تحيي الجزائر، اليوم، على غرار باقي دول العالم «اليوم الدولي للديمقراطية»، الذي جاء هذه السنة تحت شعار «تحقيق المساواة بين الجنسين خطوة خطوة». وقد قطعت بلادنا أشواطا كبيرة في مجال ترقية حقوق المرأة وإنصافها وإدراج حقوقها في أعلى تشريع وهو الدستور، إلى جانب سن عديد القوانين أو تعديلها بما يتناسب وتطور أدوارها في المجتمع الجزائري.
أقر المشرّع الجزائري قوانين وآليات تتناسب والمهام الجديدة التي تقلدتها المرأة الجزائرية ما أهلها لتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية. هذه التطورات في مشاركة المرأة في مختلف المناصب والمسؤوليات، جعلت المشرع الجزائري يواكبها من خلال التعديلات التي أدخلت على مختلف القوانين، كقانون العقوبات وقانون الجنسية وقانون العمل وقانون الأسرة وغيرها.
الدستور يواكب التطورات
ولعل أهم التشريعات التي أقرت حقوق المرأة وترقيتها وواكبت التطورات في الجزائر هو الدستور، سيما في التعديل الأخير لسنة 2020، الصادر في الجريدة الرسمية بموجب المرسوم الرئاسي رقم 20-442 مؤرخ في 15 جمادى الأولى عام 1442 الموافق 30 ديسمبر سنة 2020، يتعلق بإصدار التعديل الدستوري، المصادق عليه في استفتاء أول نوفمبر سنة 2020 والذي ضمن لها حماية حقوقها وحرياتها، تماشيا مع المعايير الدولية المتخذة في هذا الشأن. ففي كل التعديلات التي عرفها، ثمن مبدأ المساواة بين الجنسين في العديد من نصوصه، خاصة في تعديله الأخير سنة 2020، حيث وزع حقوق المرأة على كافة الأصعدة، وضمن الالتزام بمبادئ العدالة الاجتماعية، وترقية مشاركتها في الحياة السياسية، كما شدد على ضرورة حمايتها من كافة أشكال العنف واتخذ التدابير القانونية اللازمة لحمايتها من جميع أشكال التمييز وضمان حقوقها ومنحها المساعدة القانونية. فدستور 2020 عزز مكانة المرأة في المجتمع الجزائري وضمان حقوقها الأساسية، على غرار الحماية من العنف، حيث تنص المادة 40 على أن الدولة «تحمي المرأة من كل أشكال العنف في كل الأماكن والظروف، في الفضاء العمومي وفي المجالين المهني والخاص». كما يضمن القانون استفادة الضحايا من هياكل الاستقبال وأنظمة التكفل، والمساعدة القضائية.
وحرص في المادة 59 على ترقية الحقوق السياسية، حيث «تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة». بينما تنص المادة 71 على حقوق الأم والطفل حيث تحظى الأسرة بحماية الدولة، كما أن حقوق الطفل محمية من طرف الدولة والأسرة مع مراعاة المصلحة العليا للطفل.
من جهة أخرى، ضمن الدستور المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات، مع مراعاة خصوصيات المرأة. كما ضمن لها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مثل الحق في العمل والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.
مساواة وتمييز إيجابي
وتتضح هذه المساواة أكثر في إطار القانون رقم 90-11 المؤرخ في 26 رمضان عام 1410 الموافق 21 أفريل سنة 1990، يتعلق بعلاقات العمل المعدل والمتمم، لاسيما بالأمر رقم 96-21 المؤرخ في 9 جويلية سنة 1996، حيث تحظر قوانين العمل في الجزائر التمييز بين الجنسين في التوظيف وتضمن مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي، بالإضافة إلى قوانين تحمي المرأة العاملة والمرأة العاملة الحامل، وحماية حقوقهن المتعلقة بالحماية الاجتماعية والحماية من الفصل خلال فترة الحمل أو إجازة الأمومة، ونذكر على سبيل المثال، المادة 17 منه، التي تنص على أنه «تعد باطلة وعديمة الأثر كل الأحكام المنصوص عليها في الاتفاقيات أو الاتفاقات الجماعية أو عقد العمل التي من شأنها أن تؤدي إلى تمييز بين العمال، كيفما كان نوعه في مجال الشغل والأجرة، أو ظروف العمل على أساس السن والجنس أو الوضعية الاجتماعية، أو النسبية، والقرابة العائلية والقناعات السياسية والانتماء إلى نقابة أو عدم الانتماء إليها.
وفي إطار مراعاة خصوصية المرأة في مجال العمل، بالإضافة إلى ما تم ذكره، خفض قانون التقاعد الأخير سن التقاعد بالنسبة للمرأة إلى 52 سنة، مقابل 7 سنة للرجال. وفي قطاع التعليم تستفيد المرأة من تخفيض آخر بثلاث سنوات.
دليل قانوني لحماية المرأة
يذكر أيضا، أن وزارة التضامن الوطني وقضايا الأسرة، كانت أصدرت قبل أشهر دليلا قانونيا لحماية المرأة وترقيتها، يحتوي على جملة النصوص التشريعية والتنظيمية الرامية لحماية حقوق المرأة وترقيتها والتي أقرّها المشرّع الجزائري. وترمي الوزارة من خلال الدليل إلى رفع الوعي القانوني لدى المرأة الجزائرية.
على الصعيد الدولي، رفعت الجزائر مؤخرا التحفظ على الفقرة الرابعة من المادة 15، من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بما يتطابق والقوانين الداخلية، سيما وأن الاتفاقية تهدف من بين أمور أخرى، إلى تعزيز حقوق المرأة وضمان حمايتها من التمييز، التزام الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على التمييز ضد المرأة، مع ضمان مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية على قدم المساواة مع الرجل، وهي كلها أهداف وفرتها قوانين الجزائر.