لادمي لـ«الشعب»: تحوير الحقـائق التاريخيـة لصرف الأنظار عن جوهر القضية
لا مجـــامــلات ولا تملـق فـي نصرة الشعـوب المضطهــدة
أوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة تمنغست، الدكتور عربي لادمي محمد، أن المغرب لم يَكُفَّ يوماً عن محاولة تحوير الحقائق وتشتيت انتباه المجتمع الدولي عن جوهر القضية، مشيراً إلى أن الرباط تنتهج خطاباً سياسياً وإعلامياً يوجّه فيه الاتهامات إلى الجزائر، محاولاً بذلك الزّج بها في مستنقع النزاع، وتقديمها كطرف في الأزمة، بل ويذهب إلى اعتبارها شمّاعة يعلّق عليها فشله في إحراز أي تقدّم في الملف، رغم أن الجزائر – يضيف المتحدّث- تؤكّد باستمرار على أنها خارج النزاع، متمسّكةً بموقفها كبلد جار للطرفين تدافع عن حق شعب مضطهد في تقرير مصيره.
وتابع أستاذ العلوم السياسية قائلاً إن تصرّفات النظام المغربي وبلطجته السياسية داخل أروقة المنظمات الدولية، لا تعدو كونها تهرّباً من التزاماته الأخلاقية والسياسية، وخطوة منه لتجنّب الانصياع للشرعية الدولية بشأن قضية الصحراء الغربية، حيث يوجّه الاتهامات الكاذبة تجاه الجزائر وصياغة الأباطيل دون قرائن تاريخية واضحة، في محاولة منه لذر الرماد في عيون المنتظم الدولي حول حقيقة الملف وأطرافه الحقيقيين، وينتهج في ذلك أساليب مغلوطة لصرف أنظار العالم عن الملف الرئيسي وهو حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
وقال إن المغرب يحاول إعادة صياغة التاريخ من منظوره الخاص، وهو يسعى عبر آلته الدبلوماسية والإعلامية وترديد اسطوانته المشروخة، إلى فبركة الأحداث التاريخية المرتبطة بنزاع الصحراء الغربية، خاصةً المرحلة التي تلَت الاستعمار الإسباني للإقليم، بهدف فرض وقائع تاريخية مزيّفة من أجل دعم موقفه لإثبات أحقيته بإقليم الساقية الحمراء ووادي الذهب.
وفي معرض حديثه لـ «الشعب»، أعرب عربي لادمي عن امتعاضه الشديد لما وصفه بـ»المراهقة السياسية» التي تنتهجها الرباط في تعاطيها مع ملف الصحراء الغربية، والتي تتمحور حول السعي إلى تزييف التاريخ وإعادة صياغته بمنظور يخدم أطماعها التوسّعية في المنطقة برمّتها، من خلال آلة دبلوماسية وإعلامية تروّج لروايات مغايرة للواقع المعترف به دولياً.
الجزائر لا تُتاجر بالمواقف السياسية
ومن جهة أخرى، أشاد بتمسّك الجزائر بالشرعية الدولية وتأكيدها غير المشروط على دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، مبدأ أممي جاءت به وتؤيّده قرارات الأمم المتّحدة ومواثيقها الدولية، منوهاً إلى أن الجزائر تُدافع عن قناعة راسخة عن هذا الحق، باعتباره جزءًا من سياستها الخارجية الثابتة، وتعتبر أن ملف الصحراء الغربية من القضايا ذات الأولوية في سياستها الخارجية إلى جانب القضية الفلسطينية، استناداً إلى بيان أول نوفمبر الذي يشدّد على حق الشعوب في تقرير مصيرها بشكل عادل ونزيه.
وأضاف يقول إن الجزائر عندما يتعلّق الأمر بتصفية الاستعمار أو نُصرة الشعوب المضطهدة، تتبنى مواقفها بناءً على قناعات راسخة لا تحكمها المصالح الظرفية ولا التوازنات الدبلوماسية، وهي تكرّر في كل محفل دولي أن دعمها للشعب الصحراوي لا ينبع من صراع مع المغرب كما يدّعي نظامه، بل من التزام راسخ بمبادئ الشرعية الدولية وحقوق الإنسان.
في أثناء سرد مناورات المخزن في أروقة المنظمات الدولية من أجل نشر خرافاته التاريخية، جدّد محدثنا التذكير بأن الدول التي اعترفت بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ملتزمة عن قناعة بهذا التوجّه، وملتزمة بقرارات الأمم المتّحدة، وهي اعترافات راسخة من دول لها وزن في الساحة الدولية فشل المغرب في جرّها إلى مستنقعه عبر تقديم امتيازات خاصة، ومنحها «أكشاك» في المدن الصحراوية المحتلة تحت مسمى تمثيليات قنصلية.
ولَفَتَ محدثنا إلى أن هذه التجارة التي انخرطت فيها الرباط منذ 1975، «لم تُغيّر من واقع القضية شيئاً»، كون الرباط وحكوماتها المتعاقبة قد تمادت في هذه المراهقة السياسية وتجاهلت الرأي العام الدولي والقانون الدولي بخصوص ضرورة إنهاء الاستعمار وتمكين الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، مجدّداً التأكيد على أن نظام المخزن يحاول من خلال دبلوماسيته المتآكلة تشتيت الرأي العام الدولي عن القضية الرئيسية وهي حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، عبر إلقاء الاتهامات على الجزائر محاولاُ إقحامها في دائرة النزاع رغم أنها ليست طرفاً فيه.
وعاد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور عربي لادمي، إلى تأكيد بأن الجزائر لم تكُ يوماً ولن تكون طرفاً في هذا النزاع الدائر بين المغرب وجبهة البوليساريو، بل أكّدت لعقود التزامها بالقانون الدولي ودفاعها عن حقوق الإنسان بالطرق السلمية تحت إشراف الأمم المتّحدة بلا عربدة ولا شراء للذمم كما تفعل الجارة الغربية.