تبرز الذكرى 63 لعيد الاستقلال كمناسبة وطنية مهمّة، ومحطّة فارقة لاستذكار ما تم تحقيقه في تاريخ الجزائر المستقلّة، فالمناسبة بكل رمزيّاتها ودلالاتها التاريخية، تبقى شاهدةً بصدق وواقعية عن حجم التحوّلات الكبرى التي شهدتها الجزائر منذ الاستقلال، خصوصاً بولايات الجنوب التي لطالما عانت إبان الحقبة الاستعمارية، قبل أن تحظى قبل سنوات قليلة خلت بالتفاتة كبيرة أعادتها إلى مكانتها المستحقّة في ظل سياسة تنموية شاملة ومُنصفة.
شهدت الجزائر منذ الاستقلال جملة من الانجازات الضخمة التي شملت معظم مناطق الوطن، غير أنّ ما شهدته الولايات الجنوبية من تنمية غير مسبوقة تستحق وقفة تأمّل وإشادة، كونها مكتسبات أعادت كتابة المفاهيم وغيّرت من الصورة النمطية لولايات الجنوب بأنها مناطق صحراوية قاحلة غير صالحة للزراعة ولا تمتلك أدنى مقوّمات التنمية الحقيقية.
وفي هذا السياق، أوضح عضو المكتب الولائي للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين بتندوف، مصطفاوي مخطار، أنّ ولايات الجنوب أضحت اليوم فضاء للزيارات لوزراء ولجان وزارية وتقنيّين، يتعاقبون على زيارة هذه الولايات لتجسيد ومراقبة المشاريع الضخمة التي استفادت منها، مشيراً إلى أنّ هذه المناطق تشهد إنجاز مشاريع وطنية كبرى بأبعاد إقليمية، على غرار إنشاء 04 مناطق للتبادل الحر كلّها بولايات الجنوب، من أصل 05 مناطق عبر التراب الوطني، بالإضافة إلى المعبر الحدودي مصطفى بن بولعيد الرابط بين الجزائر وموريتانيا، والخط المنجمي الغربي وتوأمه الشرقي، والطريق العابر للصّحراء الذي يربط تندوف بالزويرات الموريتانية، وهي مشاريع كبرى عزّزت من مكانة ولايات الجنوب كمفصل استراتيجي يؤهّلها لتكون جسراً اقتصادياً، تجارياً وصناعياً يربط غرب إفريقيا والساحل بالبحر المتوسط.
وقال عضو المكتب الولائي للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين بتندوف، إنّ ولايات الجنوب باتت محط اهتمام متزايد من طرف السلطات العليا بالبلاد، وهو ما تترجمه فعلياً الزيارات المتتالية للمسؤولين والمستثمرين ورجال الأعمال لهذه الولايات، والتي مهّدت لزيارتين تاريخيّتين لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون إلى ولاية تندوف، ثم إلى ولاية بشار بعدها بعام، في خطوة تعكس الإرادة السياسية القوية لإعادة بعث الروح في ولايات الجنوب بما يحقّق العدالة الاجتماعية المنشودة ويقلّص من الفوارق الاجتماعية والتنموية بين مختلف مناطق الوطن.
وعبّر مصطفاوي في حديثه لـ»الشّعب» عن تفاؤله بتحقيق المزيد من المكتسبات، مستنداً في ذلك إلى المعطيات الإيجابية التي تسجّلها بلادنا على المستوى الاقتصادي في ظل إلتفاف الشعب حول قيادته السياسية، إلى جانب المسار المشجّع للأمن والسكينة العامة اللتان ترافقان الحركية التنموية الراهنة.
وقال بأنه من المجحف تقزيم ما تحقّق من نتائج معتبرة ومكاسب غير مسبوقة في الاقتصاد الوطني، مؤكّداً بأنّ هذه النتائج الايجابية لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تتعدّاه إلى تسجيل مكاسب دبلوماسية أعادت للجزائر بريقها المعهود على الصعيد القاري، المتوسطي والعالمي، وتكلّلت بعضوية الجزائر في مجلس الأمن لسنتين متتاليتين، إلى جانب انخراطها بقوة في اتفاقيات شراكة أعادت للبلاد وزنها الإقليمي والدولي، وساهمت في جعلها وسيطاً صاحب يد بيضاء في حل النزاعات الداخلية والخارجية في العديد من الدول.
المتحدّث وهو يعدّد إنجازات الجزائر المستقلّة، خلُص إلى أنّ التنمية التي باتت شواهدها بادية للعيان، قد قلّصت بشكل كبير من حدّة الفوارق الاجتماعية بين الشمال والجنوب، وأصبح المستوى المعيشي لسكان الجنوب مطابقاً لسكان الولايات الشمالية بفضل تقسيمين إداريّين أقرّهما رئيس الجمهورية، ومرافقة هذا القرار بإنشاء المرافق العمومية والمطارات والساحات العمومية والجامعات والخدمات الصحية والتعليمية، التي تتطابق بين مختلف ولايات الوطن بفضل الرؤية التنموية التي أقرّها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وأشرفت على تجسيدها السلطات المحلية بولايات الجنوب.
ودعا مصطفاوي شباب ولايات الجنوب إلى تثمين وعدم نكران ما تم تحقيقه من مكاسب منذ الاستقلال، وإجراء مقارنة بسيطة عما كانت عليه الجزائر قبل سنوات، محذّراً من مغبّة الانخراط في المؤامرات الدنيئة التي تُدار في غُرف مظلمة خارج تراب الوطن وتستهدف بلادنا من بوابات الجنوب، من خلال نشر المخدرات والحبوب المهلوسة التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار الداخلي وتوريط شباب اليوم في قضايا التهريب والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
واقترح المتحدّث الاحتكاك أكثر برموز الثورة لأخذ العِبر والدروس التاريخية من أجل تقوية الجبهة الداخلية، مؤكّداً بأنّ دراسة التاريخ ليست من باب التذكير بمآثر الرعيل الأول من المجاهدين والشهداء فحسب، بل لاستنباط الدروس والوقوف عند المحطات المهمة من تاريخ بلادنا المجيد.