الجانب الآخر لعقاب البراءة

سلـوك تـربــوي قبل كـل شـيء

يعتقد الكثير من الآباء والأمهات أن ما يقومون به من ردود أفعال أو تعسف في التوبيخ هو من ضمن تهذيب الطفل حتى يتمكن من تغيير أسلوبه وسلوكياته الخاطئة، ولكن الفارق الكبير في المفهوم، فكيف لنا أن نسمّي كسر أحد عظام الطفل باللوي أو ضربه بعنف على وجهه تهذيب؟ وفي المقابل يبتعد بعض الآباء والأمهات عن العنف الجسدي تماماً مستخدمين وسائل تربوية حديثة ومنقولة من الغرب ككرسي العقاب مثلاً، فهل تعتبر هذه الوسيلة بديلاً مجدياً في التربية؟ وما هي وسائل العقاب المفترض اتباعها تربوبياً؟ كل بحسب التصنيفات الدولية المعتمدة، فإن الطفل وفق ما هو متعارف عليه هو كل إنسان لم يبلغ سن الثامنة عشرة، والعنف الجسدي هو الظاهرة الأكثر وضوحاً في مجتمعنا حتى أصبح ذلك يأخذ الشكل التأديبي في معظم الأوقات، ومن المعلوم اجتماعياً رؤية آباء يضربون أبناءهم في الأماكن العامة أو أمام الأقارب أو الجيران من أجل التهذيب، والأسباب التي قد تؤدي أحياناً إلى حدوث قتل الأطفال عن طريق الضرب كثيرة، فمنها ما يتعلق بالأب، ومنها ما يتعلق بالأم، وأسباب مشتركة بينهما، والتي نوضحها في ما يلي:
فما يتعلق بالأب قد يقع إذا أصبح تحت تأثير الغضب الدائم الناجم عن ضغوط العمل أو الديون المثقلة كاهله أو تعرضه للإهانة من زوجته أمام أبنائه، أما ما يتعلق بالأم فمن المعلوم أن كثيراً من النساء يصبن بحالة من الكآبة والضيق أثناء أوقات معينة تؤثر على الحالة العقلية والنفسية والفكرية لديهن، وما يحدث لهن من إهانة مستمرة من قبل الزوج، وذلك ينعكس على أبنائهن، فهذه الأمور تؤدي إلى قيامهن بتصرف خاطئ مع أطفالهن بدعوى تهذيبهم وتربيتهم.
أما الأسباب التي يشترك فيها الزوجان فهي: عدم إدراك أحد الزوجين لحقوق الأبناء عليه بسبب عدم وجود من يرشده في بداية حياته، كما أن الطلاق بين الزوجين يحدث شرخاً في حياتهما، مما يسبب العصبية والانفعال الدائم.
يجب على الوالدين أن يدركا أن تربية الأطفال تكون لصالح زمن الأبناء، وليس لصالح زمن الآباء، فلكل عصر متغيراته ومتطلباته، لذلك من المهم الالتحاق بالبرامج التدريبية وحضور الندوات التثقيفية المساعدة في فهم نفسية الأبناء وكيفية التعامل مع كل مرحلة من مراحل حياتهم، والتي بدأت تروّج لوسائل حديثة وفعالة في التربية كاستخدام كرسي العقاب أو تخصيص مكان ينعزل فيه الطفل حينما يقوم بفعل خاطئ، بحيث يحرم من ممارسة أنشطته المرغوبة والتحدث مع أفراد الأسرة لفترة ما تقوم الأم بتحديدها وفقاً لمقدار الخطأ المرتكب، وفي الحقيقة أن هذه وسيلة تهذيب معنوية جيدة لا تسبّب الشعور بالمهانة إذا تمّ استخدامها بشكل صحيح من قبل الأم بدون إفراط ولا تفريط، وبحيث يكون المكان مؤمناً للطفل لتتم مراقبته فيه من بعيد حرصاً على أن لا يقوم الطفل بأي فعل غير متوقّع قد يضرّه، كما يجب الابتعاد قدر الإمكان عن معاقبة الأبناء أثناء حدوث المشاكل بين الزوجين، ومحاولة حلّها في جو هادئ حتى لا ينعكس الأمر سلباً عليهم.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024