تحمل الاعتداءات الارهابية التي تعرّضت لها النيجر الكثير من الأبعاد والخلفيات التي يجب الوقوف عندها، خاصة في ظل الغموض الذي يسود الأوضاع في مالي وتدهور الوضع في ليبيا، وبروز جماعات إرهابية في تونس، الأمر الذي يؤكد أنّ مخطط استهداف الجزائر مازال مستمرا من خلال توسيع دائرة حزام النار الذي يربطها بمختلف الدول.إنّ الهجوم على استثمارات “أريفا” الفرنسية قبل أيام في النيجر، والاعتداء على سجن بالعاصمة نيامي يضم عناصر إرهابية خطيرة يؤكّد عن وجود مخططات لتوسيع دائرة الحرب في مالي نحو النيجر، ومنه إدخال المنطقة في دوامة من اللاّاستقرار، وهو ما يعني زيادة مسؤوليات الجزائر التي توجد في حالات استنفار قصوى على الحدود بعد الذي حدث في الجوار.
إنّ ما يدعو للغرابة هو توقيت هذه الهجمات التي تزامنت مع قرب الاستحقاقات الرئاسية في مالي، التي كشفت عن صراع بين مختلف القوى الغربية حول من سيحكم في باماكو، فالتأثير الفرنسي واضح ومساعي واشنطن والصين ومختلف القوى المؤثرة واضح أيضا من أجل ضمان مكانة في هذه المنطقة الحساسة والغنية بمختلف الثروات، ناهيك عن الموقع الاستراتيجي.
ستنظّم الانتخابات الرئاسية في مالي شهر جويلية المقبل، وفي دورين من أجل إيهام الرأي العام هناك وفي الخارج بالعملية الديمقراطية والشفافة، وبدأت مختلف وسائل الإعلام الغربية وخاصة الفرنسية في الحديث عن حرية الاختيار وتساوي الحظوظ، وسيادة الشعب المالي تمهيدا لإقناع الكل بالقيادة الجديدة في باماكو.
وفي ظل التعتيم الإعلامي بعد التدخل العسكري الفرنسي وتوقف العمليات بعد طرد الجماعات الدموية نحو مرتفعات أفوغاس عند الحدود الجزائرية، وعودة التوارق للسيطرة على كيدال ودخول سلطات باماكو في التفاوض حول تسليم المدينة جعل من غموض الوضع في مالي يزداد أكثر.
لقد نجحت الجزائر في كشف المؤامرات الدولية وسوء نية الغرب في إيجاد حلول في مختلف بؤر التوتر مثلما حدث في العراق وأفغانستان والشرق الأوسط، من خلال مساعدة الدول على تجاوز مشاكل التنمية المستدامة ومنه إقامة أنظمة ديمقراطية وعادلة تساعد على بناء علاقات ندية بين مختلف الدول، وإضفاء نوع من التوازن في العلاقات الاقتصادية بعيدا عن هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات وتحويل الشعوب إلى عبيد في بلدانها.
وتبقى سياسة الجزرة والعصا التي تتبعها باريس مؤخرا من خلال استغلال عاطفة الشعب الجزائري ومحاولة الظهور بالدولة التي لا تريد التدخل في شؤون الجزائر، إلاّ أنّ ما يحدث في مالي والنيجر وليبيا وتونس وموريتانيا يعكس الرغبة في زعزعة استقرار الجزائر ونيل تنازلات منها، خاصة بعد أن أظهر الحل العسكري أمورا أخطر قبل التدخل، وحتى إيجاد الحلول الدبلوماسية حاليا سيكون صعبا.
والوضعية تحتاج لتثمين قوات الجيش الوطني الشعبي وأسلاك الأمن المشتركة التي تسهر على حماية الحدود وتأمينها، ومسايرة التطورات والأوضاع بشكل دقيق لتبرهن المؤسسة العسكرية عن احترافيتها خاصة في الأوقات الصعبة، محبطة كل المؤامرات الدولية ومحاولات استهداف الجزائر.







