في الذكرى 63 لمجزرة ساقية سيدي يوسف

رمز للنضال المشترك بين الشعبين الجزائري والتونسي

سهام بوعموشة

 جريمة لا تزال تذكّر بوحشية الإحتلال الفرنسي

يحيي الشعبان الجزائري والتونسي، اليوم الاثنين، جريمة ساقية سيدي يوسف التي اقترفها الاحتلال الفرنسي إبان ثورة التحرير، يوم 8 فيفري 1958، على الحدود الجزائرية التونسية والتي لا تزال تذكّر بوحشية المستعمر الفرنسي، حيث وصفت الولايات المتحدة الأمريكية القصف بالعمل الجنوني، الذي لم يلحق ضررا بمعنويات الثوار الجزائريين، بقدر ما زاد من عزيمتهم، وأرجع الإتحاد السوفييتي سابقا سبب الغارة إلى يأس فرنسا من كبح جماح شعب ثائر.
لم تفصل الحواجز والحدود يوما بين الشعبين الشقيقين، وخير دليل ساقية سيدي يوسف التي امتزجت فيها دماء الأبرياء من الشعبين نتيجة ما خلّفه القصف بهذه القرية الهادئة بحجة حق الدفاع الشرعي، استنادا للقرار الذي أصدرته فرنسا في 1 سبتمبر 1956، القاضي بحق ملاحقة ومتابعة وحدات جيش التحرير الوطني داخل الأراضي التونسية لتظهر فرنسا أمام الرأي العام العالمي بصورة الضحية، والحقيقة أن القصف كان يعبّر عن الوضعية المتدهورة التي آلت إليها الجمهورية الفرنسية الرابعة ويأسها في القضاء على الثورة الجزائرية.
تقع قرية ساقية سيدي يوسف على الحدود الجزائرية التونسية على الطريق المؤدي من محافظة سوق أهراس في الجزائر إلى محافظة الكاف في تونس، حيث شكلت القرية منطقة إستراتيجية، كونها معبر لإدخال المؤونة والأسلحة من تونس دعما للشعب الجزائري، وكانت قاعدة خلفية لنقل جرحى المجاهدين وعلاجهم داخل تونس، فتفطنت فرنسا للأمر واستعملت أسلوب الانتقام الجماعي وقررت قصف قرية سيدي يوسف،صباح يوم السبت 8 فيفري 1958، كان يوم سوق أسبوعية.
  من عادة الجزائريين اللاجئين القدوم إلى تلك السوق من أجل اقتناء ما يلزمهم من المؤونة والألبسة، كما صادف ذلك اليوم تواجدا كبيرا لأفراد من جيش التحرير الوطني الذين قدموا في مهمة استلام بعض المساعدات من الهلال الأحمر التونسي والصليب الأحمر الدولي.
أعطى الجنرال صالان على الساعة العاشرة صباحا الضوء الأخضر للقيام بالهجوم على الساقية وقصفها، مستندا على مجموعة من التقارير العسكرية وبعض الصور الفوتوغرافية الملتقطة من طرف طائرة استطلاعية انجليزية الصنع، ما بين 2 إلى 7 فيفري 1958، والتي على إثرها حددت المناطق التي سيتم قصفها، وفي حدود الساعة 11 و5 دقائق من يوم السبت الموافق لـ 8 فيفري 1958 أقلعت الطائرات العسكرية الفرنسية من قاعدة تبسة العسكرية وعددها حوالي 25 طائرة، منها 11 مقنبلة من نوع B26، و6 طائرات من نوع كورسير و8 طائرات من نوع ميسترال محملة بما يزيد عن 45 طنا من المتفجرات، واستغرق القصف الجهنمي ساعة وعشرون دقيقة، مخلفا استشهاد العشرات، من بينهم أطفال من تلامذة المدرسة الإبتدائية، والعديد من الجرحى، وتحطمت الكثير من الدكاكين والمساكن، كما حطمت ثلاث عربات شحن تابعة للصليب الأحمر الدولي، ولم يفلت الفارين من القصف تحت طاردة الطائرات بالقنابل الحارقة. واعترف صالان في برقية بعثها لوزير الدفاع الفرنسي آنذاك يخبر بمهاجمة الساقية وأنها هدمت بنسبة 80 %من الأهداف، قائلا :»ستصلكم الصور الملتقطة جوا هذا المساء».
وجراء هذه الجريمة طلبت تونس الجلاء الكامل للقوات الفرنسية من أراضيها، وأنشأت جبهة الدفاع المشترك بموجب لائحة صادقت عليها جبهة التحرير الوطني وحزب الإستقلال المغربي والحزب التونسي في ندوة احتضنتها طنجة في أفريل 1958 والتي توّجت ببيان مشترك يؤكد دعم تونس والمغرب للثورة الجزائرية.
ويرجع بعض الباحثين في التاريخ السبب المباشر لقيام فرنسا بالقصف، توالي هزائمها العسكرية والإعلامية جراء معارك الحدود، أبرزها معركة جبل الواسطة في 11 جانفي 1958 على بعد كيلومترات من الحدود التونسية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024