مذكرات التخرج الأدبية بين النشر ومواجهة المجهول

جهود ضائعة وطاقة أكاديمية مهدورة على أدراج المكتبات

سهام بوغديري

من الظواهر الآنية التي تستدعي وقوفنا عليها شيوع كتابة مذكرات التخرج الأدبية والنقدية.. والتي تعتبر بطبيعة الحال ثمرة التكوين والتربص بالجامعة أين يعتمد فيها الطلاب على بذل أقصى جهدهم علهم يكونون منبعا لثقافة الأسلاف اللاحقة ودليلا يقتضون به.. ففي الوقت الذي تعلن فيه الجامعات وباستمرار عن أعداد المتحصلين على شهادة ليسانس أو الماجستير أو الدكتوراه في هذا المجال وتحتفي بتخرجهم كل سنة.
إلا أن قضية نشر بحوثهم الأدبية والنقدية تبقى مسألة معلقة بحسب الباحث أو الجهة المعنية بالجامعة.. فلا تزال هناك مئات الدراسات والأبحاث رهينة أدراج كليات الجامعات مدفونة بأجنحة المكتبات من دون أن تبصر النور أو يتم نشرها أو تناقلها بين الجامعات والاكتفاء بمكتبات الجامعة فقط.
وعلى الرغم من هذه الحقيقة التي يعرفها الوسط الأكاديمي في جامعاتنا إلا أن هناك كثيرا من التجاهل لهذه المشكلة التي باتت مؤشرا على تأخر في التعامل مع البحوث الجيدة بنوعيها والتي بإمكانها أن تقدم كثيرا ليس فقط للمجتمع من أفراد بل لقطاعات العمل الرسمية والأهلية. فللجامعات كامل المسؤولية بنشر هاته المذكرات ما فيها رسائل الماجستير الدكتوراه، للاستفادة منها بدل زجها على الرفوف ويموت فوق نتائجها قصة نجاح.
فما فائدة الثمار إذا تركت تذبل على أغصانها أو سقطت في أحواض أخرى... ناقوس الخطر يدق الجامعات اليوم التي تتكدس فيها مئات الأبحاث العلمية دون الاستفادة منها. فلو تم تطبيقها فستلعب دورا كبيرا في تطوير وخدمة المجتمع وتقديم حلول عملية للعديد من المشكلات.
فالواقع يثبت أنها في طي النسيان بمجرد إقرار البحث الأدبي ومنح الشهادة لأصحابها توضع في تلك العتمة المجهولة وهو ما يضيع جهد الباحث الذي لا يرى لها أي أثر. فعلى الرغم من وجود أبحاث جيدة إلا أنه لا يطلع عليها أحد ولا يستفاد منها أيا كان.
الأستاذ الجامعي بجامعة الوادي السعيد المثردي :             
الأجدر أن تطبع وتوزع على الجامعات حتى يستفيد منها الطلبة
سعت الجامعات الجزائرية منذ تأسيسها إلى تكوين الطلبة تكوينا علميا أكاديميا في مختلف التخصصات بما فيها الأدبية، سواء في التدرج أو في ما بعده وينهي الطالب مشواره في أغلب التخصصات ومنها الآداب بمذكرة تخرج يعطي فيها عصارة جهده. وخلاصة تحصيله في تخصصه، وإذا كان الأدب يزدهر في بلادنا يوما بعد يوم بمختلف ألوانه التعريبية فإن الدراسات الأدبية لا تقل قيمة عنه.
