أيــام معــدودة قبــل حلــول السنــة الميلاديــة الجديــدة

الصحراء وجهة مفضلة للاحتفال برأس السنة

استطلاع: فتيحة / ك

آراء متعـــــدّدة حـــول الحـــدث ترصدهـــا «الشعــــب»

أشجار الصنوبر، أشرطة ملونة وأضواء مختلفة الأحجام والأشكال، وكتابات مهنئة بالسنة الجديدة 2017، هي أهم ما تتزين به واجهات المحلات بالعاصمة، معلنة بداية الاحتفال بنهاية السنة الميلادية، والتي عرفت في السنوات الأخيرة رواجا كبيرا، تستعرض “الشعب” من خلال الاستطلاع مظاهر الاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية في الجزائر.

حنان معلم، 24 سنة، طالبة متربصة في شركة اتصالات، قالت عن الاحتفال بالسنة الجديدة: “رغم كل ما يقال حول المناسبة إلا أنها تبقى محطة احتفال بالنسبة للكثيرين، فمن المعايدات و التمنيات بسنة مليئة بالنجاح والتفوق إلى تخصيص ليلة رأس السنة بعشاء خاص يكون غالبا طبق دجاج، مع تحضير خليط من الشكولاطة للسهرة التي تنتهي مع الدقائق الأولى لـ 2017، بل أكثر من ذلك لي صديق يحرص على قضاء ليلة رأس السنة الميلادية في الصحراء الجزائرية، يقول أن لها سحرا، خاصة تلك اللحظات في الهقار.”
 أضافت حنان قائلة: “يحاول البعض إدخال الاحتفال في دائرة الحلال والحرام و في متاهة التشبه بالنصارى والكفار، ما جعل المواطن في حيرة كبيرة، لأننا كبلد لا نحتفل بعيد ميلاد المسيح، بل الاحتفال عندنا هو مجرد تعبير عن تفاؤل بسنة جديدة خاصة وان الإدارة الجزائرية مرتبطة في تقويمها ومعاملاتها على التقويم الميلادي، ما جعله حاضرا في حياتنا وله أهميته الخاصة بالنسبة لنا، لذلك لا أرى أن مثل هذا الكلام هو إعطاء المناسبة حجما أكبر من حجمها الحقيقي.”
زوبيدة حالي، 65 سنة، سألتها “الشعب” عن الاحتفال برأس السنة الميلادية فقالت:« تعوّدت الاحتفال بهذه المناسبة منذ صغري، وأتذكر أن والدي كان يعمل بستانيا لدى إحدى العائلات المعمرة، والتي كانت تحرس على مشاركتنا فرحتها بهذا العيد لذلك كان الأمر بالنسبة لي عاديا جدا ولا تناقض فيه مع مجتمعنا ولكن بعد ان تزوجت و أنجبت وكبر أبنائي طلب مني أصغرهم التخلي غن هذا الاحتفال لأنني بذلك سأخرج من الملة المحمدية نزل الأمر كالصاعقة على نفسي لأنني ظننت أن والدي ماتا كفارا .”
 استطردت زوبيدة قائلة:« وحتى أقطع الشك باليقين ذهبت إلى إمام مسجد الحي لأساله ان كانت هذه الفتوى صحيحة وان كان والدي و أمي ماتا على غير دين الإسلام، وبعد إجابته ارتاح بالي لأنه اخبرني أن الاحتفال بهذه الليلة لا يخرج من الملة خاصة إذا كان تعبيرا عن تفاؤل بسنة جديدة أفضل من التي سبقتها، و أكد لي انه يجب الابتعاد عن كل المظاهر التي يحتفل بها الاروبيين بهذه المناسبة من خمر ومجون و كل السلوكيات التي لا علاقة لها بمجتمعنا المسلم، وقال لي أننا حتى في ميلاد الر سول محمد صلى الله عليه وسلم ندعو الجميع إلى الابتعاد عن التبذير بخاصة فيما يتعلق بالمفرقعات و ما شابه.”
جمال سقّالو،45 سنة موظف بإحدى المؤسسات العمومية قال عن المناسبة: “أحببنا أم كرهنا المناسبة لها حضورها في المجتمع، فمع انقضاء النصف الأول من شهر ديسمبر تبدأ المحلات والشوارع تتزين بمظاهر الاحتفال وتكتسي الواجهات التجارية حلة جديدة يغلب عليها اللون الأحمر، كما انتهز الفرصة في الاستفادة من التخفيضات التي تقدمها مختلف المحلات خاصة تلك المتعلقة ببيع الملابس والعطور و الأجهزة الكهرومنزلية.”
جمال واحد ممن يحتفلون بالمناسبة وقال عن ذلك: “الاحتفال بالنسبة لي ليس مرفوضا لأنه واحد من المناسبات التي نستفيد فيها من عطلة مدفوعة الأجر، ما يسمح لنا بتخصيص الليلة بسهرة خاصة مع العائلة، ولن تكون طبعا خارج الإطار الأخلاقي والمتعارف عليه من تقاليد و أعراف، لأننا كشعب ننتهز الفرص التي تجعلنا نتفاءل بمستقبل مشرق، ولا أرى في ذلك حرجا أو خروجا عن المجتمع الجزائري، ولكن في إطار محدود، أقدم التهاني للأصدقاء والعائلة وكذا تخصيص الليلة بسهرة مع العائلة الكبيرة، نجتمع فيها لنتبادل الذكريات التي عشناها سابقا في بيت واحد، نتذكر المقالب التي كنا نقوم بها والتي كانت سببا في عقابنا في كثير من المرات”.
الجنوب وجهتي المفضّلة
