رائد الأغنية الوطنية الفنان محمد سليم لـ «الشعب»:

ضعف الحس الوطني وتدني ثقافة الانتماء وراء تراجع مستواها

تيبازة: علاء ملزي

تأسّف الفنان عدّة دحماني الملقب في الوسط الفني بـمحمد سليم للواقع الأليم الذي بلغته الأغنية الثورية في الجزائر بفعل تخلي قطاع الثقافة عنها على جميع مستوياته وبكل فئاته، الأمر الذي رافقه على مدار عقود خلت من الزمن تشويه ممنهج لمفهوم الوطنية لدى الجيل الجديد.

 أكّد الفنان محمد سليم الذي أدرك عامه الثاني والثمانين، بأنّ التغييب الممنهج للأغنية الوطنية يرتبط ارتباطا وثيقا بتهميش روادها وحامليها في قلوبهم ومخيلاتهم وعقولهم، مشيرا الى مبادرة طيبة سيقدم عليها ابنه أحمد قريبا تعنى بإعادة أداء أغنيتي «إخواني لا تنسوا الشهداء وقداش نفكّر» تكريما لأبيه محمد الذي أداهما لأول مرّة خلال الثورة التحريرية، فيما يبقى هذا الفنان مجهولا وغير مرحب به لدى مختلف الجهات الوصية على الثقافة بالرغم من أدائه المميّز لعدد هائل من الأغاني والأناشد الوطنية قبل وخلال وبعد الثورة، ولاسيما خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كما تأسّف الفنان محمد سليم كثيرا لرفض مدير الديوان الوطني للمؤلف والحقوق المجاورة استقباله مؤخرا في سابقة لم تخطر بباله أبدا، بحيث يصرّ الفنان محمد سليم على وجود أطراف خفية على أرض الواقع تعمل على التغييب المتواصل للأغنية الوطنية لأسباب تبقى مجهولة، الا أنّ بث الاذاعة الوطنية لأغان من أدائه دون الاشارة إليه، أرغم الفنان محمد سليم على التعبير عن غضبه وشجبه لما يحصل من استغلال غير قانوني للموروث الثقافي الوطني.
معظم مطربي الأغنية الوطنية لم يستلموا حقوقهم كاملة
وعن الأسباب المباشرة التي تقف وراء تدني الأغنية الوطنية، يقول الفنان محمد سليم بأنّ غياب الكلمات المناسبة وابتعاد الجيل الجديد عن هذا النمط الفني بخلفية تموقعه بعيدا عن مواضيع الساعة يقفان وراء الظاهرة بالتوازي مع تغييب الفنانين المرموقين في هذا المجال، واستشهد الفنان بما حصل مؤخرا حين تمّ تكريم الفنان التونسي الراحل قدور صرارفي دون أيّ التفاتة للفنان محمد سليم، الذي أدّى أغنية رائعة كتبها الفنان صرار في أبرز فيها تأثره العميق بوفاة زوجته في مرحلة ما قبل الاستقلال، وأشار الفنان محمد سليم الى أنّ معظم مطربي الأغنية الوطنية لم يستلموا حقوقهم كاملة، على عكس باقي الفنانين في الأنماط الأخرى، كما أنّهم لم يكرّموا ولم يلتفت اليهم أحد بالرغم من معاناتهم الشديدة بفعل العذاب المسلط عليهم من طرف الاستعمار.
أما عن المبادرات الواجب تبنيها للعودة بالأغنية الوطنية الى سابق عهدها واسترجاع بريقها المفقود، فقد أشار الفنان محمد سليم الى أنّ الأمر يحتاج الى تشكيل جمعيات متخصصة في هذا المجال يجمع اعضاؤها ما بين كتابة الكلمات والتلحين والأداء مع برمجة عقد مهرجان وطني سنوي خاص بهذا النمط، وتشجيع الأداء من طرف الجهات الوصية التي تبقى مطالبة بلامركزية القرار، ويتطلب هذا المنهج مرافقة متواصلة ولصيقة من طرف وسائل الاعلام المدعوة للانخراط في هذا المسار بتلقائية وعفوية.
تجدر الاشارة الى أنّ الفنان محمد سليم كان قد أدى أغنية أنا ابن الجزائر من تلحين الراحل حداد الجيلالي وانغام الجزائر لعلي معاشي على المباشر بالإذاعة الوطنية سنة 1957 قبل أن يلقى عليه القبض، ويتعرّض لأشدّ انواع العذاب جزاء له على ذلك بمعية المذيع سعيد حايف من مصر والممثل محمد كشرود من الجزائر كما أدى أغنية «إخواني لا تنسوا الشهداء» عقب الاستقلال مباشرة وهي من كلمات الشاعر الكبير مفذي زكرياء وتلقى رصاصة ثاقبة بذراعه الأيسر غداة الاستقلال من طرف المنظمة السرية الفرنسية عقب أدائه لأغنية قداش تفكر الجزائر عادت جنة، وهي الحادثة التي أفرزت جرح رفيق آخر ووفاة ثالث في ظروف مأساوية، وليتواصل جهد الفنان عقب ذلك في مسيرة فنية رائدة دامت عقودا من الزمن الا أنّه تعرّض لقدر كبير من التهميش خلال السنوات الأخيرة لأسباب يربطها الفنان أساسا بالحرب غير المعلنة على الأغنية الوطنية التي تمكنت خلال فترات مضت من أيقاظ وإحياء الوازع الوطني لدى فئات واسعة من الشعب.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024