الخبير الاقتصــادي لخضــر مــــداني لـ “الشعـــب”:

الانفتاح عـلى المناجـــم.. بدايــــــة التّحــــــوّل الهيكلــي للإنتاج

حوار: فضيلة بودريش

 

  التّعجيـــــل بإعـــــادة النّظـــــــــــــر فـــــــي التّراخيـــص والمزيــــــــــــد مــــــــــن التّحفيـــــــــــــــــزات الضّريبيــــــــــــة

 دعا البروفيسور لخضر مداني إلى مراجعة دقيقة وعميقة لقانون المناجم، وإضفاء ما يقتضي من مرونة يتطلبها الظرف الحالي، لأنّ الجزائر مقبلة على مرحلة جديدة، تستعد فيها لجعل قطاع المناجم والتعدين في مقدمة القاطرة التنموية، وسلط محدثنا الضوء على أفق مساهمة هذا القطاع بالدورة الاقتصادية، في ظل تعزيز خيارات الشراكة والانفتاح على الاستثمار.

  الشعب: بات ينظر للخارطة الاقتصادية بأنها مدفوعة بكنوز من المعادن تتمتّع بطاقة إنتاجية ضخمة..إلى أيّ مدى يمكن التعويل على ثروة المناجم في دعم وتيرة النمو؟
   البروفيسور لخضر مداني: أهمية الموارد المعدنية ما تزال تتعاظم يوما بعد يوم، وعلى المستوى العالمي، يستخدم سكان العالم ما قيمته، 3.2 ترليون دولار سنويا من الموارد المعدنية، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على المعادن النادرة ليتجاوز 400 مليار دولار بحلول آفاق عام 2050، وبالنسبة للجزائر، ورغم الاحتياطيات الكبيرة لخامات المعادن والتي قدرت قيمتها بأكثر من 2.6 ترليون دولار، تتوزع على خامات الحديد باحتياطي 3 مليار طن والفوسفات بـ 2.2 مليار طن والملح 1 مليار طن، والذهب بأكثر من 100 طن، والرصاص والزنك 100 مليون طن، إضافة إلى احتياطات كبيرة من المنغنيز، واستغلال هذه الثروة الكبيرة من هذه الاحتياطيات التي تقدر قيمة الاستثمارات المطلوبة لإطلاق استغلالها بحوالي 200 مليار دولار، سيقدم الإضافة حتما، وهذا القطاع سيكون له أثر كبير في تحقيق التنويع الاقتصادي عبر التسريع في التحول الهيكلي الإنتاجي، ويكون له دور كذلك في إنجاح تنويع الصادرات، كما سيكون له أثر على النمو الاقتصادي، ونسجّل بأنّ السلطات العمومية أعلنت تطوير قطاع التعدين كأحد القطاعات الواعدة في مخطط الإنعاش الاقتصادي للفترة الممتدة من 2020 إلى 2024.
* التّوجّه القائم المرتكز على جذب والانفتاح على استثمارات كبيرة في القطاع المنجمي، ما أثر ذلك على القطاع الصّناعي؟
** يمكن أن نقرأ أربع توجهات كبرى كمسارات لتطوير هذا القطاع المنجمي، استدراكا للنقائص المسجلة خلال العقود الماضية، والجانب الأول، هو إطلاق مشاريع استثمارية الكبرى في كل من مجال الحديد، وهو ما يتحقق حاليا في استغلال منجم غار جبيلات بمنطقة تندوف، والحرص على استغلال مختلف المناطق المنجمية، تحويل الفوسفات في منطقة جبل العنق مثلا. أما المسار الثاني فيتمثل في مضاعفة وتطوير مشاريع الاستكشاف والمسح المنجمي عبر إطلاق مشاريع جديدة، والتوجه الثالث، يتمثل في تشجيع التكوين والبحث العلمي في المجال المنجمي، ونسجّل أن المجمع الصناعي الجزائري  قد أطلق تقريبا حوالي 26 مشروع بحث خلال الفترة الممتدة من 2021 إلى 2023، والتوجه الرابع، يتمثل في الشراكة في الاستثمار المنجمي والتعدين، ويمكن أن نرجع ضعف الأداء في القطاع المنجمي خلال العقود السابقة، إلى بعدين أساسيين، فالبعد الأول تاريخي محض، والثاني يكمن في مجال التأطير والضبط التشريعي والمؤسسات للنشاط المنجمي.
  من الأولويات المرفوعة، تحديث الإطار التشريعي وتطويره، مع توسيع الخارطة المنجمية بهدف دعم الصناعة المهيكلة في إطار تجسيد المشاريع الكبرى..ما هي مقترحاتكم في هذا الإطار؟
