مربو تيبازة يتجاوزون التزامات عقد النجاعة

تردد في الانضمام إلى البرنامج الوطني

تيبازة: علاء. م

كشف العديد من مربي الأبقار الحلوب بتيبازة، عن معاناتهم الشديدة مع ندرة المراعي وقلة الأراضي المخصصة لزراعة علف الأبقار، في وقت تشهد مختلف المنتجات المستعملة لتغذية هذه الحيوانات ارتفاعا ملحوظا بالسوق الوطنية، الأمر الذي أرغم هؤلاء على المطالبة الملحة بإعادة النظر في تسعيرة الحليب المعتمدة حاليا من طرف المصالح الفلاحية.
وبحسب هؤلاء المربين دائما، فإن سعر ليتر واحد من الحليب يسوق بـ33دينارا للمجمّعين ويستفيد من دعم ثابت قدره 12 دينارا بما يعادل 45 دينارا للتر، في حين أن السعر الحقيقي له يصل في الواقع إلى حدود 60 دينارا، ويضطر المربون في هذه الظروف إلى بيع أبقارهم لتعويض الفارق، لاسيما في ظل الغلاء الفاحش الذي ضرب معظم المنتجات المستعملة لتغذية الأبقار، فيما اضطر بعضهم لتغيير النشاط بصفة كلية، كما هو حاصل بقرية الزاوية ببلدية بوهارون، أين كان ينشط 6 مربين خلال سنوات مضت، ولم يبق منهم بعين المكان حاليا سوى مربيين اثنين فقط. وأكّد المربون أنهم يضطرون إلى استئجار الأراضي لزراعة المنتجات ذات الصلة بتغذية الأبقار، إلا أنّ ذلك يبقى غير كاف لتطويق الأزمة، مشيرين الى أنّ سعر النخالة التي تشبع ولا تدر الحليب بلغ 220 ألف للقنطار الواحد، وفاق سعر الذرة 320 ألف للقنطار والصوجا 550 ألف للقنطار، إضافة إلى 600 دينار لحزمة التبن، وهي كلها مؤشرات لا توحي بظروف عمل مريحة ومربحة للمربين، ومن ثم فقد طالب هؤلاء بإعادة النظر كلية في السياسة المنتهجة لجمع الحليب من خلال توفير المراعي أو الأراضي المخصصة لتغذية الأبقار كخطوة لابد منها لتوفير المنتجات الرعوية المدرة للحليب وخفض تكاليف الانتاج، مؤكدين أن السياسة المنتهجة حاليا سترغم عديد المربين، إما على تسويق منتوجهم بالسوق السوداء خارج أطر المراقبة والمتابعة وإما التوقف نهائيا عن ممارسة النشاط.
على صعيد آخر، كشفت مصادرنا من مديرية المصالح الفلاحية لولاية تيبازة، عن تجاوز كمية الحليب المنتجة بالولاية لما هو منصوص عليه بعقد النجاعة الذي يربطها بالوزارة الوصية، حيث بلغ الإنتاج خلال السنة المنصرمة 30 مليون لتر، مقابل 27 مليون لتر يشير إليه عقد النجاعة، وتضاف إليها 4 ملايين لتر تتعلق بحليب الماعز لا يتم جمعها على الإطلاق. ويبقى العائق الأكبر الذي لايزال يرهق القائمين على هذه الشعبة، يكمن في رفض المربين الانضمام إلى البرنامج الوطني لجمع الحليب، حيث تبقى الكمية المجمعة حاليا دون تطلعات القائمين على هذه الشعبة.
وفي هذا الإطار، فقد أشارت مصادرنا من مديرية الفلاحة، إلى مجموعة من العراقيل التقنية التي تحول دون تمكّن مصالحها من توسيع برنامج جمع حليب البقر لفائدة مصانع إنتاج حليب الأكياس، وأشارت مصادرنا، الى انّ الخطوات المحتشمة في هذا الإطار، منذ سنة 2003 الى اليوم، تبقى بعيدة كلّ البعد عن تلبية الاحتياجات وسدّ العجز الملاحظ في هذه المادة الحيوية، بالنظر الى كون عملية الجمع تمس حاليا مليوني لتر من حليب البقر منتج على مستوى الولاية، بحسب التقديرات والأرقام الرسمية، التي هي بحوزة المصالح الفلاحية.
وفي ذات السياق، فقد أشار مصدرنا الى انّ عدد الابقار الحلوب بالولاية يبلغ حاليا 5200 بقرة من بين 12 ألف بقرة إجمالا، إلا أنّ عدد المربين المعتمدين المؤهلين للبرنامج المعتمد محليا لجمع الحليب لايزال متواضعا، في حين يبلغ العدد الاجمالي للمربين حاليا أكثر من ألف، بمن فيهم أولئك الذين يحوزون على بقرة واحدة، بحيث يعكف 11 مستثمرا على عمليات الجمع ونقل كميات الحليب المتوفرة من اسطبلات المربين الى مراكز التحويل والانتاج. مع الاشارة الى أنّ معدل كمية الحليب المجمعة خلال السنة يقدر بـ2 مليون لتر، في حين انّ الكمية الاجمالية المنتجة بالولاية تقدّر حاليا بـ30 مليون لتر سنويا، بما يفيد أنّ كميات هامة من حليب البقر و4 ملايين لتر من حليب الماعز لاتزال توجّه للاستهلاك المحلي الضيّق بطرق غير مراقبة وغير مأمونة العواقب، بالنظر إلى كون معظم اسطبلات تربية البقر، على كثرتها، لم تعتمد رسميا من طرف بياطرة المصالح الفلاحية لعدم استيفائها الشروط القانونية المرتبطة بالجوانب الصحية والترتيبات التقنية، مما يبقي على احتمالات إنتاج حليب فاسد على درجات عالية من الخطر.
وإذا كانت وزارة الفلاحة قد أعدّت مجموعة من المنح التحفيزية، فإنّ المربين لايزالون مترددين في مسألة الانضمام الى البرنامج الوطني لجمع الحليب ويتحججون في ذلك بحجج مختلفة، يأتي في مقدمتها كون الاستثمار في النشاط يقتضي أرصدة مالية ضخمة ولذلك فإنّ معظم المربين لم يتمكّنوا الى حدّ الساعة من الانضمام الى البرنامج الذي يرمي الى سدّ الاحتياجات الوطنية من الحليب المقدّرة بـ2 مليار لتر، في حين يتمّ جمع نصف هذه الكمية فقط حاليا، وتسعى المصالح الفلاحية بالولاية حاليا لرفع عدد مراكز التجميع من 2 حاليا الى 4 أو 5 مراكز خلال السنوات المقبلة، مع مباشرة عملية تحسيس وتوعية في الوسط الفلاحي والاجتماعي تتعلق بالتقليل من استهلاك حليب الغبرة في ظلّ توفر كميات معتبرة من الحليب الطازج.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024