سلّطت القمّة العربية الرابعة والثلاثين في بغداد بالعراق، أمس الأول، الضوء على القضية الفلسطينية وحرب الإبادة والتجويع والحصار على غزة، بحضور عدد من الأمراء والقادة والرؤساء العرب، ودعت في بيانها الختامي على إنهاء الانتهاكات، وندّدت بمحاولة الكيان الصهيوني تهجير الفلسطينيين من القطاع.
أكّد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في كلمة إلى المشاركين بأشغال الدورة العادية 34 للقمّة العربية، ألقاها نيابة عنه وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، أن الأوضاع في العديد من الأقطار العربية تتدهور بشكل متسارع، أمنيا وسياسيا واقتصاديا، وسط تكالب التدخلات الخارجية عليها لبث الشّقاق والفرقة والتناحر بين أبناء الوطن الواحد والأمة الموحدة.
وأبرز رئيس الجمهورية أهمية تعزيز الالتفاف حول القضية المركزية الفلسطينية؛ لأنّ الدفاع عنها ليس جودًا أو تكرّمًا، بقدر ما هو وفاء تجاه أمانة تاريخية تحملها الأمة العربية في أعناقها، وتجاه مسؤوليات قانونية وأخلاقية وحضارية تتحمّلها الإنسانية جمعاء.
وتعقيبا على الموضوع، قال أستاذ القانون الدولي بجامعة مصطفى اسطمبولي - معسكر، الدكتور بهلولي أبو الفضل، إنّ الرئيس تبون أشار في كلمته لقمّة بغداد، إلى التعقيدات والتهديدات التي تطال منظومة العلاقات العربية والدولية، في تلميح إلى ما يعرف بـ “موت القانون الدولي”، و«فقدان الثقة في المنظمات الإقليمية وهيئة الأمم المتحدة”.
وأفاد الدكتور بهلولي أبو الفضل في تصريح لـ “الشعب”، أنّ الأمم المتحدة حافظت على الأمن والسلم الدوليين منذ سنة 1945، لكنها أصبحت عاجزة عن صناعة الاستقرار في الآونة الأخيرة، نتيجة تحولات في بنية النظام العالمي الذي كان سابقا مبنيا على قواعد تقليص مساحات الدبلوماسية والوساطة الأممية، منوّهًا أن هذا التوصيف يُشابه إلى حد ما، فشل عصبة الأمم في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين.
وأضاف أبو الفضل أنّ رئيس الجمهورية لفت في القمة 34 إلى ضرورة إصلاح الجامعة العربية، ومراجعة منظومة العلاقات الدولية، وإعادة ترتيب هيكلهما على تعددية الأطراف المُكرَّسة في ميثاق الأمم المتحدة، وإعلان العلاقات الودية بين الأطراف، في ظل فقدان الثقة من الدول والشعوب في المؤسّسات والهيئات العالمية.
كما تضمّنت الكلمة القويّة تنبيهًا بمخططات افتعال حروب داخلية في الدول العربية، تستهدف وحدة إقليمها وسيادتها، من خلال التدخلات الأجنبية ومحاولة تغذية الحركات المسلحة التي يرفضها القانون الدولي، وهو ما يُحتِّم إصلاح الجامعة العربية بشكل استعجالي؛ حتى تكون قادرة على مواجهة التحديات الحاصلة، ومواكبة التغيرات الدولية السريعة أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا، بحسب المصدر نفسه.
تصحيح الانحرافات داخل الجامعة العربية، لابد أن يتبعه تفعيل العديد من الاتفاقيات متعدّدة الأطراف، المبرمة منذ سنوات ولم تدخل حيز العمل، وهذا يحتاج إلى إرادة سياسية قوية من قادة الدول، وإبراز دور الجزائر في هذا الجانب لما لها من خبرة جديرة بالاحترام في استرجاع المساحات الدبلوماسية بين الفواعل، ومقدرة في مجال الوساطة وحلّ النزاعات بين البلدان، يذكر أستاذ القانون الدولي بجامعة مصطفى اسطمبولي في ولاية معسكر، الدكتور بهلولي أبو الفضل.