تحمل بين يديها حيـاة جديدة

القابلـــة … دور أكـبر مـن التوليــد

فتيحة/ك

شهــادات حيـة تنقلـها «الشعــب»

تحمل بين يديها المولود الجديد لتسمع صرخته الأولى في حياة جديدة كانت من ساعد أمه على وضع ابنها بلا مشاكل، هي المرأة التي تعتبرها النساء الصديقة المؤتمنة على أسرارهن، لأنها الأقرب إلى تقديم رعاية صحية ونفسية لذلك يعتبرها الكثيرون الركيزة الأساسية لبرامج الصحة العمومية.... التفاصيل ترصدها»الشعب» في هذا الإستطلاع.
تنقلت «الشعب» إلى بعض المراكز الطبية أين سـألت النساء عن القابلة وعن دورها الاجتماعي في ترسيخ ثقافة صحية في المجتمع....

«أستشيرها في مشاكلي الأسرية»

مليكة- لـ 45 سنة معلمة بإحدى الإبتدائيات بالقبة وجدناه بالعيادة المتعددة الخدمات بحي البدر، سألناها عن القابلة فقالت:»أرى في القابلة الصديقة التي تتكتم على أسراري ولا تفشيها لأحد، في كثير من المرات آتي إلى زيارتها فقط للتحدث إليها عن مشاكلي الأسرية،.... استشيرها في بعض الأمور وأسألها عن البعض الأخرى، ففي بداية الأمر كنت أزورها بغية الكشف الدوري ولكن توطد العلاقة بيننا جعلها تحتل مكانة مهمة في حياتي لأنها مرتبطة بجانب من يومياتي ربطه مجتمعنا بالحياء والخجل ولا يمكنك الخوض فيه مع أي شخص كان سوى الطبيب أو القابلة، لذلك كانت السنوات كفيلة بأن تجعل من هذه المرأة الأقرب إلى مشاكلي الأسرية التي أثرت علي إلى درجة أنني بقيت طوال خمس سنوات كاملة بدون أطفال، ولكن تدخل هذه السيدة بالنصيحة حوَّل حياتي إلى الأحسن».
العكري- ر 65 سنة، وجدناها بمستشفى مصطفى باشا الجامعي تنتظر دورها لإجراء فحص على مستوى مصلحة الأمومة والطفولة، سألتها «الشعب» عن القابلة فقالت:»قبل قدومي إلى العاصمة كانت تعيش في قريتي سيدة عجوز يدعوها الجميع بـ»الجدّة» لأن أطفال القرية جميعهم حتى أبي وأمي كانوا ممن أخرجتهم إلى الحياة، لذلك كانت والدتي ترسلي مع إخوتي في كل مناسبة إليها لنقدم لها الهدايا، أتذكر أن جميع أهل القرية كانوا يحترمونها، وكانت تتدخل في بعض المشاكل لحلها لأنها كانت المؤتمنة على أسرار البيوت الموصدة»، وأضافت العكري  قائلة:»عندما تزوجت جئت إلى العاصمة وهنا عرفت كلمة القابلة التي كانت بمثابة الجدة تماما إلا أنها لا تذهب إلى بيوت مرضاها فقط، واستطيع أن أقول أنها السبب في مواصلة حياتي بصفة طبيعية لأن تغيير المجتمع الذي تربيت وعشت فيه لسنوات طويلة بآخر لا أعرف عنه شيئا أربكني وجعلني أقف مكتوفة اليدين فحتى زوجي ولد وتربى بالعاصمة ولا يستطيع استيعاب الجهل الذي كنت عليه، لذلك كانت القابلة التي كانت تشرف على متابعة حملي بمثابة الصديقة التي استطاعت أن تعيد الثقة إلى نفسي وتجعلني أتأقلم مع التغيير، وبالفعل أصبحت مع مرور الوقت صديقتي المقربة بل أكثر من ذلك تشرّفت بان تصبح ابنتها زوجة لابني والحمد لله».
واستطردت العكري قائلة:»إلى جانب كون القابلة خبيرة في التوليد هي أيضا حلقة وصل بين الصحة والمجتمع لأنها تعمل على شرح الأمور الصحية والطبية البحتة إلى المرأة البسيطة التي لا تفقه شيئا في هذه الأمور، وبالفعل توصل تلك المعلومات بطريقة سهلة إلى أي سيدة مهما كان مستواها التعليمي والثقافي، ولولا ذلك أظن أن الأم أو الرضيع سيكونان في خطر دائم».
 
ركيزة الصحة العمومية
            
شرقي نصيرة مختصة تخدير بمستشفى مصطفى باشا، أجابت عن سؤال «الشعب» قائلة:» للقابلة مكانة مميزة في قطاع الصحة لأنها وبحكم عملها تلعب دور الوسيط بين الصحة والمجتمع، لذلك تعتبر الأقرب إلى المرأة ومشاكلها سواء كانت اجتماعية أو صحية، ولعل تحديد مدة تكوينها بخمسة سنوات في تخصص الشبه الطبي خير دليل على الأهمية التي يوليها قطاع الصحة للدور الذي تلعبه هذه السيدة التي يجب أن تكون واعية بالمسئولية الملقاة على عاتقها، لأن مهنتها لا تقتصر فقط على توليد النساء فقط بل دورها خارج قاعة التوليد أكبر لأنها من تقوم بعملية التحسيس والتوعية فيما يخص مختلف البرامج الصحية الخاصة بالمرأة والطفولة معا».
وأضافت قائلة:»الجانب الإنساني الذي يتميز به عمل القابلة أكبر من العامل الصحي فهي تشرف على إخراج حياة جديدة إلى الوجود لذلك تجد بعض السيدات عند ذهابهن إلى قاعة الولادة يسألن عن القابلة أن كانت جيدة أم لا، لأنها تصنع الفارق في كثير من الولادات الصعبة، فهي من يمنح الثقة إلى الأم التي تكون في حالة نفسية صعبة يسيطر عليها الخوف والألم».

