النص الكامل لافتتاحية العدد الأول لجريدة «الشعب» يوم 11 ديسمبر 1962

كلمة الشعب

مع مطلع فجر 11 كانون الأول «ديسمبر»1962 يفتح الجزائري عينيه ليشهد ميلاد حدث تاريخي هام، هو ميلاد جريدة عربية يومية وانه لمن الصدف النادرة.. ان تظهر هذه الصحيفة في ذكرى تاريخية هي ذكرى الانفجار الشعبي الهائل الذي انطلق في 11 كانون الأول، ديسمبر 1960.
 وإذا كنا اليوم نسترجع ذكريات ذلك اليوم الخالد .. ونعيش جو الانتفاضة الشعبية الجبارة، التي كانت معركة من معاركنا الحاسمة ساهمت بقدر كبير في التعجيل بالانتصار الذي أحرزناه على قوى الاستعمار، فإن أحسن ما يمكن ان نقوم به إزاء أرواح شهدائنا الذين دفعوا حياتهم ثمنا لحياة الجزائر، هو أن نجعل من شعار الجزائر عربية، الذي كانوا يهتفون به، حقيقة واقعية، حقيقة حيّة كما كانت دائما.
وفي اطار تجسيد هذا الهدف تبرز جريدة «الشعب» باللّغة العربية لغة الجزائر، لغة الفلاحين والعمال وكل فئات الشعب العربي في الجزائر، تبرز للتعبير عن واقع الجزائر الجديدة والتشارك في خوض المعركة من أجل إرساء قواعد الجمهورية العربية الديمقراطية الشعبية ولتحقق رغبة الجماهير في متابعة الأحداث اليومية في الداخل والخارج في صحيفة يومية بلغتها القومية.
إن ميلاد جريدة الشعب بلغة الشعب ليست فقط ضرورة من ضرورات استكمال مظاهر شخصيتنا واستقلالنا.. وإنما ضرورة يفرضها العمل الثوري ذاته الذي يستهدف خدمة الجماهير بالدرجة الأولى.
وهكذا كان التفكير في إصدار جريدة يومية باللّغة العربية تطبيقا لمبدأ من مبادئ العمل الثوري الأصيل، لأنه فضلا عن كونه تجسيما للوجود القومي، هو إلى جانب ذلك وسيلة تمكن الشعب العربي في الجزائر من ممارسة حقه في الاطلاع على واقعه وفي تفهمه بكل عمق.
ان طبيعة هذا الازدواج في طبيعة هذا العمل الثوري، هو الذي يجعل من مهمة جريدة «الشعب» مهمة مزدوجة، فهي ككل جريدة يومية لا بد ان يكون لها دورها الأساسي هوالاخبار، ولكن بما أنها جريدة ثورة، يملكها الشعب بأكمله لابد وأن تقوم بدورها في التربية السياسية التي تتمثل في بلورة أهداف الجماهير وشرح مبادئ الثورة والارتفاع بمستوى الوعي الثقافي الفكري والسياسي لدى المناضلين.
هذه باختصار هي الأغراض السياسية التي أنشئت من أجلها جريدة «الشعب» وهي لا شك أغراض سامية ونبيلة وعظيمة .. لأنها أغراض ثورية تلبي حاجة شعبية ملحة.
 ففي هذه المرحلة التأسيسية الحاسمة من مراحل كفاحنا في سبيل إقامة مجتمع عربي جديد مبني على قواعد الاشتراكية الديمقراطية الشعبية، تظهر «الشعب» لتخوض مع الشعب معركة البناء، ولتشاركه كل الأوضاع المتعفنة التي خلفها الاستعمار في بلادنا.
والاستجابة للرغبة الملحة، هي التي دفعتنا إلى إصدار الجريدة قبل استكمال العدة اللازمة لمثل هذا العمل الذي يتطلب إمكانيات أدبية ومادية هائلة تتمثل أولا في توفر عدد كاف من المحررين الذين يتمتعون بخبرة في الفن الصحفي، وثانيا في توفير الأجهزة والآلات الضرورية للطبع، ولكن على الرغم من النقص الذي نعانيه في هذه الإمكانيات والذي يرجع الى أسباب ترتبط بالعهد الاستعماري البغيض، على الرغم من ذلك فقد تصدّينا لإصدار الجريدة مستوحين الروح النضالية التي تحدو شعبنا، عازمين على استكمال جميع أوجه النقص من خلال ممارستنا للتجربة عمليا معتمدين على رعاية الشعب لهذا المولود الجديد، وعلى تشجيعه له على أداء الرسالة التي خلق من أجلها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024