الإستفادة من استثمارات نوعية ونقل للتكنولوجيا وتبادل للخبرات
تعزيز مسار التنمية..رفع حجم الصادرات وتحسين جاذبية السوق الجزائرية للاستثمارات الأجنبية
ترمي الجزائر بكل ثقلها وبوتيرة متسارعة إلى تعزيز حضورها في الأسواق والفضاءات الاقتصادية الإقليمية والدولية الكبرى، من خلال تنويع جسور التعاون وتثبيت دعائم شراكات قوية ومربحة مع دول متطورة وأخرى ناشئة.
ويأتي توجّهها نحو رابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان” في إطار هذا الانفتاح الإستراتيجي، بهدف إقامة علاقات تقوم على الاحترام المتبادل والتكافؤ والمنافع المشتركة، بما يعزّز مسار التنمية الوطنية، ويرفع من حجم الصادرات، ويزيد من جاذبية السوق الجزائرية للاستثمارات الأجنبية.
ويؤكّد هذا الخيار السليم ما حقّقته اقتصادات دول “آسيان” من نسب نمو عالية، إذ يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لهذا التكتل 4 تريليونات دولار، كما يضم سوقاً استهلاكية تفوق 680 مليون نسمة، ويُعد خامس أكبر اقتصاد في العالم، والأكثر حيوية في الوقت الراهن. وقد أدركت الجزائر في التوقيت المناسب أنّ المرحلة الراهنة هي مرحلة الشراكات والتكامل الاقتصادي الإقليمي، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية كالصناعة واقتصاد المعرفة، والأمن الغذائي، والاقتصاد الأخضر، والطاقات النظيفة، وهي قطاعات باتت تشكّل العمود الفقري للاقتصادات العصرية ذات الكفاءة العالية والقيمة المضافة.
إنّ بناء تعاون صناعي واقتصادي مع دول “آسيان” من شأنه أن يفتح المجال أمام الجزائر للاستفادة من استثمارات نوعية ونقل للتكنولوجيا وتبادل للخبرات والدخول إلى أسواق واعدة. كما تأمل الجزائر، من خلال توقيعها على معاهدة الصداقة والتعاون مع هذا التكتل، في تعميق اندماجها ضمن المنظومات الاقتصادية الإقليمية والدولية، والمساهمة في بناء تكتلات مستدامة، بما يؤهّلها لمواكبة اقتصاديات الدول الصاعدة، خاصة وأنّ التوقّعات تشير إلى دخولها هذه القائمة بحلول عام 2027.
ويضم تكتّل “آسيان” كلاً من ماليزيا، إندونيسيا، تايلندا، الفلبين، سنغافورة، بروناي، فيتنام، لاوس، ميانمار وكمبوديا، وقد انضمت إليه الجزائر وأوروغواي مؤخّراً، ما يعكس توسّع هذا الفضاء الاقتصادي الواعد. وبذلك، تفتح الجزائر آفاقاً جديدة في مسار تنويع شركائها بعيداً عن الأسواق التقليدية، لتكون بوابة استراتيجية نحو تعاون ثلاثي بين الجزائر ودول آسيا وإفريقيا، بما يحقّق تكاملاً تاريخياً وشراكة متعدّدة الأبعاد والمكاسب.