يجب إخراجها من غرف التوليد

وترى شايعة جعفري رئيسة المرصد الوطني للمرأة أن الكثير من الناس يحصرون دور القابلة في قاعة التوليد بينما هي تحتل مكانة اجتماعية مهمة وكبيرة منذ زمن طويل بل هي أكثر من ذلك، لأنها الصديقة الحميمة التي تفضفض المرأة اليها بكل أسرارها ومشاكلها التي تعانيها في حياتها اليومية، لذلك كانوا في السابق ينادونها الجدة يحترمها جميع أفراد القرية أو المجتمع الذي تعيش وسطه، يحضر لها الاطفال الحناء والهدايا في كل مناسبة تقديرا واحتراما لشخصها وعملها لأنها السبب في خروجهم إلى الحياة سالمين.
وأكدت شايعة جعفري أن هذه المكانة اكتسبتها بفضل ما تفعله من أجل إنقاذ أرواح الأمهات والمواليد الجدد، ومع مرور الزمن أصبح عليها الخضوع إلى خمس سنوات من التكوين المستمر لتتمكن من العمل في هذا المنصب، حيث تقوم بمرافقة المرأة منذ بلوغها فهي توجه الفتاة في فحص ما قبل الزواج، وبعد زواجها تقوم بمراقبة ومتابعة حملها وبعد ذلك تشرف على الولادة وكل ما يصاحبها من ألم، ثم تعمل كمستشارة في التنظيم العائلي لأنها من سيقدم النصائح لهذه المرأة من أجل رسم خريطة صحية سليمة للأسرة لأنها ترافق الأم الجديدة إلى غاية بلوغ الطفل ست سنوات من العمر.
وأشارت رئيسة المرصد الوطني للمرأة أن القابلة تلعب الدور الأساسي في تطبيق برامج الصحة العمومية بل هي الركيزة المحورية لها، لأنها الأقرب لتقوم بتوعية المرأة حول أهمية التشخيص المبكر للكشف عن سرطان عنق الرحم، أهمية الرضاعة الطبيعية والتلقيحات للأم والرضيع معا، إلى جانب ذلك كشفت شايعة جعفري أنها وخلال تجربتها في هذا الميدان الذي فاقت الثلاثون سنة أن المرأة مع مرور الزمن تعتبر القابلة صديقتها الحميمة التي تأتمنها على أسرارها، وتذكرت سيدة جاءت اليها تبحث عن وسيلة لمنع الحمل وبعد حديث مستفيض معها، استطاعت الوصول الى لب المشكل وهو أن المرأة تعاني مشاكل مع زوجها ولا تريد أن تنجب منه لذلك لجأت إلى هذه الحيلة لتحقيق ما تريده، ولكن الحوار معها انتهى الى مجموعة من النصائح اخرجتها من المشاكل التي تعانيها مع زوجها، وهذا حسب شايعة جعفري الدور الأهم للقابلة وهو حل هذه المشاكل المسكوت عنها، لأنها السبب في تدمير الأسرة والمجتمع.

علموا أبناءكم الطيبة

كل واحد منا يسعى إلى تربية الأبناء بطريقة صحيحة وسليمة، وأن يرسخ في داخله مجموعة من القيم والمبادئ التي تمكنه من تخطي العديد من الصعوبات التي تواجه في الحياة، واليوم نسوق لكم مجموعة من أهم الدروس التي لا بد أن نعلمها لأطفالنا حتى نكون لديهم فكرة واضحة عما يمكن أن يواجهوه خلال خوض العديد من التجارب في الحياة، والتي من المهم أن نوصلها لهم بطريقة سهلة وتتناسب مع السن الذي هم فيه.
علموا أبناءكم أن الصداقة تتطلب جهدًا، لأن الصداقة طريق ذو اتجاهين ينبغي أن تتحدث مع أصدقائك، وتدعوهم للعب معك أو للخروج، اتصل بهم، أو حتى ابعث لهم بالرسائل كي تطمئن عليهم، لأنه لا يمكنك أن تتجاهل أصدقاءك لشهور ثم تتوقع منهم أن يهبُّوا لمساعدتك عندما تحتاج إليهم، كما يجب أن يعرفوا أنهم لن تستطيعوا دائمًا الحصول على ما تريدون، فكل شخص له مهامه وأموره الخاصة، كما أن لكم أموركم الخاصة، فانتم تتشاركون الحياة مع أشخاص أكبر وأصغر منكم، ولا بد من تقديم التنازلات.
علموهم أن يكفوا عن المقارنة بالآخرين، وخاصةً من هم أفضل حالاً منهم، فكل شخص له قدرات ومواهب وأموال وألعاب خاصة به، ودائماً هناك من هو أفضل منك في جانب واسوأ في جانب آخر، فلا تتبع المقارنة السلبية، وتجعلها سبب إحباطك بل اتخذ الغير نموذجًا وصب طموحاتك للوصول إلى ما وصلوا اليه، اجعلوهم يحُسنون الظن بالآخرين والطيبة فهما يحدثان فرقًا، وسيقودانه إلى النجاح لأنهما الرباط الذي يربط الإنسانية بعضها ببعض.
 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024