التحكم في التكنولوجيات الحديثة للرفع من جودة الإنتاج
يرى الخبير الاقتصادي إبراهيم قندوزي أن قطاع الصناعة الميكانيكية يعدّ من أبرز القطاعات القادرة على رفد ميزانية الدولة بإيرادات هامة والحد من فاتورة الاستيراد. ويتوقع أنه خلال السنوات القليلة المقبلة، وعلى الأمدين القصير والمتوسط، ستحتل الجزائر موقعاً متميزاً في صناعة المركبات بمختلف أنواعها، سواء كانت سيارات أو شاحنات. كما أشاد بتجربة الصناعة العسكرية للجيش الوطني الشعبي، التي حققت قفزة نوعية ونجاحاً كبيرا.
اعتبر الخبير الاقتصادي إبراهيم قندوزي، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة تيزي وزو، أن السياسة الصناعية في الجزائر تقوم على عدد من القطاعات الإستراتيجية، أبرزها الصناعات البتروكيماوية والغذائية، إضافة إلى الصناعة الميكانيكية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بصناعة السيارات، باعتبارها الأكثر طلباً في السوق. وأوضح أن هذا القطاع يتطلب تكنولوجيات متعددة وتكامل خبرات في مجالات مختلفة، منها الإلكترونيك والكهرباء والبلاستيك وغيرها، بما يتيح للجزائر الانتقال نحو مرحلة بناء قطاع صناعي متنوّع ومتكامل قادر على المنافسة.
زخـم مــن الكفــاءات الجزائريـــة
وفي قراءة متأنية لآخر بيان صادر عن وزارة الصناعة بشأن تطوير القطاع عبر استثمار جميع الكفاءات، سواء داخل الوطن أو خارجه، يرى الخبير أن ذلك يمثل انطلاقة جادة وقوّية في مسار “الجزائر المنتصرة”. ويؤكد أن نهضة هذا القطاع مسألة وقت لا غير، مشدداً على ضرورة استحداث نسيج واسع من مؤسسات المناولة، خاصة في ظل توفر تخصصات متعددة تتيح للشركات الصغيرة والمتوسطة اقتحام هذا المجال. ويضيف أن التحكم في مجموعة من التكنولوجيات الحديثة سيكون مفتاحاً لرفع إنتاجية هذا النوع من الصناعات الحيوية، التي تشكّل في عدد من الدول المتقدمة، ولا سيما الأوروبية منها، ركيزة أساسية للصناعة والاقتصاد.
وأكد الخبير على ضرورة رفع نسبة الإدماج إلى مستوى محوري لا يقل عن حدود 40 بالمئة ليتسنى للجزائر تصدير منتوجها الصناعي من السيارات وقطاع الغيار ومختلف المنتجات الميكانيكية الأخرى من آلات فلاحية وشاحنات ومختلف المركبات إلى أسواق خارجية خاصّة القريبة منها، واستغلال منطقة “زليكاف” وبنيتها التحتية مع دول القارة السمراء وتسويق صحيح لصناعاتها.
وذكر الخبير قندوزي أن ما يميز نجاعة السياسة المنتهجة، العزيمة اللافتة والحرص القائم من أجل منح الفرصة لمختلف الفاعلين من داخل وخارج الوطن وترجمة هذه الخبرات في صناعة متطوّرة، وتجميع الكفاءات لقول كلمتهم على مستوى الآلة الإنتاجية، وفيما بعد التموقع في السوق وكسب رهان المنافسة الشرسة، على خلفية تنوّع منتجات السيارات ودخول السيارة الكهربائية غمار التنافسية.
ســوق واسعـة وآفــاق قاريـــة
يرى أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة تيزي وزو، الدكتور إبراهيم قندوزي، أن رهان الجزائر المستقبلي في الصناعة الميكانيكية يستند إلى إرث صناعي مهم، وبنية تحتية متينة تأسست منذ سبعينيات القرن الماضي، إضافة إلى خبرة طويلة راكمتها مؤسسات رائدة مثل مجمع “سوناكوم” والنجاحات البارزة التي حققتها الصناعة العسكرية في مجال الميكانيك، فضلاً عن وجود شبكة واسعة من شركات المناولة القادرة على تطوير نشاطها وتوسيعه.
ويؤكد الخبير أن ترسيخ موقع تنافسي للصناعة الميكانيكية على الصعيدين التنموي والتجاري، يتطلب توافر سلسلة من العوامل الجوهرية، من أبرزها الاستثمار القوي والمستدام في هذا القطاع وملحقاته، انسجاماً مع قانون الاستثمار الحالي، الذي يسجل في إطاره العديد من المشاريع الاقتصادية لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.
كما يشدّد على أهمية التعاون مع شركات عالمية رائدة، على أن يكون مشروطاً بنقل التكنولوجيا والخبرة إلى الكفاءات الجزائرية.ومن بين مقوّمات النجاح، يشير قندوزي إلى اتساع السوق الجزائرية وانفتاحها على القارة الإفريقية التي تزخر بفرص تجارية ضخمة، إلى جانب ما تتمتع به الجزائر من قدرة شرائية معتبرة وكثافة سكانية مرشحة لبلوغ 50 مليون نسمة قريباً. ويرى أن مكانة الجزائر المحورية في التجارة البينية الإفريقية، ووفرة مواردها الأولية منخفضة التكلفة، إضافة إلى توفر رأس مال بشري مؤهل من مهندسين وتقنيين، تمثل عوامل جذب قوية لكبريات الشركات العالمية.
ويضيف الخبير أن أهمية الصناعة الميكانيكية تتجاوز حدودها المباشرة، إذ ترفد قطاعات حيوية أخرى مثل السياحة والفلاحة والخدمات، مما يعزز انتعاشها السريع فور انطلاقها. كما يؤكد أن الجزائر تعمل حالياً على تحضير الهياكل القاعدية اللازمة لإقامة صناعة ثقيلة متكاملة، ومع تدفق الاستثمارات، يتوقع أنه خلال سنتين أو ثلاث ستدخل المصانع الجزائرية مرحلة الإنتاج الواسع للمركبات، بما يستجيب للطلب المتزايد محلياً ويفتح آفاقاً للتصدير.