تعلق الأطراف المالية آمالا كبيرة على الوساطة الجزائرية للتوصل إلى حل دائم للازمة التي تعصف ببلادهم وإنهاء خلافات ترهن مسار التنمية في هذا البلد، الذي حقق نجاحا باهرا على الصعيد السياسي من خلال العودة إلى العمل بالشرعية الدستورية التي بترها انقلاب 2012 وذلك بعد تنظيم استحقاقين انتخابيين هامين، سمحا ببناء أهم مؤسسات الدولة وهما السلطتان التنفيذية والتشريعية.
الكل يعلم أنه من بين الآثار السلبية لذلك الانقلاب المشؤوم، كان سقوط شمال البلاد في أيدي الجماعات الإرهابية وسط غياب تام لسلطة الدولة ورموزها، التي تقطعت أوصالها بفعل ذلك الانقلاب الذي قاده النقيب سانوغو – الذي رُقي لاحقاً بشكل مثير إلى رتبة جنرال – والذي أدى إلى دخول البلاد في أزمة سياسية وعسكرية حادة، لعل من أبرز آثارها معضلة الشمال التي أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الوحدة الترابية لهذا البلد وهو الوضع الذي لم تقبل معه الجزائر الوقوف مكتوفة الأيدي أمام أحداث يعيشها هذا البلد الذي تربطنا علاقات صداقة وجوار وسارعت إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية لمحاولة إعادة التيار بين أبناء الشعب المالي الواحد الذين استجابوا في آخر المطاف إلى نداءات الحوار والقبول بالآخر.
الوساطة الجزائرية نالت منذ البداية دعما واسعا من الدول الكبرى ومن الأمم المتحدة لهذا المسعى الإيجابي الذي تقوده الجزائر، بحكم أنها تمتلك خبرة معروفة ومعترف بها في مجال الحل السلمي للأزمات، إيمانا منها أنه السبيل الأمثل ليس لحل تلك الأزمات فقط ولكن للقضاء على ما قد ينجر عنها من تفاعلات ومضاعفات ومنها على وجه الخصوص استفحال ظاهرة الإرهاب التي تجد في مناطق اللاّإستقرار الأرضية الخصبة للبزوغ والانتشار.
توصل الأطراف المالية إلى حلّ يأتي في شكل اتفاق نهائي يوقّع عليه كل الفرقاء الماليين، هو الشغل الشاغل للجزائر، بعد توقيعهم على إعلان الجزائر، شهر أوت الماضي، الذي شكل خارطة طريق للجولات اللاحقة من الحوار البيني المالي الشامل الذي احتضنته الجزائر وكانت آخرها جرت الأسبوع الماضي، بهدف التوصل إلى هذا الاتفاق النهائي الذي قال بشأنه وزير خارجية مالي السيد عبد الله ديوب، الجمعة، بمناسبة الاحتفال بيوم الأمم المتحدة، إن حكومة بلاده متفائلة بالتوصل إلى التوقيع على اتفاقية سلام دائم مع المجموعات المسلحة في الشمال.