عن هذا الحراك الايجابي، خاصة إذا تعلق الأمر بتمدرسه، وذلك بسبب بعد المسافة عن المراكز المتخصصة هذا إن وجدت، وأكثر من ذلك تفاجأت وأنا أمارس عملي في الميدان بمعاقين يزحفون على بطونهم لأنهم ينتمون لعائلات فقيرة ولا يقدرون على شراء كرسي متحرك، أكثر من هذا هم يجهلون بأن الدولة تمنح المعاق غير المقتدر تجهيزات تساعده في تنقلاته».
وربطت كريمة باندو هذه المشكلة بنقص  التوعية والتحسيس ما جعل المعاق يعيش مشاكل عدة، معاناته تزيد شدة، داعية وسائل  الإعلام إلى لعب الدور المنوط بها في هذا الشأن. وذكرت كريمة بمشاكل أخرى يواجهها المعاق، خاصة فيما يخص المراكز البيداغوجية التي تعرف قوائم انتظار طويلة تزيد من محنة الطفل المعاق وعائلته التي طرقت كل الأبواب من أجل تمدرسه فيها دون جدوى.
أوضحت كريمة رئيس تحرير المجلة «العزيمة» بالنسخة العربية، أنها تعدّ المنبر الوحيد على المستويين الوطني والمغاربي التي تهتم كلية بالمعاقين، لذلك يعمل طاقمها على بذل أقصى الجهود حتى وإن اضطر أعضاؤها التنقل بوسائلهم الخاصة من أجل إسماع صوت هذه الشريحة، فهي صرح إعلامي تجاوز المناسابتية في تعامله مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ولم تمنع استمرارها أي من المشاكل التي اعترضت طريقها منذ اعتمادها في 2004».
المعاق يجهل حقوقه المكفولة من طرف القانون
من جهتها، دليلة لزول مراسلة من البويرة ومسؤولة عن «العزيمة» النسخة الفرنسية، قالت عن مشوارها الإعلامي: «التحقت بفريق المجلة في 2005 أي بعد سنة فقط من انطلاقها، أين اطّلعت على محتوى المجلة في المؤسسة التي أشتغل فيها وهي الديوان الوطني لتجهيزات الخاصة بالمعاقين، ما سمح لي بالتعرف على مشاكل المعاقين عن قرب. اتصلت بمسيّر المجلة ومسؤول النشر عبد القادر عزوز بعد مساهمتي بمقال كان أول خطوة في مسيرة استمرت إلى يومنا هذا. حبّي لمهنة الصحافة أعطاني النفس الطويل لأداء مهمتي على أكمل وجه، خاصة بعد أن وجدت نفسي عاجزة عن تقديم المساعدة إلى المعاقين الذين أتعامل معهم في المؤسسة التي إعمل بها، فكانت الكتابة بالنسبة لي متنفّسا عن رغبة جامحة في كشف الغطاء عن آلامهم وآهاتهم».
وعن التطور الذي عرفته القوانين الموجّهة إلى المعاقين، قالت دليلة لزول: «عرفت النّصوص التشريعية تطورا كبيرا وتقدما نوعيا في الحقوق الممنوحة لهذه الفئة الهشة من المجتمع، خاصة في مجال الضمان الاجتماعي، كل معاق له الحق في بطاقة تخول له امكانية الاستفادة من العلاج المجاني والمنح التي توفرها الدولة للمعاقين خاصة المعوزين».
وعن استمرار معاناة المعاق رغم التطور الكبير  في الجانب التشريعي، قالت دليلة لزول: «جهل المعاق للحقوق جعله يعيش مأساة يومية، فهو لا يعرف أنه يستطيع الحصول على بعض العتاد شبه الطبي مجانا ومنحة، وأنّ القانون يكفل للمعاق الحق في العمل لأن المؤسسات مجبرة على تخصيص نسبة معينة لهذه الفئة، وأخص بالذكر هنا المعاق في المناطق النائية، الذي ما يزال يعاني الأمرين يوميا ولسنوات طويلة».
عن السبب الذي يقف وراء جهل المعاق لحقوقه،  قالت دليلة لزول: «المجتمع المدني لا يقوم بالدور المنوط به في إعلام وتحسيس هذه الفئة الهشة،  وكل ما  يتعلق بالتشريعات القانونية التي سنتها الدولة في هذا الجانب»، مؤكدة في سياق حديثها أن عمل الجمعيات مناسباتيا.
