شكّلت الاحتفالات المخلّدة للذكرى الثالثة والستون لعيد الاستقلال فرصة لتدشين العديد من المشاريع بولايات الجنوب ومناسبة لاستحضار ما شهدته الجزائر من طفرة تنموية خلال السنوات القليلة الماضية، كما أن غمرة الاحتفالات بذكرى استرجاع السيادة الوطنية كانت سانحة لتسليط الضوء على مختف المشاريع التي عرفتها بلادنا، خاصةً في ولايات الجنوب التي أصبحت مسرحاً للعديد من المشاريع الكبرى والبرامج المهيكلة التي أضحت عنواناً لمرحلة جديدة من النهضة الاقتصادية والاجتماعية.
حملت الاحتفالات المخلدة لعيد الاستقلال، هذه السنة، طابعاً تنموياً غلب على معظم الأنشطة الرسمية التي احتضنتها ولايات الجنوب، فعلى غير العادة، تجاوزت الاحتفالات سياق التذكير بالماضي البطولي وبمآثر الرعيل الأول من المجاهدين والشهداء، لتقترن بتدشين جملة من المشاريع التنموية ووضع حجر الأساس لمشاريع أخرى، في صورة تعكس التزام الدولة الراسخ بتقليص الفوارق الاجتماعية بين الشمال والجنوب، ورسالة واضحة المعالم على توجّه الدولة نحو رسم معالم مستقبلٍ مشرق في كنف الجزائر المنتصرة.
فقد شهدت ولاية بشار وضع حيّز الخدمة للمحوّل الكهربائي للتوتّر العالي في إطار تعزيز وتأمين الطاقة الكهربائية لسكان الولاية خلال فصل الصيف، وهو عينة من العديد من المشاريع التنموية الأخرى التي استفادت منها بلديات ودوائر وقرى الولاية منذ الزيارة التاريخية التي قادت رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الى الولاية أواخر شهر أفريل الماضي.
في حين، تم وضع حجر الأساس لمشروع دراسة ومتابعة وإنجاز ثانوية جديدة بولاية أدرار بطاقة استيعابية تصل الى 1000 مقعد، بالإضافة الى تدشين ووضع حيّز الخدمة عيادة طبية متعدّدة الخدمات في إطار الاستثمار الخاص، الى جانب المشاريع السكنية وشق الطرقات وإعادة الاعتبار للأرصفة والعديد من مشاريع التهيئة الحضرية التي استفادت منها ولايات الجنوب.
الاحتفالات بولاية تندوف كان لها طعمٌ آخر، وحملت في طيّاتها مشاريع اقتصادية محلية بأبعاد وطنية، حيث شهد يوم الخامس جويلية الجاري وضع آخر عارضة خَرسانية في الشطر الرابط بين تندوف وغار الجبيلات من خط السكة الحديدية، وهو الحدث الذي وضع الجزائر على مرمى حجر من الاستغلال الفعلي لمنجم الحديد بغار الجبيلات وفتح الآفاق لتسليم باقي أجزاء المشروع الممتد على مسافة 950 كلم.
كما شهدت الولاية بذات المناسبة وضع حجر الأساس لمشاريع جديدة ووضع في الخدمة مشاريع أخرى شكّلت إضافة نوعية للمنطقة، مدفوعة في ذلك ببرنامج تكميلي وجد طريقه نحو التجسيد الفعلي بفضل التسهيلات والمتابعة الحثيثة اللتان حظي بهما.
المشاريع التي رأت النور بولايات الجنوب عشية الاحتفال بالذكرى الثالثة والستون لعيد الاستقلال، لم تأت من فراغ ولم تكُ خبطَ عشواء، بل جاءت نِتاج إرادة سياسية قوية حوّلت الجنوب الى مركز استراتيجي للتنمية ومسرحاً للعديد من المشاريع الطاقوية والمنجمية والتجارية الكبرى، فبعد عقود من السُبات والركود التنموي.
قفزت ولايات الجنوب لتتبوأ مكانة مرموقة في المشهد الاقتصادي الوطني، ووجهة مفضّلة للاستثمارات الوطنية والأجنبية بفضل حزمة التحفيزات التي حسّنت مناخ الاستثمار بالجنوب خاصةً في قطاعات المنشآت القاعدية، الفلاحة، الطاقة والإسكان، في إشارة واضحة بأن هذه الديناميكية التنموية التي تعيشها ولايات الجنوب، هي خير وفاء لرسالة الشهداء الذين ناضلوا من أجل جزائر واحِدَة، مُوحَّدَة ومُوحِّدة.