ارتبط اسمه بكثير من المعارك في الولاية الثالثة

عبد القادر البريكي مثال للقائد الثوري الشجاع

مساهمة بقلم الدكتور جعيل أسامة

ولد الشهيد (عزيل عبد القادر البريكي) في 14 جوان 1927 بدوار متكعوك بلدية بريكة، ابن عزيل أمحمد بن عيسى وأمه عزيل زينب بنت صالح، تربي المجاهد والشهيد في أحضان أسرة فلاحيه بسيطة وما ان بلغ سن الدراسة حتى أرسله أبوه إلي كتاتيب القرية ليتعلم ويحفظ القرآن، وما ان ينتهي من الدراسة يساعد أباه في كافة شؤونه الفلاحية والمنزلية، وحين اشتد عوده اتخذ لنفسه هواية القنص بالبندقية.

أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية، التي ذاق خلالها شعبنا مرارة الجوع والحرمان انتقلت عائلته إلي قرية  ماونة  (ولاية قالمة حاليا) لأسباب عديدة، ولم تكد تستقر هذه العائلة هناك حتى اتضح للسلطات العسكرية أن الشهيد لم يؤد الخدمة العسكرية، لأنه كان بين المعتقلين أثناء أحداث 08 مارس 1945 فنقلته السلطات الاستعمارية إلى الثكنة العسكرية بقسنطينة، حيث جند في الجيش الاستعماري إلي غاية 1949 ولما سرح من التجنيد رجعت عائلته إلى قريتها الأصلية متكعوك.
نشاطه في المهجر
هاجر الشهيد إلى فرنسا بحثا عن العمل الذي لم يجده في وطنه، وبإعانة من بعض الأصدقاء في عام 1952 meiz moselle، وجد عملا في مصنع الحديد والصلب وتزوج ابنة عمه التي أنجبت له بنتا واحدة فقط، كما تزوج بعد ذلك بزوجة ثانية من القبائل والتي أنجبت له بنتا كذلك كانت للشهيد بعض الاتصالات مع بعض أعضاء المنظمة السرية الذين كانوا متواجدين في منطقة (الأوراس)، لكنه لم يبح لأحد بما كان يفعل أوإلى أين كان يذهب.
 وبعد مدة عاد إلى المهجر حيث واصل عمله هناك في مطلع 1955، راسل والده طالبا منه أن يبعث برسالة يخبره فيها بأن والدته مريضة وينبغي أن يحضر في الحين لرؤيتها ففعل والده ما طلبه منه الشهيد. وما أن وصلت الرسالة حتى قدمها عبد القادر إلى إدارة المعمل حتى تسمح له بالذهاب لزيارة عائلته، وكان آنذاك أغلب الجزائريين يخضعون لمراقبة شرطة العدو وخاصة بعد اندلاع الثورة التحريرية.
 وعاد عبد القادر عزيل إلى الجزائر، حاملا معه بندقية صيد ليمارس بواسطتها المفضلة (القنص)، ومكث مع أسرته مدة قليلة (شهرين) كان فيها كثير الحركة دائم النشاط وكان يتغيب كثيرا عن البيت، لقد كان يتصل أثناءها بإخوانه المجاهدين على مشارف جبال الشلعلع وأولاد سلطان حيث تواجد الطلائع الأولى للمجاهدين.
التحاقه بالثورة
في أوائل ماي 1955 وفي عيد الفطر التحق نهائيا بإخوانه المجاهدين رفقة ( فرحات عباس)، من عين التوتة إلى المنطقة المذكورة، حيث كان له الاتصال ثم ما لبث أن انتقل مع إخوانه إلى الجبل (بوطالب) حيث عين قائدا لوحدة من جيش التحرير وبقي هناك أي في الناحية الرابعة من المنطقة الأولى في أواخر سنة 1956، حيث التحق بالولاية الثالثة التي بقي بها في أوائل سنة 1959 واستدعي إلى اجتماع مجلس قيادة الثورة الذي انعقد بطرابلس في صيف 1959 وسافر رفقة العقيد ( عميروش) وغيره من الضباط الساميين لجيش التحرير الوطني واستطاع الوصول إلى الحدود الشرقية والمشاركة في أشغال المجلس الوطني للثورة.
صفات الشهيد البطل
نصرا لتلك البطولة الفريدة من نوعها التي كان يبديها أثناء المعارك، وبذلك كان خير خلف لخير سلف، عبد القادر عزيل ارتبط اسمه بكثير من الأحداث التاريخية في الولاية الثالثة بل الذي يعرفه شعب الصومام على امتداد واديه ويعرفه الجيش الفرنسي حق المعرفة ولعل الشيء الذي يمتاز به الشهيد أكثر هو مجمل الصفات التالية الشجاعة والجرأة.
الصفة الأولى: الشجاعة
إليكم هذه الحادثة التي تكشف لكم عن مدى شجاعته وبطولته، نعم باغت العدوالفرنسي في أواخر ….. ناحية اوزلاقن بعملية تمشيط شاملة بواسطة المظليين، الذين أنزلتهم الطائرات المروحية فوق التلال المحيطة بالعرش مصادفة كان الأخ عبد القادر البريكي (بوشيبان وهو في طريقه إلى أكفادوإذ انسحب المسبلون من الميدان بطريقتهم المعروفة محاصرا في ذلك الظرف العصيب وحاول أن ينسحب بدوره، ولكن أنى له ذلك، المكان مطوق ومحاصر بآلاف المظليين.
 وهكذا أخذ رشاشه فشهره بين يديه وأخذ يتحرك من غابة إلى أخرى ومن جذع إلى آخر كأنه أسد هصور، ثم ما هي إلا لحظات حتى التقى بجنود العدو فاصطدم بأولئك المظليين فانطلقت تلك المعركة التي دارت بين عبد القادر البريكي من جهة والجيش الفرنسي من جهة أخرى، نعم وطالت المعركة وحمى وطيسها اشتدت ضرواتها وتدخل الطيران والبطاريات الأرضية، وفي الأخير ظهرت المعجزة ولكنها ليست من نوع المعجزات السماوية التي تحدث عادة على أيدي الأنبياء والمرسلين، إنها معجزة أرضية حدثت على يد عبد القادر حيث انسحب من الميدان سالما غانما من المعركة انسحب من القتال ومعه حزمة من الأسلحة افتكها من أيدي جنود العدوالجبناء ( رشاش 24 أربع بنادق رشاشة، قنابل يدوية ، نظارة ميدان، كيس عسكري ).
 ولا ننسى ذلك المدفع الذي غنمه في شرق البلاد وهو مدفع الهاون من عيار 60 مم الذي قصف به سنة 1958 مدينة (اقبو) وبعض مراكز العدو بالجهة، كما نذكر أن هناك عدة نقاط من الجهة الثالثة للمنطقة الثالثة والتي كان العدولا يمر بها إلا بعد الإستنجاد بالطيران خوفا من كمائن البريكي في هذه النقاط (اللاغن، هلوان، بالإضافة إلي بوتقوايت)، ارتقى عبد القادر إلي رتبة ملازم ثاني، ونال الرتبة عن جدارة واستحقاق بل ويستحق أكثر لوقدرت الرتب والترقيات حق قدرها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024