الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار..عبد القادر سليماني لـ “الشعب”:

إستراتيجية الاستثمار الشّامل تحقّق الاكتفاء الذّاتـي وتوسّــع آفاق الّتصدير

فايزة بلعريبي

 

  المناجم ركائز قويّة لصناعـــــــــــة الثّـــــــــــروة

 تتواصل الفتوحات الاقتصادية الجزائرية من أجل تحرير الاقتصاد الوطني، والوصول به إلى منطقة الأمان والريادة العالمية، فبعد تحضير الأرضية التنظيمية من خلال حزمة القوانين المتعلقة بالاستثمار، النقد والصرف، المناقصات والعقار الاقتصادي بنوعيه، التي سترتكز عليها الإستراتيجية الاقتصادية الوطنية، تزدهر الانجازات الاستثمارية في جميع القطاعات، فمن المؤسسات الناشئة والاستثمار في الكفاءات، إلى الطاقات المتجددة والنظيفة كبديل للطاقات الأحفورية، إلى الاستثمار في الفلاحة الصحراوية واستقطاب الشركاء الأجانب، إلى العمل على إقامة صناعة ميكانيكية وطنية بنسب إدماج عالية، ليأتي الدور على قطاع المنجم والاستثمار في المقدرات المنجمية للبلاد، خاصة تلك المتمركزة بالحدود الشرقية والجنوبية الغربية، أين سنشهد إشعاعا اقتصاديا يؤكّد أن الحلول التنموية تكمن في استثمار  المقدرات المحلية لكل منطقة.

