الخبير الاقتصادي حاكمي بوحفص لـ ”الشعب”:

التجارة البينية.. ضمانـة الأسواق الإفريقيـة

فضيلة بودريش

وصف أستاذ الاقتصاد بجامعة وهران، حاكمي بوحفص، انطلاق الجزائر في توطيد روابطها التجارية والاقتصادية وانفتاحها الكبير على عمق القارة الإفريقية، بـ«القوي والقائم على قاعدة صلبة وبنية متينة”، ينتظر منها أن تثمر بشكل مزدوج على جميع الأطراف المنصهرة في مبادرات منفتحة على منطقة التجارة الحرة، بداية من تحقيق الاكتفاء الذاتي إلى خفض تكلفة الإنتاج وأسعارها للمستهلك، ويرتقب أن تكون الآفاق واعدة والاندماج قريبا من أجل الوصول إلى هدف محوري، يتمثل في التكامل الاقتصادي بين دول القارة السمراء.

 شرّح الخبير بوحفص حاكمي، بكثير من التفصيل، الآثار الإيجابية على الأداء الاقتصادي والرفع من حجم الصادرات خارج قطاع المحروقات، المرتقب تحقيقها من خلال الانضمام إلى مبادرة التجارة الإفريقية الموجهة، وبتحليل استند إلى وقائع موضوعية، قال بوحفص إن العلاقات الاقتصادية الدولية مبنية على مجموعة من الترتيبات، ويمكن لأي بلد أن يقيم مع بلد آخر علاقة تسمى “التجارة الخارجية”، وتندرج ضمن التجارة الدولية أو منطقة جمركية تضم بلدين أو مجموعة من البلدان، تتفق على تخفيض الرسوم الجمركية، كما يمكن إقامة منطقة حرة، وقد تضمّ هذه الأخيرة أكثر من بلدين، أو يمكن أن تكون سوقا مشتركة على أعلى مستوى يمكن أن تصل إليه الدول في شراكتها التجارية والاقتصادية، من خلال الوصول إلى إرساء اتحاد اقتصادي، ويرى بوحفص أن الهدف من هذه الترتيبات للتجارة الدولية،  يتمثل في دعم اقتصاديات الدول المعنية.

 تجسيد خيار التوجّه الإفريقي

وفي ضوء هذه المعطيات، أكد بوحفص أن انضمام الجزائر إلى مبادرة التجارة الموجهة الإفريقية، يدخل في إطار انضمامها إلى منطقة “زليكاف” مع الدول الإفريقية، وتجمع هذه المبادرة ثماني دول، هي مصر، غانا الكاميرون وتونس، إلى جانب روندا، جزر موريس، تنزانيا وكينيا، مشيرا إلى أن مزايا انضمام الجزائر، السماح بتوجيه صادراتها إلى هذه البلدان، إذ لدى بناء أي شكل من العلاقات الاقتصادية الدولية بين بلدان المبادرة، سيتمّ العمل بقواعد التجارة الموجهة، أي تخفيض الرسوم الجمركية على السلع الواردة والسلع الصادرة وهذه العملية تفضي إلى تخفيض تكاليف السلع وتسجيل انخفاض في أسعارها لتكون في متناول المواطنين بهذه الدول.
وأثنى أستاذ الاقتصاد بجامعة وهران2، على سير التجارة الموجهة؛ لأنها تسمح بزيادة حجم التجارة على مستوى هذه البلدان وتحقيق التنافسية لمنتجاتها، ومن ثم تحقيق منافع ومزايا كبيرة، تعفي هذه البلدان من تكاليف زائدة للحصول على المنتجات التي تحتاجها من خارج هذا التكامل أو المنطقة وكذا السوق والمبادرة.
آفاق هذه المبادرة محمّلة بكثير من المكاسب المتعدّدة؛ ولهذا، ثمّن الخبير بوحفص مسعى رئيس الجمهورية وحرصه على تجسيد خيار التوجّه الإفريقي والبحث عن شركاء بالجوار، قصد تخفيض كلفة التجارة، وقال الخبير إن البداية كانت بالانضمام إلى “زليكاف” منطقة التجارة الحرة الإفريقية، والخطوة الثانية جاءت للتأكيد والاستمرار في نفس الرواق، فانضمت الجزائر إلى المبادرة لتدعيم التجارة بين الجزائر وثماني دول إفريقية، وتوقّع الخبير أن تكون الآفاق واعدة، وتفتح الطريق للاقتصاد الجزائري ليتخذ توجها إفريقيا، هو التوجّه الطبيعي والتقليدي، بدل التوجّه إلى الاتحاد الأوروبي أو أي تكتلات أخرى، وبدا الدكتور بوحفص مقتنعا بأن محيطنا وقربنا الجغرافي سيساعد جميع المتعاملين، ويحقّق عوائد كبيرة لاقتصادياتهم، سواء عن طريق فتح المجال للمستثمرين وتوظيفهم في إطار هذه التجارة التي ستقوم بين هذه البلدان، أو توفير السلع المستوردة بتكلفة عالية، وخلص إلى القول ،إن الآفاق واعدة بالوجهة الإفريقية.

 المقايضة.. نجاح مضمون..

وفي الشقّ المتعلق بتجارة المقايضة، وقدرتها على فتح أسواق تتداول فيها السلع وتدر على عدة بلدان إفريقية الأرباح والثروة، وتنعش التبادلات البينية، أوضح الخبير بوحفص أن التوجيهات والقرارت الحكيمة التي اتخذها رئيس الجمهورية من خلال وزارة التجارة، منذ ثلاث سنوات، في إطار التجارة مع إفريقيا، فعّلت تجارة المقايضة بين الدول القريبة مثل النيجر والتشاد وموريتانيا، باعتبار أن تفعيل هذه التجارة له أثار إيجابية، بينها تخفيض التكلفة والحفاظ على العملة الصعبة وهذا ما يتطلّب السير نحو تجسيد المزيد من تعميق العلاقات مع دول الجوار.
 وبالنسبة للدول التي نتقاسم معها الحدود، يعتقد بوحفص، أنه يمكن وصفها بـ«أول لبنة في التجارة الدولية، كونها تسهل بناء المبادرات مع كل بلد بشكل أحادي، وفوق ذلك، يمكن أن تمهّد الطريق لمنطقة التجارة الحرة بين بلدين أو مجموعة من البلدان. كما أن المقايضة تعدّ مدخلا لتوسيع التجارة والتأسيس لمنطقة حرة بين الجزائر وجوارها، ولأن كل هذه الجهود تنصهر ضمن تحقيق التكامل الاقتصادي بين الجزائر والدول الإفريقية بصفة عامة.
وبالنظر إلى كونها تحقّق منافع وعوائد ومكاسب كبيرة بالنسبة للاقتصاد الجزائري، دعا الدكتور إلى ضرورة دعم كل هذه المبادرات؛ لأنها تشجّع على تطوير منتجاتنا، في وقت تحتاج إفريقيا لكثير من المنتجات متوفرة بالجزائر، ويستحسن - بالنسبة لعدة دول - عدم استيرادها من أوروبا، خاصة أن الجزائر توفرها بتكلفة منخفضة أولا، ثم إن الاندماج في السوق الإفريقية يقابله التكامل وتحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم إنفاق كثير من العملة الصعبة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19463

العدد 19463

الإثنين 06 ماي 2024
العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024