تصنف ولاية سكيكدة ضمن الولايات الجزائرية الأكثر عرضة لخطر الفيضانات، حيث عانت على مدار سنوات من تكرار مشاهد الغرق في عدد من الأحياء والمناطق المنخفضة، ما جعلها محل متابعة خاصة من طرف السلطات العليا في البلاد، وقد وجه وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، خلال مراسم تنصيب الوالي الحالي، تعليمات صارمة بضرورة إعطاء أولوية قصوى لهذا الملف الحساس.
تبنت السلطات الولائية والمحلية لولاية سكيكدة نهجا ميدانيا قائما على المتابعة الدائمة لتجسيد مخطط الوقاية والتدخل ومتابعة مشاريع التهيئة والحماية من الفيضانات، أبرزها المشروع الاستراتيجي المتعلق بإنجاز شبكة التطهير في حي مرج الذيب، والذي يعد من بين أكثر الأحياء تضررًا خلال المواسم الممطرة، إلى جانب حي الإخوة ساكر.
ويهدف، هذا المشروع الحيوي إلى حماية التجمعات السكنية الواقعة في المناطق المنخفضة لمدينة سكيكدة من خطر تسرب المياه، وذلك من خلال إنشاء شبكة مزدوجة لتصريف المياه المستعملة ومياه الأمطار، ويشمل المشروع إنجاز حوض تجميع ومصب إعصاري لضخ المياه، بالإضافة إلى تركيب قنوات خرسانية مسلحة بأقطار مختلفة إلى جانب قنوات تسمح بتصريف فعّال ومستدام للمياه.
وقد تم تمويل المشروع كليا من ميزانية بلدية سكيكدة، بتكلفة فاقت 48 مليار سنتيم، وانطلقت الأشغال بتاريخ 8 فيفري 2024، فيما حددت المدة التعاقدية لإنهائه بـخمسة أشهر، وسط متابعة ميدانية صارمة من قبل المسؤول الأول عن الولاية لتدارك التأخيرات السابقة.
وفي سياق متصل، تم الانتهاء مؤخرا من مشروع إعادة تأهيل محطة الرفع الرئيسية بحي مرج الذيب، بتكلفة إجمالية بلغت 10 ملايير سنتيم، وتضم المحطة 06 مضخات، 04 منها مخصصة للمياه المستعملة، و02 لمياه الأمطار، وهو ما يعزز من القدرة التقنية للبلدية في التعامل مع كميات المياه الكبيرة أثناء التقلبات الجوية.
وموازاة مع المشاريع الهيكلية، أطلقت السلطات المحلية حملات ميدانية شاملة للتنظيف الوقائي للبالوعات ومجاري الأودية، تحضيرًا لموسم الخريف والشتاء المقبلين، وتفاديا لانسداد الشبكات خلال التساقطات الغزيرة، وتمت هذه الحملات في إطار تنسيق متعدد القطاعات، بمشاركة مؤسسات وجمعيات محلية وفعاليات من المجتمع المدني.
بلديــات دائرة ابـن عـزوز تباشـر حملات استباقية
باشرت بلديات دائرة ابن عزوز، شرق ولاية سكيكدة، تنفيذ حملات تنظيف وتطهير استباقية تستهدف الوديان، البالوعات، مجاري المياه، وحواف الطرقات، وذلك بهدف الحد من خطر الفيضانات وتحسين أداء شبكات تصريف مياه الأمطار، التي غالبا ما تتعرض للانسداد بفعل تراكم الأوساخ والردوم.
وتأتي هذه الإجراءات في إطار خطة محلية استباقية وقائية تنسجم مع توجهات السلطات الولائية التي شددت في أكثر من مناسبة على ضرورة التحضير المسبق لموسم الأمطار، خاصة بعد التجارب السابقة التي شهدت فيها بعض المناطق الحضرية شللًا كبيرًا نتيجة غزارة التساقطات.
وفي هذا الإطار، باشرت بلدية بكوش لخضر أشغال تنقية شعبة «بلقرابص»، باستخدام آلة حفر تابعة للخواص، إلى جانب تنظيف حواف الطرقات لمعالجة النقاط السوداء المحتملة التي قد تُشكل بؤرًا للفيضانات عند تساقط الأمطار. وتُنفّذ العملية على مراحل لتغطية جميع المناطق الحرجة.
أما في بلدية المرسى، فقد شملت العملية الشعبة المحاذية للطريق الرابط بين محور الدوران «الرميلة» وحي 20 مسكنًا اجتماعيًا، باستخدام آلة حفر ثقيلة، كما انطلقت حملة تطهير إضافية بحي الشهيد «قايدي محمد»، في ظل مؤشرات محتملة على تسجيل تساقطات قوية خلال الأسابيع المقبلة.
بلدية ابن عزوز بدورها، ركزت تدخلاتها على تنظيف حواف الطريق الولائي المؤدي إلى منطقة الزاوية، إلى جانب إزالة النفايات والردوم الناتجة عن الأشغال، والتي غالبًا ما تتسبب في غلق المسالك المائية. كما تم تسريح المنشآت الفنية لتصريف مياه الأمطار، بما في ذلك البالوعات والمجاري الجانبية.
وبالتنسيق مع الديوان الوطني للتطهير وحدة ابن عزوز، أطلقت البلدية حملة تطهير واسعة لشبكة الصرف الصحي، مست حي 144 مسكنًا اجتماعيًا والشارع الرئيسي بمركز البلدية، حيث جرت العملية باستعمال عتاد يدوي وجرار تابع للبلدية، ومن المنتظر أن تستمر لتشمل مختلف التجمعات السكنية.
وتندرج، هذه التحركات ضمن جهود السلطات المحلية للرفع من جاهزية الأحياء السكنية ومرافقها لمواجهة فصل الخريف، خاصة وأن ولاية سكيكدة تُعد من المناطق الحساسة من حيث البنية الطوبوغرافية، وكثافة الأمطار المسجلة خلال السنوات الأخيرة.
وينتظر أن تسهم هذه الحملات، في حال مواصلتها بوتيرة منتظمة، في تجنّب تكرار سيناريوهات الغرق والانقطاع المروري التي تشهدها بعض المحاور سنويا، فضلا عن خلق وعي محلي بضرورة الوقاية كأولوية تنموية.