حمزة حمّار، 29 سنة تقني سامي في الصحة، سألناه عن رأس السنة الميلادية فقال:« أنا من الأشخاص الذين يفضلون الاحتفال بها خارج المنزل مع الأصدقاء والأحباب، لذلك ومنذ أربع سنوات تقريبا نسافر إلى الجنوب الجزائري من أجل الاستمتاع بجوها الدافئ في الشتاء و طبيعتها الساحرة وأسرة خاصة نهاية السنة، أما هذه السنة، قررت و صديقاي السفر إلى تركيا للاحتفال بها، هي فرصة بالنسبة لنا للتعرف على الطريقة التي يستقبل بها الأتراك السنة الجديدة.”
لاحظ حمزة قائلا: “عندما توجهنا إلى الوكالة السياحية وجدنا أنفسنا وسط عدد كبير من الراغبين في السفر إلى الخارج من أجل قضاء ليلة رأس السنة بعيدا عن الوطن، في تلك اللحظة عرفت أن الجزائري لا يترك أي مناسبة الفرح تمر كلا حدث، وكانت تونس، تركيا، فرنسا و دبي أكثر الوجهات التي يفضلها الجزائريون من أجل مشاهدة الألعاب النارية و المشاركة في الاحتفالات التي تقوم بها هذه الدول بكثير من الأبهّة والبذخ، لأنها أصبحت أكثر من مجرد احتفال لأنها تجاوزته و أصبحت إحدى الوسائل المتبعة في سياستهم الداخلية لجلب أكبر عدد ممكن من السياح الأجانب، ورغم أنني أفضل الجنوب إلا أنني سأرى هذه السنة مظاهر مختلفة عن تلك التي تعوّدت عليها.”
تجارة مُربحة في موعد له خصوصيته
سيدعلي وجدناه بساحة الشهداء يبيع أنواعا من الشكولاطة و الفواكه الجافة والحلويات، قال عن الاحتفال برأس السنة الميلادية في الجزائر : “المناسبة لا تتعدى بالنسبة لي أكثر من كونها فرصة لربح المال ببيع الشكولاطة والفواكه الجافة، “الحلقومة” وحلوة الترك وكذا الحلويات، و التي يقبل عليها المواطنون لتحضير “التراز”، فمثل هذه المواد تلقى رواجا كبيرا في المناسبات المرتبطة ببداية السنة سواء كانت هجري أو ميلادية أو أمازيغية، أما ما يقال عنها فلا يهمني لأن المناسبة بالنسبة للكثيرين وقفة مع التفاؤل والأمل بغد أفضل، بل أرى أن الدولة تخلت عن كثير من مظاهر الاحتفال كإطلاق الألعاب النارية عند الساعة صفر في مقام الشهيد كان الأمر بالنسبة لجيلي أشبه بالحلم ننتظره بفارغ الصبر حتى نرى تلك الأضواء السحرية.”
  أكد سيد علي أنه ليس الوحيد الذي يرى فيه مناسبة للربح التجاري، فالكثير من المحلات وحتى بائعو الحلويات يحضرون الحلوى الخاصة بهذه المناسبة من أجل جذب المستهلك فـ« لابوش” هي الأكثر مبيعا في هذه  الأيام ورغم غلائها تلقى رواجا كبيرا وسط المواطنين.   
ذكّر سيد علي قائلا: “حقيقة تعرف ليلة رأس السنة الكثير من الحوادث الخطيرة سواء كانت مرورية أو اعتداءات على الأشخاص، إلا أنها ليست مرتبطة بهذه المناسبة لأن مدمن الخمر والمشروبات الكحولية أو المنحرف لن يكون غير ذلك قبل أو بعد المناسبة، بل يجعل منها فرصة يفعل ما يشاء خاصة وان بعض الأماكن والفنادق تخصّص الليلة ببرنامج خاص يكون في جوهره تقليد شبه كلي لمظاهر الاحتفال الغربية بالمناسبة.”
احتفال يحوّله البعض عن أبعاده الاجتماعية
هذه بعض المظاهر التي يعيشها الجزائري احتفاء بالسنة الجديدة والتي تكون في جوهرها مجرد تفاؤل بغد أفضل وأسعد، تعوّد الجزائري على الاحتفال بها بعشاء خاص يكون “التراز” و الشكولاطة سيدا السهرة، كما تعوّد المواطن على انتظار هذا الموعد، لأن المحلات تخصّص آخر أسبوع بتخفيضات على السلع، إلى جانب ذلك أصبح الإقبال على الوكالات السياحية من أجل التوجه إلى إحدى البلدان الأجنبية للاحتفال بليلة رأس السنة و لكن يبقى الجنوب الجزائري الوجهة المفضلة للكثيرين خاصة وان السفر إليه أقل تكلفة من الدول الأجنبية، إلى جانب ذلك تضع الفنادق والمطاعم برنامجا خاصا بتلك الليلة تعلن عنها في مختلف الوسائل السمعية والبصرية والملصقات الاشهارية حتى تستقطب اهتمام الراغبين في قضاء تلك الليلة عندهم.
 لكن علينا أن نعي أن الليلة تسجل فيها المصالح المختصة من حماية مدنية وأمن وطني الكثير من الحوادث الخطيرة التي قد تودي بحياة أحدهم وكثيرا ما يكون الخمر سببا في وقوعها، لذلك على كل واحد منا أن يحتفل، بحسب ما تعارف عليه المجتمع من عادات وتقاليد تميز الليلة و لا يجب تحولها إلى ليلة للانحراف، و تعاطي المخدرات وهذا منافٍ تماما لمظاهر الاحتفال في المجتمع الجزائري.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024