موسم البيع بالتخفيضات ينطلق بقوة

العملية تخضع لضوابط قانونية لكنها تثير جدلا في عالم الأسواق

سعيد بن عياد

إغراءات لجذب واستمالة الزبائن بعرض تخفيضات تنافسية

هذه السنة تصطدم علمية البيع بالتخفيضات بمدى القدرة الشرائية في مواكبة الحركية التجارية، في وقت تثير فيه نسب التخفيضات المعلنة تساؤلات حول حقيقتها، في ظلّ افتقار السوق لآليات تسمح بتتبع مسار الأسعار وتفكيك تركيبتها، لمعرفة معدل الفائدة الحقيقية التي يقبضها التاجر، خاصة بالنسبة للسلع المستوردة.
الملاحظ في أول يوم للعملية تم تسجيل إقبال كبير على عدد من المحلات كما هو الحال في الشراقة، المركز التجاري باب الزوار ومحلات بوسط العاصمة، حيث تمّ رصد بيع بالتخفيض بمعنى الكلمة حسب العارفين بالسوق.
ووجدت فئة الشباب في المناسبة فرصة ثمينة للوصول إلى بعض المنتوجات مثل الألبسة الرياضية ذات النوعية (ماركة) التي تتميز بغلاء أثمانها خارج هذا الموعد، الذي يصنع الحدث بالعاصمة فتحولت مراكزها والتجارية إلى قبلة للعائلات أملا في اقتناء منتوج يستهويهم ولا يعثرون عليه في اسواق المناطق الداخلية.
العملية من الجانب القانوني تخضع لإجراءات يقوم بها التاجر الراغب في دخول موسم التخفيضات بحيث يقدم طلبا إلى مديرية التجارة للولاية رفقة ملف يشمل نسخة للسجل التجاري أو الحرفي مع قائمة مفصلة للسلع والمنتوجات المعروضة للبيع وتحديد نسبة التخفيضات المعلنة والأسعار المعمول بها سابقا وكذا تقديم فواتير الشراء لتلك السلع.
طيلة ستة (6) أسابيع، ابتداء من 18 جانفي تستمر علمية البيع بالتخفيضات (صولد) لموسم الشتاء، ليجد المستهلكون مجددا هذه السنة، الفرصة المواتية لاقتناء لوازم وأغراض، يصعب الوصول إليها خارج هذه الفترة بالنظر لغلاء أسعارها.
العملية التي تخضع لضوابط قانونية تثير جدلا واسعا في أوساط المستهلكين وعالم الأسواق، حيث بقدر ما يعلّق فيه المواطنون آمالا عريضة للفوز بما يرغبون فيه، بأسعار في المتناول، بقدر ما يخشون الوقوع ضحية تلاعبات من تجار يجيدون بيع وهم التخفيضات.
حتى وإن كانت العملية تتم في ظلّ مراقبة من مصالح قطاع التجارة على مستوى الولايات إلا أنها تبقى محل متابعة من المحيط (مستهلكين ومهتىمين) سعيا للوصول يوما إلى بناء أرضية تجارية حقيقية تتعامل بآلية التخفيضات وفقا للمعايير المتعارف عليها في أبجديات التجارة.
لا تعتبر العملية إلزامية بالنسبة للتجار، وإنما هو اختيار ممن يدركون أهمية العمل بالتخفيضات كما هو جار في أسواق بلدان عريقة في اقتصاد السوق، حيث يرصد فعلا وجود تخفيضات بالمعنى الحقيقي للكلمة، ويسجل هناك تدفق بشري هائل على المحلات والمراكز التجارية للفوز بمقتنيات ذات جودة وبسعر يلائم القدرة الشرائية.
ولا يعني أبدا البيع بالتخفيض فرصة لتصريف سلع قديمة أو معيبة أو لا تجد حظا في الطلب عليها خلال السنة، وإنما يجب بموجب القانون عرض سلع جديدة ولها صلة بالموسم الجاري فيه البيع، بحيث يحدّد القانون المتعلق بالبيع بالتخفيضات كل الجوانب التي تخصّ الموضوع، تفاديا لأي غموض أو غش، قد يكون المستهلك صحية له خاصة إذا تجرد التجار المستفيدون من أخلاقيات المهنة.
ما عدا بعض المراكز التجارية، المحدودة في العدد، التي تحاول تجسيد العملية باحترافية نسبية وتوسيع نطاق المواد والسلع المدرجة في مسار التخفيضات إلى أكثر من تلك المعتادة من ألبسة ولوازم أخرى، فإن أغلب المحلات الأخرى خاصة في العاصمة، تحترف عرض منتجات نسيجية وجلدية فقط، مثل الألبسة والأحذية التي تستهوي بالأخص شريحة زبائن من النساء والأطفال والشباب تواقون للتعاطي مع الموضة.
وهنا، يلعب التاجر لعبته بحيث يستعمل الإغراءات والأساليب المختلفة لجذب الانتباه واستمالة الزبائن عن طريق عرض تخفيضات بنسب متفاوتة تبدأ بالأقل من 10 إلى 20 بالمائة من السعر الصالي للمنتوج، لترتفع مع انتهاء الفترة القانونية إلى 50 و70 بالمائة. وهنا يزداد حماس الطلب والاهتمام من المستهلكين، الذين أصبحت لديهم ثقافة في التعامل مع السوق وموسم التخفيضات، خاصة من جانب الماركات والنوعية، لكن وفقا لوزن القدرة الشرائية.
الملاحظ أنه طالما لا يزال الإنتاج المحلي دون حجم الطلب وهيمنة أكبر للسّلع المستوردة في مجال الألبسة والأحذية بالأخص، كونها صاحبة الصيت في هذه الفترة، فإن مثل هذه العملية التجارية تبقى ضمن إطار محدود نظرا لحجم لعرض غير الموافق لحجم الطلب من جهة وتأثر القدرة الشرائية خاصة لشريحة الطبقة متوسطة الدخل بتداعيات الأزمة المالية وما يتمخض عنها بالأخص من تضخم وارتفاع في كلفة المعيشة.
أنه موعد يثير المستهلك في مجالات محدودة جدا أبرزها الملابس وبعض المواد الأخرى على مستوى مراكز تجارية كبيرة، وقد يسجل تطورا في السنوات القادمة، إذا حققت السوق المحلية تغطية شاملة للطلب المتزايد، من خلال رفع المؤسسات من حجم الإنتاج وتطوير جودته في مختلف الفروع، من قطاع النسيج إلى الجلود مرورا بالتجهيزات الكهرومنزلية والالكترونية ولم لا الخدمات في السياحة ضمن مسار الترويج.
إن البيع بالتخفيضات يختلف تماما عن الترويج كونه يندرج في سياق سلوك تجاري يعتبر من خصوصيات الأسواق التجارية المفتوحة التي تقبل المنافسة ضمن ديناميكية النمو الاقتصادي الذي تجسده المؤسسات في الأساس. لذلك إن نجاح العملية يرتبط مباشرة بمدى قوة المؤسسة الإنتاجية وشفافية المنظومة التجارية بدءا من المخازن إلى باعة الجملة مرورا وصولا إلى محلات التجزئة.
وضمن كل هذه السلسة يبقى المستهلك الرقم الصعب في المعادلة من حيث انه الحكم الأول والأخير وفقا لمدى سلامة اختياره، والقدرة على التمييز في مسألة الجودة، مقابل السعر المعروض، في وقت تواصل فيه محلات الملابس المستعلمة (فريبري) فرض وجودها، لعامل أساسي يتمثل في ضعف القدرة الشرائية وارتفاع أسعار البيع على مستوى المحلات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024