«الإعدام لمختطفي الأطفال» مطلب المجتمع المدني

إختطاف الطفلة «نهال» يحرك الرأي العام الجزائري

فتيحة/ك

 انقضت سنة كاملة مليئة بأحداث أخذت الجزء الأكبر من اهتمام الرأي العام، وكانت السبب في حراك اجتماعي و سياسي لأنها ضربت مقومات المجتمع الجزائري، ولعل أبرزها كان اختطاف الطفلة نهال ذات الأربع سنوات في 21 جويلية 2016 التي أخرجت المواطنين إلى الشارع للمطالبة بالقصاص العادل من خاطفي الأطفال.
الحدث لم يحرك الشارع فقط بل كل القطاعات المعنية بداية من الوزير الأول  عبد المالك سلال الذي نصب مريم شرفي مفوّضة وطنية لحماية الطفولة، مؤكدا في ذات الوقت على أن «مهمة حماية الطفولة مهمة نبيلة بالنظر إلى تقاليدنا وثقافتنا خاصة، لا سيما في ظل تطور تكنولوجيات الإعلام الحديثة وهشاشة المحيط في عالم يشهد تحوّلا مستمرا لا يستثنيان أحدا وخاصة الفئات الهشة والأطفال»، كما شدد في خطابه على ضرورة تفرّغ أعضاء هذه الهيئة الجديدة كليا وبالتنسيق مع المؤسسات المعنية لحماية حقوق الأطفال «دون تمييز فيما يخص الجنس واللون واللغة والرأي والإعاقة».
 طبقا لأحكام القانون 15 / 12 الصادر في 15 جويلية 2015، والمتعلق بحماية الطفل، فإن المفوّض الوطني لحماية الطفولة يتولى مهمة ترقية حقوق الطفل ويترأس الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة «التي تكلّف بالسهر على حماية وترقية حقوق الطفل تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي».    
كما يتولى المفوّض الوطني وفق ما ينص عليه القانون، مهمة ترقية حقوق الطفل لا سيما من خلال وضع برامج وطنية ومحلية لحماية وترقية حقوق الطفل بالتنسيق مع مختلف الإدارات والمؤسسات والهيئات العمومية والأشخاص المكلّفين برعاية الطفولة مع تقييمها الدوري، ويتولى أيضا مهمة متابعة الأعمال المباشرة ميدانيا في مجال حماية الطفل والتنسيق بين مختلف المتدخلين، فضلا عن القيام بأعمال التوعية والإعلام والاتصال. كما يعمل على ترقية مشاركة هيئات المجتمع المدني في متابعة وترقية حقوق الطفل ووضع نظام معلوماتي وطني حول وضعية الطفل في الجزائر بالتنسيق مع الإدارات والهيئات المعنية.
كما يقوم المفوّض بزيارة المصالح المكلّفة بحماية الطفولة وتقديم أي اقتراح كفيل بتحسين سيرها وتنظيمها، ويتم إخطاره من قبل كل طفل أو ممثله الشرعي أو كل شخص طبيعي أو معنوي منصوص عليه  في القانون، كما تحوّل الإخطارات التي يحتمل أن تتضمن وصفا جزائيا إلى وزير العدل حافظ الأختام، الذي يخطر النائب العام المختص قصد تحريك الدعوى العمومية عند الاقتضاء واستغلالهم وتطوير سياسات مناسبة لحمايتهم إلى جانب إبداء الرأي في التشريع الوطني الساري المفعول المتعلق بحقوق الطفل قصد تحسينه، المساس بحقوق الطفل، ويقوم بتحويل الإخطارات إلى مصلحة الوسط المفتوح المختصة إقليميا للتحقيق فيها، واتخاذ الإجراءات المناسبة طبقا للطرق المنصوص عليها.
