أقدمت السلطات المحلية بمدينة آسفي المغربية على منع وقفة سلمية كان سكان وفعاليات المدينة يعتزمون تنظيمها، مساء الجمعة، تضامنًا مع المتضررين من فاجعة الفيضانات الأخيرة، وللمطالبة بإنصاف الضحايا ومحاسبة المسؤولين عن التقصير الذي ساهم في وقوع الكارثة.
بحسب المعطيات المتوفرة، فإن التدخل الأمني حال دون تنظيم الوقفة رغم طابعها السلمي والإنساني. وقد اعتبر منظمو الوقفة أن هذا المنع يشكّل تضييقًا على الحق في الاحتجاج والتعبير.
في السياق، قام الأمن المخزني باعتقال شاب نشر مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، تضمن تشكيكا في المعطيات الرسمية المتعلقة بحصيلة ضحايا الفيضانات التي عرفتها آسفي قبل أيام.
وزعمت السلطات الأمنية المخزنية بأنّ الشاب روّج لأرقام غير صحيحة ومبالغ فيها من شأنها المساس بالأمن العام وإثارة الهلع وسط المواطنين، وهو ما أدى إلى توقيفه.
المطالبة بإعلان آسفي «مدينـة منكوبة»
من ناحية ثانية، أعلن محامون وهيئات حقوقية بأسفي عن تقديم دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية بالرباط، لمطالبة الدولة بتفعيل القانون الخاص بالكوارث الطبيعية، في فيضانات آسفي، لتعويض الضحايا وذوي الحقوق.
وفي ندوة جرى تنظيمها بالمدينة، أكد محامون وفاعلون حقوقيون أن القانون 110.14 المتعلق بتغطية الوقائع الكارثية، تم تشريعه لغرض استفادة المواطنين في حالات مشابهة لما وقع بآسفي، والضحايا يطالبون بحقهم وليس بالصدقة، فالصندوق تُضخ فيه ملايير الدراهم منذ 2020.
وأعلنت هيئات للمحامين خلال الندوة أن الدعوى تقدم بها أزيد من 170 محام ومحامية، لمطالبة الدولة بتفعيل القانون، وحث رئيس الحكومة على إصدار مرسوم يقر فيه بأن آسفي مدينة منكوبة، حتى يتسنى تفعيل الاستفادة من «صندوق الكوارث».
وفي ذات الصدد، قالت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان إن المأساة التي عرفتها أسفي لا يمكن اختزالها في خطاب القدر، بل تقتضي إعمال منطق المساءلة القانونية والمؤسساتية، بوصفه شرطا للعدالة، وضمانا لعدم التكرار.
وأضافت المنظمة في كلمة خلال الندوة أن الضحايا، في المنظور الحقوقي، ليسوا أرقامًا في بيانات رسمية، بل أصحاب حقوق، لهم حق ثابت في معرفة الحقيقة كاملة دون انتقاص أو مواربة، والولوج الفعلي والمنصف إلى القضاء، وجبر الضرر المادي والمعنوي بما يليق بحجم الفاجعة، إلى جانب الحصول على ضمانات مؤسساتية تحول دون إعادة إنتاج نفس المأساة.
من جهتها، انتقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التعتيم الرسمي والإعلامي الواضح، والتلكؤ في الكشف عن المعطيات الدقيقة حول عدد الضحايا والمصابين والخسائر المادية الناجمة عن الفيضانات الكارثية وغير المسبوقة التي شهدتها مدينة آسفي يوم 14 ديسمبر الجاري.
ونبّهت الجمعية في بيان لمكتبها المركزي إلى أنّ الحصيلة الحقيقية للخسائر البشرية والمادية ما زالت غامضة، وطالبت بوقف التعتيم وكشف الأرقام والمعطيات الحقيقية. وحملت الجمعية الدولة، بمؤسّساتها المركزية والمحلية، المسؤولية الكاملة عن هذه الفاجعة.



