مـالــي

بين صراع المصالح والحرب على الإرهاب

حمزة محصول

برزت مالي في السنوات الأخيرة، كاحدى أكبر مناطق التوتر والصراع في العالم،  بعد تطور نزاعها الداخلي الطويل بين الشمال والجنوب، الى طوق ناري يحيط بدول الجوار في الساحل الافريقي ويهدد السلم والامن. وادى دخول المنظمات الارهابية الغريبة إلى المنطقة، وبارونات تهريب المخدرات على خط الصراع، الى اخذ الازمة بعدا دوليا، تطلب تجند جميع القوى الفاعلة، لاحتواء الوضع، ومساعدة مالي على استعادة وحدتها الترابية والوطنية بعد سيطرة الجماعات الارهابية على المحافظات الثلاث الكبرى في الشمال وهي تمبكتو، كيدال وغاو.

يجمع المراقبون والمحللون على أن رغبة الغرب وفرنسا تحديدا، في التدخل العسكري بمالي، لمكافحة الارهاب واستعادة البلد لتوازنه، تقف خلفه مطامع السيطرة على منابع الثروات، لتأمين حاجياتها الاولية، ومجابهة الازمة الاقتصادية الخانقة التي جعلتها تترنح على حافة الافلاس، لكن في المقابل هناك من يعطي دوافع اخرى لهذا التدخل، وابعادا جيواستراتيجية لتأمين نفوذ فرنسا التقليدي على مستوى منطقة الساحل الافريقي، لان مالي ليست بالدولة التي تملك مخزونا كبيرا من النفط والغاز والمعادن الاخرى، فهي من افقر الدول الافريقية، ونصف سكانها تحت خط الفقر، ويقوم اقتصادها على نشاطات تتميز بالهشاشة، على غرار الزراعة واستخراج الملح ومعدن النحاس، وهنا تطرح تساؤلات عديدة لمعرفة اسباب استمرار مالي بؤرة توتر في منطقة حساسة، هل الغاية الظفر بمصالح طاقوية كما جرت عليه العادة، ام هناك خفايا اكثر عمق وخطورة يمكن اعتبارها امتدادا لاسترتيجة الازمات التي تتبناها القوى الامبريالية من خلال النظام الدولي الجديد.
عادت مالي الى واجهة الاحداث، من خلال الحرب التي تشنها فرنسا والقوات الافريقية رفقة الجيش المالي هذه الايام على الجماعات الارهابية، لتحرير شمال البلاد وتم تغييب العوامل المتعلقة بمقومات البلد وتركيبته السياسية والاجتماعية، واصل الخلاف الذي تطور الى نزاع ثم أزمة بين الجنوب، أين توجد السلطة المركزية والشمال الذي يقطنه أهالي ازواد (الطوارق)، كما تم اخفاء الجزء المتعلق بما تعنيه هيمنة فرنسا وحلفائها من الاتحاد الأوروبي وأمريكا، وانعكاساتها على دول الجوار التي تبحث عن الاستقرار والأمن من اجل بعث التنمية الشاملة لشعوبها.
ان الملاحظ لمناطق التوترات واماكن تواجد الارهاب في العالم، يجد تشابها بعيدا بينها، من حيث البيئة او البنية الاجتماعية والاقتصادية الهشة، ولها مقومات الفشل ـ كي تحول في لمح البصر الى دولة فاشلة ـ فيما تختفي مقومات التطور والنمو في دهاليز الفساد والرشوة التي تسيطر على أغلب مؤسساتها، وعليه فان مالي هي الدولة الوحيدة في الساحل التي توفرت على هذه الخصائص، كي يكون من السهل اشعالها وجعلها نقطة عبور ومراقبة كل الدول المجاورة، والمؤكد ان هذا المخطط ليس وليد اليوم، بل يعود إلى زمن الاستعمار.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024