يقبلون على شربها لاعتبارات صحية

المياه المعدنيـة علامة تجارية تحقق الـرواج

استطلاع: فتيحة.ك

الاختيار بين المعدنية ومياه الحنفية في شهادات تنقلها «الشعب»

تشكل المياه المعدنية الاختيار الأول للكثير من المستهلكين الذين أصبحوا يقبلون عليها ولا يشربون ماء الحنفية إلا نادرا، الأمر الذي اثار فضولنا وجعلنا نتساءل عن السبب الذي يقف وراء هذا التحول الذي جعل من المياه المعدنية مرادفا لكلمة الصحة...

«الشعب» في استطلاعها هذا تنقل لقرائها آراء المواطنين الذين انقسمت بين مؤيد ورافض شرب المياه المعدنية فقط وتحويل مياه الحنفية للطبخ والتنظيف، أما الاستهلاك فلا.
محمد بن شاليب، 35 سنة، عون حراسة بإحدى المؤسسات التعليمية بالعاصمة، قال عن المياه المعدنية: «أصبح هذا النوع من المياه المفضل لدى الكثير من المواطنين، لأنها صارت مرادفة للصحة، فالمريض والطفل الرضيع والرياضي وكل شخص يحرص على صحته يشربها ويتفادى تناول ماء الحنفية التي أصبحت مصدر خوف الكثير من المواطنين، خاصة بعد الاعتماد على تحلية مياه البحر، لأن معظمهم لا يثق في التحاليل التي تجريها المصالح المعنية والتي تؤكد دائما أنها صالحة للشرب، كل تلك العوامل أدت إلى توجه اختيار المستهلك إلى المياه المعدنية التي زاد الطلب عليها ما جعل علاماتها تتنافس بقوة من أجل استقطاب المستهلك».
وأضاف محمد قائلا: «أتذكر أن استهلاك الماء المعدني في الماضي كان مقتصرا على المرضى فقط، أما اليوم فالجميع يشربه. لكن طبعا غالبا ما تصنع الإشاعة الحدث بوضع علامة في المرتبة الأولى، باعتبارها تشفي من الكثير من الأمراض، خاصة المتعلقة بحصى الكلى والجهاز الهضمي، وطبعا ستكون بالمقابل إحدى العلامات مغضوب عليها وستسمع أنها تعبأ بماء الحنفية، ما يجعل المواطن يتوجه إلى شراء العلامة التي قيل عنها إنها الدواء السحري للكثير من الأمراض، وهذا أمر مرفوض لأن المقياس الحقيقي، التحاليل التي تجرى على مستوى المخابر إن كانت حقيقة مياه معدنية أم لا».
سعيدة بوكرومة، 40 سنة، ربة بيت وأم لثلاثة أطفال، وجدناها بأحد المراكز التجارية تشتري المياه المعدنية، سألتها «الشعب» عن سبب اختيارها هذا النوع من المياه فقالت: «أصبح استعمال ماء الحنفية مقتصرا على التنظيف فقط، لأنه في كثير من الاحيان يكون مذاقه مختلفا مليئا بالتراب، وإن لم يكن كذلك فهو مشبع بمادة الجافيل والكلور ما يجعله غير مستساغ. إلى جانب أنني سمعت أن مصالح المياه اليوم أصبحت تصفي المياه المستعملة وتوجهها للشرب وهذا أمر مرفوض ولا أستطيع تقبله، وحتى إن كان ماء مالحا من البحر، فالكل يعلم أن محطة «الحامة» لتحلية مياه البحر تحلي مياه الصابلات وهي ملوثة بمختلف الفضلات المنزلية والصناعية. إلى جانب ذلك، فإن الأطباء اليوم ينصحون المرضى بشرب المياه المعدنية، لذلك شطبت من قاموسي مياه الحنفية وأصبحت كل أسبوع آتي الى المركز التجاري لشراء الماء المعدني، مع الحرص على تغيير العلامة في كل مرة، لأن كل واحدة منها تحتوي أملاحا خاصة».

