«تحيا الجزائر..يا شهيد ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح»..تدوّي وسط النواب
5 فصول تضمّ 27 مادة..تحقيق العدالة التاريخية وعدم الإفلات من العقاب
تعداد جرائم المحتلّ وتحديد مسؤولية الدولة الفرنسية عن ماضيها الاستعماري
آليات للمطالبة بالاعتراف والاعتذار..وإقرار تدابير جزائية لتجريم تمجيد المستعمر
أجواء احتفالية بالبرلمان..وروح مسؤولية عالية تميّز جيل الاستقلال
صادق نواب المجلس الشعبي، أمس، في لحظة تاريخية، وبالإجماع، على مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وجرى التصويت في جلسة علنية ترأسها السيد ابراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، بحضور وزيرة العلاقات مع البرلمان، السيدة نجيبة جيلالي وأعضاء من الطاقم الحكومي، ونواب سابقين ممن تقدموا بالمبادرة الأولى لسن قانون تجريم الاستعمار الفرنسي عام 2001، بقيادة النائب بالمجلس الشعبي الوطني آنذاك محمد ارزقي فراد.
في أجواء مفعمة بالفخر والاعتزاز الوطني، ومشحونة بالإحساس العالي بالمسؤولية التاريخية والوفاء العميق لأمانة الشهداء، عبّر نواب المجلس الشعبي الوطني عن فرحة عارمة وغامرة عقب المصادقة على مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، في لحظة وُصفت بالتاريخية تحت قبة الغرفة الأولى للبرلمان. وقد تعالت التصفيقات الحارة، وصدحت الزغاريد من مختلف الأجنحة، ممزوجة بهتافات قوية من قبيل: «تحيا الجزائر»، و«يا شهيد ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح»، في مشهد جسّد إجماعًا وطنيًا واستحضارًا واعيًا لتضحيات الملايين من أبناء هذا الوطن.. تلك الأجواء عكست إرادة سياسية ثابتة لتكريس السيادة الوطنية والدفاع عن الذاكرة الجماعية، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من معركة استكمال الاستقلال، كما عبّرت هذه اللحظة عن انتصار جديد للجزائر الجديدة في مسار استرجاع تاريخها المجيد، وتثمين نضالات شعبها ضد مستدمر لم يتوقف، لعقود طويلة، عن إنكار جرائمه والتغني بممارساته الوحشية التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، في تحدٍّ صارخ للحقيقة التاريخية ولقيم العدالة والإنصاف.
ليــس انتقاما بـل إحقاقـا للحقّ
من جهته، أشاد رئيس لجنة الدفاع الوطني، يونس حريز، بالقانون، وثمن الإجماع عليه، واعتبر ذلك موقفا وطنيا يعكس التزام المؤسسة التشريعية بتحقيق العدالة وإحقاق حق الشعب في انتزاع الاعتراف والاعتذار من دولة فرنسا عما اقترفته خلال فترة الاستعمار من جرائم وأفعال وممارسات ضد الإنسانية، وعليه – يقول حريز – إن التصويت محطة تاريخية تزف للشعب الجزائري وتؤكد التمسك بالذاكرة الوطنية والوفاء للشهداء، مؤكدا أنه لا يمكن نسيان ما ارتكبته فرنسا من جرائم طيلة 132 سنة من إبادات جماعية وتدمير وتقتيل ونفي إلى أقاصي الأرض وجعل الصحراء الجزائرية مختبرا للتفجيرات النووية بآثارها الصحية الوخيمة التي ما زالت ماثلة إلى اليوم، وغيرها من الجرائم التي تعبر عن حقد دفين من فرنسا ضد الجزائر.
وأوضح حريز أن جرائم فرنسا لن تسقط بالتقادم، ولا يمكن طي الصفحة دون اعتراف صريح وتحمل المسؤولية التاريخية، وقال إن نص القانون لا يستهدف الشعب الفرنسي ولا يسعى للانتقام أو التأجيج، لكنه مع السلم وإقامة علاقات مع الدول على أساس الاحترام المتبادل.
وختم حريز بالقول إن التصويت على قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، خطوة تاريخية لتأكيد مسؤولية فرنسا القانونية والتاريخية والأخلاقية عن جرائمها، وتكريس لمبدأ العدالة التاريخية وتحقيق لكرامة الشعب الجزائري وإنصاف للذاكرة الوطنية وصونها من التزييف والنسيان، كما أنه رسالة واضحة بأهمية الدفاع عن السيادة وتضحيات الشهداء ورفض كل أشكال الظلم والاستعمار، كما أن زمن الوصاية انتهى، فنحن أصحاب حق ونحن من يكتب التاريخ، ونحن من يحدد المصطلحات، ولن نقبل بالمساواة بين الضحية والجلاد، ولا بتمديد الاستعمار تحت أي مسمى، ولا الترويج له.
وفي سياق آخر، اعتبر منسق لجنة مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، أن مشروع القانون وطيلة فترة صياغته تطلب أكثر من 30 اجتماعا أو هو بمثابة استقلال ثاني للجزائر وتوجه بالشكر لكل من ساهم في صياغة مقترح القانون كما توجه بشكل خاص للجنة التي قادت أول مبادرة لتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر لعام 2001.
منعطـــف تاريخـي..
وقالت لجنة الدفاع الوطني في تقريرها التكميلي، إن إقدام البرلمان الجزائري على سن مثل هذا النص القانوني، يمثل موقفا سياديا وتاريخيا يعبر عن تمسك الجزائر بحقها غير القابل للتصرف ووفائها لتضحيات شعبها ورسالة شهدائها، وأضافت أن مقترح القانون الذي لقي إجماعا لدى نواب الشعب، يعكس إجماعا وطنيا حول قضية سيادية، يطبعها التوافق والإجماع في ظل توحد المواقف بشأن ضرورة حماية وصون الذاكرة الوطنية، حيث «أن تجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر هو انعطاف تاريخي يهدف إلى تثبيت وتحديد المسؤوليات استنادا إلى مبادئ القانون الدولي التي تؤكد على حق الشعوب في الإنصاف القانوني، وأن هذا التجريم يعد قضية شعب بأكمله تذوب فيها مختلف الحساسيات وكل أوجه الاختلاف، مؤكدة أن النواب عملوا بجد من أجل صياغة نص قانون يستجيب لتطلعات الشعب الجزائري.وكانت لجنة الدفاع الوطني للمجلس الشعبي الوطني، درست أول أمس الثلاثاء برئاسة رئيس اللجنة، يونس حريز، التعديلات المقترحة على مقترح القانون والبالغ عددها أربعة، حيث وافقت على تعديلين اثنين ورفضت الاثنين الآخرين، وقد تم التصويت على التعديلات التي قدمتها اللجنة، فيما انسحب صاحب التعديلين المرفوضين خلال جلسة التصويت العلنية.





