تجارب في الميزان

لا تجعل فشل الآخر نجاحك

لا يقتصر الوأد على الجسد، فهناك من يئدون مواهب أبنائهم وهم لا يدركون، سواء كان ذلك بالتهرب من الإجابة عن أسئلتهم الطفولية البريئة، التي تسعى إلى إشباع فضولهم أو من خلال إجبارهم على حب ما لا يحبون، وحين نقرأ عن بدايات علماء وأدباء في الغرب قد نتفاجأ بالأساليب التي تم بها اكتشاف مواهبهم مبكراً، وعلى سبيل المثال كان ونستون تشرتشل أشهر رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا ينصرف عن الدرس والإصغاء إلى المعلم ليرسم دوائر عديدة ذات مركز واحد وحين لاحظ أحد المعلمين ذلك عرضه على المشرف النفسي في المدرسة، الذي اهتم به واكتشف أن ما يقوم به له دلالات ذات علاقة بالتركيز، وكانت حياة تشرتشل كلها ستتغير لو لم يجد مثل ذلك المعلم، وهناك عشرات الأمثلة عن علماء كان يمكن وأد مواهبهم لو أن ذويهم ومعلميهم لم ينتبهوا إلى ذكائهم المبكّر، ولا نحتاج إلى كثير من الخيال لنتصور أن تشرتشل كان سيصبح سائق شاحنة أو موظفاً عادياً في بيئة أخرى أساءت فهم ألعابه وميله المبكر إلى التركيز.
في العالم العربي الآن رغم وفرة الجامعات والمعاهد، واستخدام أحدث منجزات التكنولوجيا،  نجد وأد المواهب، لكنه يتم أحياناً بنوايا حسنة وليس على طريقة أهل الجاهلية، والكشف المبكر عن المواهب لدى الأطفال يتطلب أخصائيين في علمي النفس والاجتماع، إضافة إلى المدرسين، لأن فضول الموهوبين قد يسوقهم إلى مخارج تبدو غريبة وغير مألوفة بحيث يوصف بعضهم بالجنون! إن وأد موهبة واحدة يتضرّر منه المجتمع بأسره، وليس فرداً واحداً هو ضحية هذا الوأد!
ما يكتبه علماء عرب هاجروا إلى الغرب لا يخرج عن هذا السياق، ومنهم كالراحل أحمد زويل الفائز بجائزة نوبل  وهو من يقول، إنه لو بقي في وطنه لما حقق أحلامه، ويضيف أن الفاشل في الغرب يجد من يسنده ويعينه كي ينجح بعكس الناجح في عالمنا العربي الذي يحاول من يحيطون به إفشاله، وهذا ما كرره الراحل هشام شرابي، وهو من أبرز الأكاديميين العرب الذين عاشوا في أمريكا فقد قال إن المعادلة لدينا معكوسة لأن فشل أخي هو نجاحي!!

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024