وفي ذات السياق، تضع الدولة تحت تصرف الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة كل الوسائل البشرية والمادية اللازمة للقيام بمهامها، حيث يتعين على الإدارات والمؤسسات العمومية وكل الأشخاص المكلفين برعاية الطفولة تقديم كل التسهيلات للمفوّض الوطني ووضع تحت تصرفه المعلومات التي يطلبها، حيث لا يمكن طبقا للمادة 18 من النص الاعتداد بالسر المهني في مواجهة المفوّض الوطني لحماية الطفولة ويعفى الأشخاص الطبيعيون والمعنويون الذين قدموا معلومات حول المساس بحقوق الطفل إلى المفوّض الوطني والذين تصرفوا بحسن نيّة من أي مسؤولية إدارية أو مدنية أو جزائية حتى لو لم تؤد التحقيقات إلى أي نتيجة. وهذا إجراء مهم يمكن المواطن من مراقبة المحيط ليستطيع التفطن إلى أي عملية مشبوهة اتجاه الأطفال الذين صاروا مصدرا مهما للاتجار بالأعضاء و البشر.   
 ويعد المفوّض الوطني تقريرا سنويا عن حالة حقوق الطفل ومدى تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل، ويرفعه إلى رئيس الجمهورية، ويتم نشره وتعميمه، كما يساهم في إعداد التقارير المتعلقة بحقوق الطفل التي تقدمها الدولة إلى الهيئات الدولية والجهوية المختصة.
هذه الخطوة التي كان المجتمع المدني اعتبرها خطوة مهمة في حماية الطفولة التي أصبحت مهددة في المحيط الذي تعيش وسطه من طرف مجهولين قد يكونون أي واحد من الأسرة أو المدرسة أو الحي الذي يعيشون فيه، وهو أيضا تعبير قوي عن رغبة الدولة في إعطاء البراءة غطاء قانونيا لمعاقبة كل من تسول له نفسه سلب عالمها الأمان والسلامة .
ولأن الأطفال كوادر الغد التي تصنع بداية من مراحل النمو الأولى كان لزاما تفعيل مخطط وطني للإنذار أو التبليغ  عن اختطاف الأطفال ووضع  خط أخضر مجاني 104 في خدمة المواطنين ليكونوا هم أيضا جزءا من سياسة الدولة لحماية أطفالنا من الأيادي الآثمة، و يكون تحت إشراف وكيل الجمهورية مع  إشراك كل الهيئات العمومية المعنية (وسائل الإعلام العمومية بأكملها، الدعائم الإعلانية، متعاملي الهواتف، الموانئ، المطارات، محطات السفر...) في عملية إنذار منسّقة مسبقا قصد إيجاد الطفل المعرّض للخطر على قيد الحياة في أقرب الآجال الممكنة، بغية ترسيخ ثقافة الإسراع لدى المواطن للتبليغ عن اختفاء الأطفال، لمساعدة الهيئات العمومية على تفادي النهاية المأساوية كالقتل أو الاعتداء على الضحية.
ولا يمكن أن نتحدث عن ظاهرة اختطاف الأطفال دون الإشارة إلى المطلب الرئيسي للمجتمع بكل أطيافه المتمثل في تفعيل حكم الإعدام في حق مختطفي الأطفال لردع كل من تسول له نفسه سلب البراءة حقها في الحياة، فضرب البنية التحتية هي أكبر جريمة يمكن لمجتمع أن يتعرض لها، ما يشكل خطرا حقيقيا على مستقبل الجزائر، و بعد 23 سنة من تجميده، أصبح العمل بهذا الحكم أمرا ضروريا، لأننا أمام ظاهرة جعلت من الآباء مستنفرين في كل وقت لحماية أبناءهم ما يؤثر سلبيا على بناء شخصية الطفل و الجو العام الذي يسود حياته.
ولا يمكن أن نعزل هذه الظاهرة عما يعيشه المجتمع من اختناق أخلاقي وانحراف عن مبادئه الاجتماعية وتقاليده التي تصنع خصوصيته وتميزه، لذلك لا بد من فهم الدروس جيدا وأخذ العبر لأننا إن لم نتحرك بجدية سيهوي الجميع إلى الأسفل، ولعل الجرائم البشعة التي هزت المجتمع الجزائري في 2016 خير دليل على وجود تحول في الشخصية العدوانية التي حولت جرائمها إلى حبكة هوليودية يتشارك فيها الجميع ولعل ولوج القصر و النساء عالم الجريمة يتطلب منا وعيا أكبر بالمهمة الملقاة على عاتقنا كأفراد و كمجتمع مدني و كسلطة تعمل على خلق جو عام نقي وسليم من الآفات الاجتماعية التي غالبا ما تكون مرتبطة بالظروف القاسية التي يعيشها الجاني.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024