السعـادة عنـد الشبـاب

بـــين تحقيـــق الرغبـات والشعــور بالإشبـاع والإرتيـاح

محمد مغلاوي

كثير من الشباب يحلمون بالسعادة الحقيقية، كغاية ينشدوها ليعيشوا في غبطة وطمأنينة وراحة دائمة، فمنهم من يرى أن السعادة تتحقق بامتلاك الأموال ليعيش حياة الترف والنعيم، ومنهم من يرى أن السعادة تتحقق بالنجاح في الدراسة والحصول على وظيفة محترمة، وأخرون يحصرونها في الرضا والقناعة الشاملة بعيدا عن الإحباط الذي يفقد لذة الحياة.   

أكدت الأخصائية النفسانية كريمة لعبادي لـ«الشعب”، أنه من خلال صيرورة الحياة اليومية للشباب يلاحظ أن الكثير منهم يعيشون تحت ضغوطات وقلق، سواء في مشوارهم الدراسي أو في العمل، وهذا ما يؤثر على نفسيته ويجعله غير راض، مشيرة إلى أن عدم الرضا عن الحياة التي يعيشها الشاب تجعله في قلق دائم، وبالتالي فالشعور بالسعادة في هذه الحالة يصبح صعب جدا. وقالت لعبادي “في المجتمع الجزائري لا نعرف المعنى الحقيقي للسعادة، كل واحد ينظر إليها من منظوره الخاص، فهناك من يربطها بالمال أو بمنصب عمل مرموق وهناك من يجدها في الزواج أو في الحصول على سكن.. إلى جانب هذا نجد آخرين يرون أن السعادة هي الأدب والخلق الطيب والعلم.. هذا الاختلاف في النظرة للسعادة تجعله يعيش حياة نفسية خاصة به”.
وأضافت لعبادي أن الوازع الديني يلعب دورا مهما في الحصول على السعادة، معتبرة أن الشعور بالرضا والقناعة بما كتبه الله تضع الفرد في حالة نفسية مريحة، وما عليه هنا إلا السعي نحو الهدف الذي يريده ويسبب الأسباب وكل تيسير وتسهيل وتوفيق من عند الله، موضحة أن هذا العامل يغيب عن الشباب “فلما نتحدث إليهم يجيبون بأنهم يريدون عملا ومسكنا وكل ضروريات الحياة اليومية، ويرون أنه دون ذلك لن تتحقق السعادة. فتنشأ لديهم نظرة تشائمية يؤثرون بها حتى على الآخرين”، مشيرة إلى انتشار مصطلحات تشاؤمية في الوسط الشباني  مثل “مَاكانْ وَالُو، تَخْدَم ولا ما تَخْدَمْش كيف كيف”، هذه التعابير سلبية تدعو للتشاؤم والاشمئزاز وتؤثر على نفسية الشاب.
واعتبرت لعبادي أن الشعور بالسعادة يأتي عن طريق تحقيق مختلف الأهداف، فكل شاب مطالب بأن يضع لنفسه هدفا ويأخذ ـ في نفس الوقت ـ بعين الاعتبار أن الوصول إليه يتحقق عبر خطوات ولا يأتي على طبق من ذهب.
وذكرت كريمة لعبادي أن هناك من يشعر بالسعادة رغم عدم توفر ضروريات الحياة، لأن السعادة بالنسبة لهؤلاء هي الرضا بوجود الأب والأم والصحة، نفس الشئ بالنسبة للزوجين الذين يملكون أولاد ولديهم دخل ضعيف، فالسعادة يستمدونها من رضاهم بتحقيق هدف الزواج والحصول على أبناء.
وترى لعبادي أن نظرة الشاب للأشياء بالعين المثالية تجعله يعيش حياة يغيب عنها الرضا، لأنه يريد في كل الحالات والظروف تحقيق جميع الأهداف في وقت قصير دون بدل أدنى مجهود، وهذا يعود إلى بنية شخصيته السلبية وتربيته الاجتماعية التي تجعله ينظر إلى الأشياء نظرة سوداوية، فالمثالية التي تتشكل في دهنه تجعله غير مقتنع بما توفر من شروط وضروريات الحياة. بالمقابل الشاب الذي يريد بلوغ هدفا معينا تجده يكد ويجتهد من أجل النجاح في الدراسة والعمل، ولما ينجح بعد مشوار طويل من التعب والجهد يشعر بسعادة لا تتصور.
بنية اجتماعية متوازنة تساوي حياة سعيدة
 وفيما يخص النصائح التي يمكن تقديمها للشباب، أكدت كريمة لعبادي أن جوهر الموضوع ديني محض فالرضا بما كتبه الله لنا يجعلنا في سعادة وراحة نفسية، ولكن على الشاب ألا يبقى مكتوف الأيدي وما عليه بعدها إلا أن يسعى لتحقيق مشروع معين خطوة بخطوة. من جانب أخر الشاب مطالب بأن ينظر للأشياء بواقعية تراعي مستواه المعيشي وظروف عائلته أو البلد الذي يعيش فيه، لأن التفتح الذي حصل عبر وسائل الاتصال الحديثة أدخل الشاب في متاهات مقارنة وضعه بوضع شباب البلدان المتقدمة وحياة الرفاه هناك، شكلت لديه نظرة سوداوية على كل ماهو موجود في بلده، فالطالب تجده في حالة قلق لمجرد أنه اطلع أو شاهد ظروف الطلبة بالخارج، فيسلك سلوكا مضطربا ويصف حالة جامعته بكل الصفات السيئة ويصل به الأمر حد الشعور بأن الحياة انتهت بالنسبة إليه، وأنه لا يملك شيئا، فهذا الشعور تكون له عواقب سلبية على الشاب وتجده في قلق دائم ولا يحس بالسعادة.
وأضافت لعبادي أنه لابد على الشاب أن يكون اجتماعيا في تعاملاته، ويحاول أن يطلع على ظروف معيشة المرضى والمعوزين حتى يحصل لديه تكامل من الناحية النفسية والاجتماعية، فتواصله مع المرضى مثلا يجعله يتعرف على قيمة التمتع بصحة جيدة ويحس في نفس الوقت بصعوبات الحياة، ومن شأن كل هذه الأشياء أن تخلق للشاب حياة متوازنة دون قلق أو اضطراب سلوكي، فيتغلب على المعوقات ويبلغ السعادة التي ينشدها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024