فعشرات الجامعات تخرج الآلاف من الطلاب بمختلف الشهادات بما فيها الأدبية تاركة في رفوف أقسام الآداب دراسات أدبية نوقشت وأقرتها لجان متخصصة أكاديمية... وإذا كانت شهادة الليسانس بنوعيها الكلاسيكي والحديث (ل ـ م ـ د) لا تعد في مستوى الطبع والنشر بصفتها تدريب عن استخدام أدوات البحث وشروطه فإن شهادات الماجستير والدكتوراه وحتى الماستر تشكل مراجع منتقلة لأنها استوفت كلل شروط البحث وتعتبر مواكبة للحركة الأدبية وتوجهاتها. ولكن بكل آسف فإن هذا الكم الهائل من البحوث والدراسات المنجزة من طرف النخبة من خيرة الطلبة تبقى حبيسة الرفوف بنسخ لا تتعدى أصابع اليد الواحدة. ولا يستقي منها إلا نزر قليل من الدارسين وطلبة ما بعد التدرج خاصة، بينما كان يجب أن تطبع بآلاف النسخ وتوزع على مكتبات الجامعات والمكتبات العمومية ودور الثقافة. لأنها الصوت الحقيقي للحركة الأدبية في الوطن، إن الضرورة تدعو لإنجاز مطابع للنشر والتوزيع وتكون خاصة بما تنتجه العقول في الجامعات من بحوث ودراسات ترفع من المستوى العلمي للطلبة الدين سيكونون إطارات الغد في مدارسنا بكل مراحلها.
أستاذة الأدب العربي بوغقال أميرة  :
الرسائل التي تحولت إلى مطبوعة ضئيلة جدا
 إن مذكرات التخرج الأدبية لها مكانة خاصة ومرتبة مرموقة سواء في مجتمعنا الجزائري أو في المجتمعات الأخرى على اعتبار أنها الفرصة الذهبية التي تفتح أمام الطالب بوابة البحث العلمي وتحوله من مجرد متلق متأثر جامع أو متتبع لأعمال وكتابات غيره إلى باحث يطرح أراء جيدة ثم يسلط عليها الضوء ليثبت جدارته وإمكانية فتح أفاق جديدة من خلال ما ينتجه بما يسمى برسالة الماجستير أو الدكتوراه خاصة.
ولكن واقعنا الراهن يثبت عكس ذلك فهذه الرسائل مجرد لقب يطلق على صاحبها بمجرد إتمامها ومناقشتها ثم يأخذ لها زاوية من زوايا رفوف مكتبات الجامعة، وبالذات بقسم الآداب كمخطوط منسوخ بعدد محدود تلجأ إليه فئة من الطلبة عند الحاجة ألا يكون أفضل والمحصول أوفر إذا ما تحولت من مجرد مخطوط إلى كتاب مضبوط صححت فيه الأخطاء واتخذت منحاها الصلب بعد أن عرضت على نخبة من أكفاء الأساتذة وخيرتهم.. فالواقع المكتبي يؤكد أن عدد الرسائل التي استطاعت أن تتحول إلى كتب مضبوطة تباع في المكتبات العمومية وتعرض في دور النشر ومعارض الكتب الوطنية والدولية، هو عدد ضئيل جدا مقارنة بذلك الذي كدس في رفوف مكتبات الجامعات. وهو ما يعتبر تقصيرا وإجحافا في حق جهود جبارة بذلها طلبة العلم لسنين. وفي حق أدمغة كثيرة تتعطش للاطلاع على الجديد في كل المجالات بما في ذلك الأدب العربي :
الأديب والكاتب علي فرعون :
إنشاء مطابع وطنية أكثر من ضرورة لتجسيد الأعمال المنجزة
حدثنا الكاتب علي فرعون عن إلزامية طبع ونشر مذكرات التخرج الأدبية حتى يضع الطالب ثقته في الجامعة ويسعى على الدوام إلى كسب المزيد ويكون عبرة لغيره، فيحاول الجميع من الطلبة النجباء التقليد ببحوث متميزة حتى تنشر ويكون لهم اسمهم على صفحات كتب ممنهجة. ناهيك عن الحاجة الماسة لمثل هده البحوث الأدبية فوجب التغيير والمضي قدما وإعطاء كل ذي حق حقه فإن كان الطالب قد بذل جهدا كبيرا في إعداد رسالة تخرجه لما لا تكون مكافئته النشر. بدل عرض جهده على رفوف صماء لا فائدة ترجى منها. فوجب إنشاء مطابع ومراكز وطنية تعنى بنشر بحوث هذه الفئة الهامة من المجتمع والتي هي عماد المستقبل بلا منازع.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024