  في إطار الإصلاحات والتعديلات التي ستشمل قانون المناجم، يجب التأكيد على مبدأ أهمية الانفتاح أكثر في مجال الاستثمار في هذا القطاع، سواء كان أمام مستثمرين محليين أو أجانب دون تمييز، مع تحقيق التوازن، وفي المبدأ الثاني المتمثل في الحفاظ على الثروة المنجمية واستغلالها الأمثل، يتأكد دور الوكالتين المهمتين المستحدثتين في قانون المناجم 14 - 05، وأقصد بالتحديد وكالة المصلحة الجيولوجية والوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية، وبالفعل هناك خصوصية في طابع هاتين الوكالتين لأهميتهما في مجال الضبط من جهة، وتحريرها من بعض القيود الإدارية، أي أنها تقوم ببعض الأنشطة أو الأعمال التي تمارس حتى من طرف أشخاص القانون الخاص، مثل المؤسسات العمومية الاقتصادية أو مؤسسات ذات الطابع الصناعي والتجاري والشركات التجارية، وينتظر أنها تمنح صلاحيات ومرونة ودعما أكبر من الناحية المالية والتأطيرية.
بالنسبة لأهمية توفير المعلومة المنجمية، وعرضها بكل الأشكال التي تسمح للمستثمرين بأخذ قراراتهم وتسهيل استثماراتهم. هنا يتطلب الأمر ضرورة تعميق المعارف الجيولوجية القاعدية وتحديث قاعدة البيانات الجيولوجية، وينتظر دعما كبيرا للوكالة الوطنية للمصلحة الجيولوجية؛ لأن دورها مهم جدا في هذا الميدان، ولا يكتفى بالعدد المحدود من المشاريع كمشاريع التنقيب والاستكشاف، بل تنويعها، وتكون أكثر من الناحية العددية مع استعمال مناهج تكنولوجية حديثة ورفع الغلاف المالي المخصص لها.
بالنسبة للنص التشريعي، يجب أن يستدرك وضعية الضغط الضريبي الذي يعيشه قطاع المناجم، خاصة أن قانون المناجم الحالي فرض ضرائب مزدوجة مست النشاط المنجمي، فهي قوانين ضريبية تخضع لها مؤسسات النشاط المنجمي من جهة، وكذلك تفرض عليها بعض الرسوم مثل الرسم المساحي وإتاوة الاستخراج والاستغلال، ثم بالإضافة إلى ضرائب أخرى مثل الرسم على أرباح الشركات والرسم العقاري والرسم على النشاط المهني، لذا لابد من معالجة إشكالية الضغط الضريبي بتخفيف أو إلغاء بعض الضرائب.
وبخصوص قضية التراخيص المنظمة في قانون رقم 14-05 الخاص بالمناجم والمفصلة بالمرسوم التنفيذي الذي صدر - للأسف - بعد أربع سنوات من صدور القانون في 2018، والمرسوم التنفيذي 2018- 202 ويحدّد كيفيات وإجراءات منح التراخيص المنجمية، وفي ظل وجود بعض العوائق البيروقراطية من ناحية الآجال، وفترة الرد ومن حيث صلاحية الرخص، ومن الضروري المراجعة في هذا المجال التي تم النص عليها من الناحية القانونية بالإضافة إلى ضمان الحق في الطعن عند رفض تسليم التراخيص المنجمية بكل أنواعها.
 ما قولكم بخصوص شروط استغلال “الذّهب”؟
  الاستغلال الحرفي لمادة الذهب مجال لم يسجله القانون، حيث لا توجد قواعد وأحكام قانونية تتعلق به في قانون رقم 14-05، فيجب استدراكه وادراجه في القانون الجديد، مع التأكيد على ضرورة اعتماد مقاربة سلسلة القيمة للمنتجات المنجمية والمعدنية، ومن الأمثلة المشجعة في هذا المجال، التعاون القائم بين المجمع الصناعي للمناجم والمجمع الصناعي للاسمنت بالجزائر لتطوير مادة “الكيلنكر” وضرورة تحويلها قبل التصدير، ومهم جدا أن تكون القيمة المضافة عالية في المنتجات المصدرة، ولا نكتفي أن تكون مادة خاما، لما له من أثر على إيرادت العملة الصعبة والتشغيل داخل الوطن.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19463

العدد 19463

الإثنين 06 ماي 2024
العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024