الإقلاع الحقيقي يكون بالنهوض بقطاع البناء والسكن كونه القاطرة المتينة

قائمة المتعاملين المحدودة تخدم الشركات الأجنبية وبعض أصحاب المال

سعيد بن عياد

مراجعة قانون الاستثمار واستقدام شركاء أجانب لتشجيع إنتاج مواد البناء

وصف زياد براح المكلف بالاعلام بالمنظمة الوطنية للترقية العقارية ظروف الانجاز في قطاع البناء والسكن بالصعبة موضحا حسب تشخيصه، ان المشكل مردّه تشجيع الشركات الأجنبية لتميز بعضها بالامكانيات الضخمة والخبرة، فيما لم تحظ المؤسسة الجزائرية عموما بمرافقة حقيقية تسمح لها بالتطور ومواكبة المعايير، وهذا بالرغم من توفرها على امكانيات بشرية مؤهلة.

وسجل في اتصال مع الشعب غياب استراتيجية تؤدي الى وضع المؤسسات الجزائرية على مسار التطوّر والنمو في وقت توجد هناك مؤسسات من القطاع الخاص لديها امكانيات وتحرص على البقاء في السوق. وحسبه، فإن المعضلة الكبرى في قطاع البناء تتمثل في القائمة المحدودة التي وضعتها وزارة السكن والعمران وهي القائمة المثيرة للجدل بعد أن فسحت المجال كما أضاف لشركات أجنبية ومؤسسات جزائرية يمكلها بعض اصحاب المال في ظروف غير اقتصادية. وأثار بهذا الخصوص نقائص وعيوب ظهرت على انجازات قطاع البناء أوكلت لشركات اجنبية كما هو الحال في بعض برامج «عدل» والتي تعاني من تأخر تسليم مشاريع بسبب عدم احترام آجال الانجاز في وقت يعتبر فيه الوقت عاملا حاسما في سوق البناء والسكن.
وتوقف في تحليله للمشهد عن جملة من السلبيات في ظلّ هذه المعادلة مثل نوعية الانجاز وغياب نظرة المدينة على المجمعات العمرانية.
وتساءل محدثنا عما إذا كانت هناك متابعة لمؤسسات تحصلت على تمويلات لمشاريع لم تتممّ انجازها او قد تكون لم تنجزها حتى، وشملت التسهيلات بالخصوص اجراءات جبائية وتسبيقات مالية واعتماد سعر للمتر المربع  بزيادة بـ 50 بالمائة مقارنة بالسعر المطبق على المتعامل الجزائري، مؤكدا أن المؤسسات الجزائرية التزمت بإنجاز ما لا يقل عن 95 بالمائة من المشاريع التي تحصلت عليها وهي برامج قليلة كما أشار اليه.
وانتقد زياد براح بلسان المتأسف لواقع القطاع انتهاج بعض مسؤوليه اسلوب تحميل المؤسسات الجزائرية التي تنشط في الترقية العقارية، وبالأساس الخاصة اتهامات، دون الحديث بالمقابل عن برامج منحت للأجانب واصحاب المال من الجزائريين. وانجر عن هذا الوضع غير المبرّر تعرض عدد من المؤسسات المحلية التي تنشط في سوق البناء والسكن للوهن وبعضها اقرب للاندثار. ويوضح ان هذا الوضع السلبي يتواصل منذ سنة 2005 أي  منذ تولي نور الدين موسى تسيير قطاع البناء والسكن، وقد تحوّل الرجل اليوم الى مرق عقاري يقول زياد براح. وأبدى استغرابه للتساؤل حول عدم استعمال المتعامل الجزائري للتقنيات واليد العاملة ذات الاتقان، والتي تتطلّب أعباء مالية اضافية وكذا عن وجود مشاكل مع صناديق الضمان الاجتماعي والتأمين، وبالنظر لكل تلك الاعتبارات التي تقلل من المداخيل يضطر المتعامل الجزائري لممارسات حتى يواجه ارتفاع الاعباء. وعن تصوراته لتجاوز هذه الوضعية اجاب محدثنا قائلا: «إذا اردنا حقيقة إحياء امجاد وسائل الانجاز الجزائرية بالصورة التي كانت عليها شركات وطنية لها مكانة متميزة في تاريخ قطاع البناء قبل ان تختفي ينبغي اعادة صياغة استراتيجية جديدة من اجل النهوض بوسائل الانجاز وتجسيد المشاريع»، داعيا الى «إشراك جميع الفاعلين الرسميين والاحترافيين في وضع التصوّر الناجع وابعاد الممارسين للسياسة في قطاع تقني لا مكان فيه سوى للمعطيات والمؤشرات الدقيقة». وأكد برؤية الممارس في الميدان وجود طاقات محلية في مختلف الفروع المتدخلة في سوق البناء والعمران من خبراء في العقار ومهندسين مدنيين ومعماريين الى جانب المرقين العقاريين المهنيين يمكنهم ان يقدموا الحلول المطلوبة، اذا تمّ تجاوز حالة التشرذم وإقامة تنسيق ينهي الوضع السيئ القائم وينعش وتيرة الانجاز مما يزيل الاخفاقات التي تنجم عن هيمنة الاداريين والشركات الأجنبية.
وبعبارة أدق يرى المخرج في ابعاد القطاع عن البزنسة وتسليط الضوء على مطابقة المخططات في ظلّ الزام الشركات الأجنبية بالتعامل مع مهندسين جزائريين ويتطلّب الأمر الحرص على احترام الاجراءات بدقة.
وبخصوص مؤشرات سوق مواد البناء اوضح زياد ان كل المواد تنتج محليا اذا اتبعت سياسة رشيدة واسناد المهمة لأصحابها، مقدما مثال الاسمنت والحديد بعد ان تم التخلص من هاجس الندرة والمضاربة. وحول نفس الانشغال طالب بمراجعة قانون الاستثمار من اجل تشجيع انتاج مواد البناء في سوق محلية تتوفر على مواد اولية ذات جودة مع العمل على استقدام شركاء اجانب حول مشاريع لانتاج مواد البناء. ونبّه في مجال هذه الشراكة الى ضرورة بناء شراكة تستعمل مواد اولية خالصة وليس باسترجاع نفايات واعادة تسويقها كما في حالة متعامل من تركيا بوهران.
واشار الى الخلل الناجم عن تعثر أي منتوج فيما يكون غيره متوفرا فتتعرض كل السلسلة للاضطراب فلا يعقل اذا تم التخلص من مشكلة الاسمنت والحديد قريبا الوقوع في مشكلة اخرى لمنتوج لا يزال يشكل حلقة ضعف في القطاع.
وابدى ممثل المنظمة الوطنية للمرقين العقاريين تفاؤله في وقت تتجه فيه الجزائر الى إدراك عهد يقوم على ارساء اقلاع حقيقي ينطلق من النهوض بقطاع البناء والسكن كونه يبقى القاطرة المتينة للنمو.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024