المياه المعدنية لتفادي حصى الكلى

نصيرة شرقي، 39 سنة، تقني سامي في التخذير، تعمل بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، أجابت على سؤال «الشعب» قائلة: «منذ سنوات لا أشرب سوى المياه المعدنية، لأنها تحتوي على الكثير من الأملاح المعدنية المفيدة للجسم، إلى جانب أنها الأصلح. فمنذ سنوات أصيب ابني بتسمم ونصحني الطبيب بإعطائه المياه المعدنية، الأمر الذي جعلها اختياري الأول للشرب، لذلك تحولت مياه الحنفية إلى الاستعمال في الطبخ والتنظيف».
وأضافت نصيرة قائلة: «في السنوات الأخيرة عرف مرض حصى الكلى انتشارا رهيبا وسط الجزائريين، وكان من بين التفسيرات الطبية لتزايد حالات الإصابة، شرب مياه الحنفية التي في كثير من المرات تحتوي على حبيبات مجهرية من التراب يؤدي تراكمها في الكلى إلى تشكل الحصى وبالتالي الإصابة بهذا المرض الذي يستدعي في كثير من الأحيان إلى جراحة للتخلص من تلك الحجارة الصغيرة، لذلك ولتفادي الوصول إلى هذه الحالة نقي أنفسنا بالمياه المعدنية.
ربما سيقول البعض أنني أبالغ في الأمر، لكن عندما أصبح زوجي ينظف الحنفية بين الفينة والأخرى وأرى حبات الرمل مكدسة على مصفاتها، أدركت أنها بالفعل تؤدي إلى الإصابة بحصى الكلى أو المرارة».

لا أجد حرجا في شرب ماء الحنفية

كمال بن دوابس، 44 سنة، كان له رأي مغاير تماما، حيث أكد قائلا: «أجد فيما يقال عن ماء الحنفية مبالغة كبيرة ومغالطة للرأي العام، لأن الجميع ينسى أو يتناسى أنها مياه معالجة تخضع إلى أكثر من تحليل حتى توجه للاستهلاك. فمن غير المعقول أن تتعمد السلطات المعنية توجيه مياه غير صالحة للشرب أو أنها لم تخضع للرقابة للاستهلاك، فالأمر بالنسبة لي لا يتعدى إشاعات تثار هنا وهناك من أجل تسويق علامات معينة للمياه المعدنية».
واستغرب كمال قائلا: «يؤسفني سماع بعضٍ يتحدث عن الكلور أو الجافيل الموجود في الماء وكأنهما مادتان سامتان توضعان في مياه الحنفية عمدا، لأنهما مادتان تستعملان لمعالجة المياه الموجهة للاستهلاك أو الشرب، تركّز عملية تنقية المياه ومعالجتها للتخلّص من الملوّثات الموجودة في الماء وتصبح صالحة للشرب أو بالإمكان استخدامها في الأمور الشخصيّة. فتنقية المياه تتم بإزالة جميع الأجسام كالرمال والفيروسات، والبكتيريا، والطحالب، والتخلًّص من المعادن المضرة بالصحة. كما يخضع الى عملية الترشيح لتصفيته من كل تلك الشوائب، ولا يمكن نكران ما تحقق على هذا المستوى، فحتى الأمراض التي كانت منتشرة بسبب تلوث المياه لم نعد نسمع عنها كالتيفوئيد والكوليرا وأخرى كثيرة».
وذكر أن المياه المعدنية هي أيضا يجب وضعها تحت المجهر، لأننا نسمع أنها مجرد مياه عادية تعبأ على أنها مختلفة أو أنها ماء ينبوع، وهذه مغالطة كبيرة. لذلك ينبغي أن يعي المواطن أنه الورقة الرابحة في عملية تسويق العلامات التجارية، فحتى سعر هذا الماء المعدني ليس في متناول الجميع.

أخيرا...

كانت هذه عينة من آراء المواطنين حول الإقبال على استهلاكها، بل يجعلها بعضهم مرادفا للصحة، رغم أن الواقع غير ذلك، لأن ظروف الاستثمار في هذا المجال غير واضحة، كما التحاليل وطريقة استخراجها وتعبئتها في أغلب الأحيان مجهولة وغامضة، ما يثير أكثر من تساؤل. لذلك، على المواطن أن يحذر من بعض العلامات التي لا تتعدى كونها مياه حنفية في قارورة كتب على غلافها مياه معدنية، ولعله الأمر الذي جعل الأطباء ينصحون الأولياء باستعمال الماء المقطر المغلي لتحضير الأدوية، خاصة تلك الموجهة للرضع.
من خلال هذا الاستطلاع، اكتشفنا دورا مهما تلعبه الإشاعة في توجيه المستهلك أو المواطن نحو علامات معينة للمياه المعدنية، رغم أنها في كثير من الأحيان تكون غير مبررة ودون أدلة علمية، إلا أنها تسيطر وتتحكم في خيارات المواطن الذي يقع في كثير من الأحيان فريسة لأطماع تجارية تسويقية بحتة وإن كان على حساب صحته وعافيته.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024