وأضافت في هذا الصدد قائلة: «تحاول العزيمة سدّ هذه الثغرة بإعطاء المعاق المعلومات اللازمة ليكون على دراية بكل حقوقه التي يكفلها له القانون».
 وعن أهم ما يعانيه المعاق في إرض الواقع تقول دليلة لزول: «لم تعد المنحة التي يستفاد منها تكفي لسد حاجياته اليومية، 4000 دج غير كافية ويجب مراجعتها، كذلك السن القانوني للاستفادة من هذه المنحة الضئيلة،  فالمعاق لا تبدأ معاناته من سن 18 سنة».
عيسى إسماعيل، صحفي متقاعد التحق بالطاقم الصحفي لـ «العزيمة» يروي قصته مع مهنة المتاعب، ويكشف عن تجربته في المجلة:
«اعتبرها تجربة فريدة من نوعها، لأنّني أكتشف لأول مرة إعلاما متخصّصا يهتم بهذه الفئة ميدانيا بعيدا عن المناساباتية، فالمجلة تكشف انشغالات واهتمامات المعاقين في مختلف مناطق الوطن، رغم أنها تعمل بوسائل بسيطة، بل في كثير من الأحيان تتدبّر أمورها من أجل الحصول على عتاد شبه طبي للمعاقين، فهي لا تكتفي بالعمل الصحفي بل تتعداه إلى تقديم مساعدة مادية لهم».
ولاحظ الصحفي عيسى أنّ سنّ القوانين لم يستطع إعطاء المعاق المكانة التي تليق به في  المجتمع بسبب غياب التواصل والتنسيق بين مختلف القطاعات المعنية بتطبيقها.
... وتمنح المعاق مساعدات مادية
 إلى جانب عملها الإعلامي، تقدّم «العزيمة» مساعدة مادية للمعاقين للتخفيف من وطاة معاناتهم. زنون حميدة واحدة من الذين يستفيدون من العمل الخيري والتضامني للمجلة وهي أمّ لطفل معاق مائة بالمائة، لا يتعدى عمره خمس سنوات. سألتها «الشعب» عن ذلك فقالت: «العزيمة هي صوت من لا صوت له، المعاق يحتاج إلى كثير من الاهتمام خاصة إذا كان ينتمي إلى عائلة عاجزة عن التكفل بجميع احتياجاته، وأنا واحدة ممّن يستفيدون من بعض الإعانات التي تقدمها لي المجلة، خاصة وأنّ ابني لم يستفد بعد من المنحة التي تعطى في سن الـ 18، وهذا إجحاف حقيقي اتجاه هذا الطفل الذي يعيش على الإعانات، رغم خروجي إلى العمل لتلبية حاجياته إلاّ أنّني لا أستطيع توفير كلها، لذلك توجّهت إلى السيد عزوز عبد القادر حاملة معي بطاقة المعاق، وأتذكّر أنه لم يتردّد أبدا في إعطاء يد العون لي، فحتى الحفاظات يوفّرها لطفلي بصفة دورية».
آغا فتيحة سيدة معاقة بنسبة مائة بالمائة، تنشط مع الجمعية منذ 2001 تقطن بجزائر الشاطئ، سألناها عما تمثل لها مجلة «العزيمة» فقالت: «لم يبخل طاقمها ومسؤولها على المعاق في أي لحظة، فإلى جانب الإعانات المادية التي تكون غالبا عتادا طبيا وشبه طبي كالحفاظات والكراسي المتحركة، يقومون أيضا بأخذنا في رحلات إلى ولايات الوطن، كتلمسان، عنابة، مستغانم، آخرها رحلة مدتها ثمانية أيام بتيميمون، وأتذكرهنا وجه المعاق الذي شاهد البحر ولم يستطع السباحة في الصيف الماضي، فأسرع عبد القادر عزوز فحمله بكلتا يديه  وأدخله البحر».
 وعن واقع المعاق في الجزائر قالت: «رغم التطور الذي عرفه المجتمع يبقى المعاق دائما في مرتبة أقل، خاصة إذا تعلق الأمر بتهيئة المحيط حتى يتنقل براحة لقضاء حاجياته، فالأرصفة ووسائل النقل والمباني بصفة عامة  لا تأخذ بعين الاعتبار عند وضع مخططها  المعاق، وهو ما يفاقم الوضع ويجعله أقل شأنا من الإنسان الطبيعي».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024