 أرجع الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار، عبد القادر سليماني، قائمة الانجازات التي يتم الإعلان عنها في كل مرة، خاصة ما تعلق بقطاع الطاقة والمناجم، إلى الإرادة السياسية الحقيقية في بعث وتنويع مصادر الدخل العمومي خارج المحروقات، والاستغلال الأمثل للثروة المنجمية، حيث تحرص الجزائر اليوم على استثمار الذهب الرمادي المتمركز في العديد من الولايات الحدودية على غرار ولاية تبسة بالشرق الجزائري، وولاية تندوف بالحدود الجنوبية الغربية التي ستشهد ثورة صناعية منجمية تسمح لها بمنافسة أكبر أقطاب النشاط الصناعي، وهو ما تبيّن بعد زيارة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون إلى منطقة غارا جبيلات.  زيارة كانت مؤشّرا واضحا عن إصرار وتأكيد للإستراتيجية الاقتصادية من أجل تحقيق تنمية مستدامة شاملة - كما قال سليماني - وستصبح المناطق التي تحوز احتياطيا معدنيا هاما، بموجبها، مناطق إشعاع استثماري وحيوية اقتصادية. وأضاف أن قطاع المعادن في الجزائر يعمل على تعزيز خارطة البلاد الجيولوجية، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، التي تصب ضمن الهدف الأسمى لتحقيق التزاماته 54، حيث أكد على أهمية تعزيز وتطوير قطاع المناجم، وترجم ذلك بإطلاق العديد من المشاريع الكبرى؛ فالإستراتيجية الوطنية لقطاع المعادن والمناجم في بلادنا، وما تعبّر عنه من إرادة سياسية - يقول سليماني - تهدف إلى الاستغلال الأقصى لمقومات البلاد ومقدراتها الباطنية من محروقات ومعادن من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي المحلي، كهدف أول، ثم التوجه إلى التصدير في المراحل القادمة.
غارا جبيلات..المشروع الاستراتيجي
 بالتطرق إلى الحدث التاريخي الذي عاشته تندوف، بعد زيارة العمل التي قام بها رئيس الجمهورية لإعطاء إشارة انطلاق نهضة تنموية صناعية ستودع الولاية من خلالها عزلتها الاقتصادية والاجتماعية، قدّر سليماني أنّ دخول منجم غار جبيلات حيز الاستغلال، سيمكّن من توفير 5 آلاف منصب شغل دائم و25 ألف منصب شغل غير دائم، باعتباره من أهم المناجم عالميا حيث يبلغ احتياطي خام الحديد به أكثر من 3 ملايير طن، بطاقة استغلال سنوية من 2.5 إلى 3 ملايين طن، مرشحة إلى الارتفاع سنة 2040 إلى 50 مليون طن/سنويا بقيمة اقتصادية تفوق 10 مليار دولار في حال الاستغلال الأمثل من خلال الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة، وتوفير البنى التحتية المرافقة للمشروع. وفي هذا السياق، أشار المتحدث إلى الخصوصية التي يتمتع بها مشروع غارا جبيلات، كون خام الحديد به يتواجد على سطح الأرض، ممّا لا يتطلّب جهدا تقنيا كبيرا لاستخراجه، عكس المعادن المتواجدة ببعض المناطق من العالم أين تتواجد أغلب المعادن بين الجبال وفي تضاريس صعبة الاستغلال. كما عرّج سليماني على القيمة المضافة التي سيقدمها مركب الحديد والصلب المنتظر إطلاقه بمدينة بشار، ممّا سيضمن وفرة حديد وصلب معالج، يمكن من خلاله تغطية حاجيات السوق المحلية من الحديد، وهي التي تقدر بـ 5 مليون طن/سنويا، والتوجه إلى سوق التصدير.
الأرقــــــــام تتكلّــــــــــــم..
 بخصوص القيمة الإنتاجية والاقتصادية التي ستعود على الاقتصاد الوطني من خلال المشاريع المنجمية التي تعمل الدولة على بعثها كمصدر مدرّ للثروة ومناصب الشغل، قدّم المتحدّث أرقاما استشرافية حول بعض المشاريع، حيث سيمكّن استغلال منجم الحديد بغار جبيلات من استخراج من 2 إلى 3 مليون طن/سنويا من خام الحديد في الفترة الممتدة من 2023 إلى 2026، ويتوقّع أن تتضاعف حتى تبلغ 50 مليون طن/سنة، مع آفاق 2040، بقيمة اقتصادية ستبلغ 10 مليار دولار/سنويا، لتصبح منطقة غارا جبيلات بذلك موردا اقتصاديا، وقطبا صناعيا يغري عددا هائلا من كبريات الشركات الاقتصادية الجزائرية والأجنبية، ترافقها في نشاطها المتنوع العديد من المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة التي ستجد في القطب الاقتصادي الجديد، سوقا واعدة لنشاطها، لا سيما في مجال المناولة والنقل والخدمات، أين ستعرف منطقة الجنوب الغربي للبلاد عهدا تنمويا وحضاريا جديدا، يؤكد سليماني.
وربط الأمين العام نجاح الإستراتيجية التنموية التي سيحققها النشاط المنجمي بتوفير البنى التحتية بالخصوص، حيث يجري تجسيد مشروع مواز، يتمثل في خط السكة الحديدية بشار- تندوف- غارا جبيلات على طول 950 كلم، بتكلفة إنجاز قدرت بـ 2 مليار دولار، وعادت مناقصة المشروع إلى الشريك الصيني، ما يترجم الشراكة القوية التي تتميز بها العلاقات الجزائرية الصينية. حيث سيضمن الخط تحويل 140 ألف طن من الحديد الخام، على متن 8 قطارات، موجهة للتصدير مباشرة، إما عن طريق ميناء وهران أو تحويله إلى مخرجات ومدخلات تستعمل في الصناعات التحويلية للحديد والصلب على مستوى القطب الصناعي بمركب ولاية بشار. وقد تم تحديد آجال إنجاز المشروع بـ 30 شهر، حيث سيتم تدشينه أواخر 2026، ممّا سيضمن توفير ما قيمته 3 مليار دولار، من حاجيات الجزائر من الحديد المستورد سنويا، في مرحلة أولى، ليتم التوجه إلى التصدير بعد تلبية حاجيات السوق المحلية.
وتبقى قائمة المشاريع الاستثمارية المنجمية مفتوحة، حيث لا يقتصر الانجاز الوطني في القطاع المنجمي على الحديد والصلب بغارا جبيلات ومنجم أميزور ببجاية، بل يتعداهما إلى شرق البلاد حيث يتواجد المشروع المندمج لاستخراج فوسفات منطقة بلاد الحدبة، جنوب تبسة، وتحويله وتصديره نحو الأسواق العالمية، ويقول سليماني إنّ معادن تبسة سترفع من القدرات الإنتاجية للجزائر، وقد خصّص له غلاف مالي بقيمة 6 ملايير دولار.
”الذّهــب”..أفـق آخـــر لــه اتّساعـــه
 مشاريع التعدين ليست وليدة اليوم، إلا أنها ظلت راكدة ولم تعرف أي حركية إلا بعد تبني الدولة الجزائرية لإستراتيجية الاستثمار الشامل لمقدراتها، وانتهاج سياسة الاكتفاء الذاتي وحتمية الاعتماد على الموارد المحلية في تلبية حاجيات السوق الوطنية، يقول سليماني، فقد بدأت الاستغلال المنجمي للذهب من طرف المؤسسة الوطنية لاستغلال مناجم الذهب “إينور”، بقيمة إنتاجية قدرت بـ 6.8 طن، ما يعادل قيمة مالية قدرت بـ 15 مليار دج. بالمقابل يقدر الاحتياطي الجيولوجي الوطني من الذهب القابل للاستغلال الباطني بـ 124 طن. ومن أجل تطوير هذه الشعبة عملت وزارة الطاقة والمناجم، على توفير كل الآليات القانونية والعملية من أجل إشراك فئة الشباب، لا سيما شباب الجنوب، في عملية الإنعاش الاقتصادي، أين يلعب قطاع المناجم دورا محوريا، خاصة في مجال التنقيب عن الذهب في ولايات الجنوب الذي أصبح نشاطا مدرا للربح بالنسبة لشباب هذه المناطق، سمح بخلق مناصب شغل وامتصاص البطالة إلى حد بعيد، من خلال إنشاء مؤسسات مصغرة تنشط في مجال التنقيب عن الذهب.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024