في اجتماع الحكومة بالولاة، رئيس الجمهورية:

مكافحة الفساد مقترنة بحماية المسؤولين النزهاء

قصر الأمم: حمزة محصول

 ثقتنا كبيرة في ولاتنا... وسيقودون قاطرة الاستثمار

 قطعنا أول خطوة للخروج من اقتصاد الريع

رسم الرئيس تبون، خارطة طريق جديدة لولاة الجمهورية، سيكون عليهم العمل بها، بدءاً من يوم غد الأثنين. وتمزج بين أخلقة الحياة العامة والحصانة القانونية للمسؤول المحلي، مهما كانت رتبه، حتى يتسنّى له تنفيذ المهام الموكلة له، دون هواجس الوقوع تحت طائلة المتابعة القضائية بتهم الفساد، أو المبالغة في التذرع بهذه الحجة لتعطيل واجبات المرفق العمومي.
جاء هذا خلال الاجتماع الثالث للحكومة بالولاة، الذي أشرف على افتتاحه، أمس، بقصر الأمم بالعاصمة، والذي اختير له شعار: «إنعاش اقتصادي، توازن إقليمي وعدالة اجتماعية».
وبالنسبة لرئيس الجمهورية، يعبر الشعار عن المرتكزات الأساسية للالتزامات المسطرة قصد الاستجابة لتطلعات المواطنين في السكن، الشغل، الصحة، البنية التحتية، التنمية، الرقمنة، إنتاج الثروة والانتقال الطاقوي وغيرها من المجالات.
ويجري تنفيذ هذه الالتزامات، بالسهر على المتابعة والتقييم والرقابة، «مع السعي الدؤوب لتعزيز الترسانة القانونية لمحاربة الفساد وضمان الشفافية»، ليؤكد الرئيس اقتران هذه الأخيرة (الترسانة القانونية) بحماية المسيرين النزهاء.
وأعلن أن هذه «الحماية» جسدت بتعليمات مكتوبة «وستدعم بقانون خاص»، والذي سيحدد العلاقة بين المرفق العام والمتعاملين الاقتصاديين. مشيرا إلى المرسوم الرئاسي الذي منع الاعتداد بالرسائل المجهولة لمباشرة التحقيقات ضد المسيرين، وعوضت بالتوجه لوسائل الإعلام الوطنية، ونشر كل ما يثبت تورط المسؤول المعني بالفساد.
كما أصدر رئيس الجمهورية، تعليمة مكتوبة، أواخر الشهر الماضي، تنص على أن الشروع في التحريات لا يتم إلا من المصالح الأمنية المركزية على مستوى العاصمة، ولا تتم إلا بترخيص من الوصاية ممثلة في وزير الداخلية والجماعات المحلية.
وكل هذه التدابير غير المسبوقة، جاءت «بهدف عدم الوقوع في المبالغات في الاتهامات، فلابد أن تكون الشبهة أو التهمة واضحة». وقال الرئيس مخاطبا ولاة الجمهورية، «مهمتكم الأساسية هي الترخيص والإمضاء، ومادام لا يوجد مقابل مادي له أو لعائلته فليؤدي مهمته بعينين مغمضتين».
وتابع: «إذا لم يستقبل والي الولاية، المستثمر فمن سيستقبله؟، سيقع فريسة للوسطاء الذين يتكلمون (زورا) باسم الولاة والوزراء وحتى باسم الرئيس»، مستطردا بأن من تم محاسبتهم لحد الآن، كان بسبب قضايا فساد لا غبار عليها، مستدلا بأن «المسؤول الذي يتقلد المنصب لـ5 أو 6 أشهر ثم يشتري فيلا بباريس فأمره واضح».
ليأمر الولاة بالشروع في أداء مهامهم بكل فعالية، حتى يكونوا قاطرة الاستثمار والتنمية، فور انتهاء هذا الاجتماع، وختم مؤكدا «نثق فيكم... وتم تعيينكم بعد تحريات وأنتم نزهاء».
هذه الشحنة المعنوية الكبيرة التي منحها الرئيس للولاة، توجت بالإشادة في جهودهم، في مواجهة محنة جائحة كورونا إلى جانب «الجيش الأبيض»، معتبرا أن اندماجهم في هيكل محاربة الوباء أثمرت نتيجة إيجابية، وأخرجت البلد سالما من الموجة الثالثة، «وتجعلنا اليوم، نفتخر بالأرقام الضئيلة التي نسجلها يوميا مقارنة بدول تفوقنا قدرات وإمكانات».
أول لقاح جزائري
في سياق حديثه عن الأزمة الصحية، أعلن الرئيس عن إنتاج «أول لقاح جزائري لكورونا، في قسنطينة مع أصدقائنا الصينيين، في 29 سبتمبر الجاري»، مشيدا بهذا الإنجاز «وبكل من يقاسموننا طموح البلاد حتى تكون قاطرة وليست مقطورة لأي أحد».
وأمر في الوقت ذاته، بالاستعداد لموجة رابعة في حالة حدوثها، وذلك بتجهيز جميع المستشفيات بمولدات الأكسجين، وتجهيز المصانع بشحنات النقل الخاصة بهذه المادة، علما أن الإنتاج الوطني يقدر حاليا بـ500 ألف لتر يوميا.
توازن ميزان المدفوعات
رئيس الجمهورية قدم معطيات مبشرة عن الاقتصاد الوطني، حيث أكد «ومثلما وعد» بتحقيق توازن ميزان المدفوعات بحلول نهاية السنة الجارية، وهي المرة الأولى التي يتحقق هذا التوازن منذ دخول البلاد منطق الريع، وقد تميل الكفة لصالح المداخيل إذا ما احتسب لها صادرات بعض المتعاملين الخواص.
وأمام هذه المؤشرات، شدد رئيس الجمهورية، على كسر الجمود الحالي الذي يضر «بالبلاد والعباد»، وعدم «الإنصات لمثبطي العزائم»، والعمل على خلق الثروة ومناصب الشغل بامتلاك نظرة استشرافية تأخذ بعين الاعتبار الارتفاع المضطرد للكثافة السكانية سنويا.
3.1 مليار دولار صادرات
وكشف الرئيس، بأن الجزائر ماضية في تحقيق هدف تصدير أزيد من 4 مليار دولار خارج قطاع المحروقات، سنة 2021، وقال: «في الوقت الذي أحدثكم فيه، صدرنا 3.1 مليار دولار وسننهي السنة بـ4.5 مليار دولا»، مضيفا بأنها «المرة الأولى منذ 20 سنة تتجاوز البلاد صادرات بـ1.9 مليار دولار خارج النفط والغاز.
واعتبر الرئيس، أن هذه الأرقام تؤشر على اجتياز الجزائر المرحلة الصعبة وتتأهب للخروج من نفق الاقتصاد غير المدمج وغير المتفاعل مع محيطه والقائم على الاستيراد.
ومع ذلك، يظل الاقتصاد الوطني «اقتصادا متخلفا» يفرض «علينا الانتقال إلى اقتصاد المعرفة ولم يعد مقبولا الانتظار في مجال الاستثمار، كونه الضامن للإنعاش الاقتصادي وإنتاج الثروة»، داعيا إلى العمل على تقوية وتحويل الإنتاج الوطني.
وأمر في السياق، بوضع ورقة طريق ذات طابع عملياتي ملموس، يبدأ بإحصاء «مدونة الاستثمار» التي تشير إلى وجود 33 ألف عملية متوقفة أو لم تنطلق، مانحا مهلة لآخر السنة، ليتم تطهيرها نهائيا بتفعيل المشاريع القائمة وإلغاء تلك التي لا يمكن إطلاقها.
وفي المقابل، وجه الرئيس تبون بطي ملف مناطق الظل نهائيا خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. وتأسف من جهة أخرى، لما ميز الدخول المدرسي، من عدم استيفاء مدارس على مطاعم وعلى النقل المدرسي، مؤكدا تسجيل 537 مدرسة لا تتوفر على النقل و117 مدرسة لا تتوفر على الإطعام، مشددا على حل هذا الإشكال خلال الأسبوع الجاري.
حل مشكل العقار
وأمر رئيس الجمهورية بحل جذري لمشكل العقار الصناعي، قبل نهاية العام الجاري، وذلك عن طريق استغلال آلاف القطع الأرضية غير المستغلة أو المهملة، وذلك إلى غاية وضع نص قانوني جديد لتحفيز الاستثمار واستحداث وكالات للعقار الصناعي، الفلاحي والحضري.
وأكد ضرورة إنشاء مناطق نشاط في كل البلديات والولايات التي لا تتوفر لحد الآن على جاذبية للاستثمار، وذلك باعتماد مقاربة «التسهيل والمراقبة»، وخاصة على مستوى الهضاب العليا والمناطق الجنوبية.
علاوة البطالة
في سياق آخر، أعلن الرئيس تبون عن تجسيد منحة البطالة الموجهة لفائدة الشباب خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، على أن تحتسب في ميزانية 2022، وتعتبر هذه العلاوة بمثابة شبه مرتب شهري، تحفظ كرامة الشباب البطال إلى غاية حصولهم على منصب شغل.
وأوضح أن قيمة العلاوة لم تحدد بعد، ولكنها ستكون حسب الإمكانيات المتاحة في كل منطقة من مناطق الوطن، مشيرا إلى أنها سيكون إجراء حصريا للجزائر لم تسبقها إليه دولة من الدول في المحيط الجغرافي أو الإقليمي.
وأكد رئيس الجمهورية، أن الجزائر ستظل دولة اجتماعية، تساعد الفئات المعوزة والوسطى، بعيدا عن الفوارق الاجتماعية، لما تسببه من مشاكل داخل النسيج الاجتماعي، كاشفا عن تشكيل لجان تتكون من منتخبين تعكف على وضع نموذج جديد لتوزيع مساعدات الدولة.
وأفاد بالشروع أيضا في تقييم التقسيم الإداري الحالي، لترقية دوائر إلى مصف ولايات منتدبة، ووضع برامج استدراك لحوالي 15 ولاية، على غرار ولايات خنشلة، البيض الأغواط الجلفة...

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024