زعيم وطني وسيـاسي محنّك

فرحات عباس أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة من 1958 إلى 1961

زعيم وطني ورجل سياسي محنّك، مؤسس الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري، وأول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة من 1958 إلى 1961، تم انتخابه غداة استقلال الجزائر رئيسا للمجلس الوطني التشريعي، إنه المناضل فرحات عباس، المولود بتاريخ 24 أوت 1899، بالطاهير بولاية جيجل، حيث ينحدر من عائلة فلاحية كثيرة الأولاد تتكون من 12 فردا، وكان والده يعمل في الإدارة الاستعمارية.

زاول فرحات عباس تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه، والثانوي في مدينة سكيكدة، وقام بالخدمة العسكرية فيما بين عامي 1921 و1923، ثم انتقل للعاصمة لإكمال تعليمه الجامعي وتخرج بشهادة عليا في الصيدلة عام 1931، ثم فتح صيدلية في سطيف سنة 1932. وكان خلال فترته الطلابية نشطا حيث ترأس جمعية طلبة شمال أفريقيا المسلمين بالجزائر من 1927 إلى 1931 بعد أن كان نائب رئيس الجمعية بين عامي 1926 - 1927.
أصدر فرحات عباس مجموعة من المقالات الصحفية، في كتيب عنوانه «الشاب الجزائري» وفيه عبر عن أفكاره الإصلاحية والتجديدية، علما أن ثقافته فرنسية ولم يتحدث العربية قط. لم تكن له قاعدة ثابتة من المعتقدات أو الأتباع، إلا أن مثابرته وتكيفه السريع مع المتغيرات المستجدة جعلت منه قوة لا يمكن للكيانات السياسية تجاهلها عند التعامل مع القضية الجزائرية.
عرف فرحات عباس بانفتاحه السياسي والفكري، حيث تحول خلال حياته السياسية التي تمتد على أكثر من ثلاثين سنة، من فكرة الاندماج إلى الفكرة الاستقلالية، ومن الإصلاحية إلى الثورية، ففي عام 1936 كتب في جريدة الوفاق الفرنسية مقالا شهيرا تحت عنوان «فرنسا هي أنا»، أكد فيه دعوته إلى الاندماج مع فرنسا، مستنكرا وجود الأمة الجزائرية، حيث قال: «لو كنت قد اكتشفت أمة جزائرية لكنت وطنيا ولم أخجل من جريمتي، فلن أموت من أجل الوطن الجزائري، لأن هذا الوطن غير موجود، لقد بحثت عنه في التاريخ فلم أجده وسألت عنه الأحياء والأموات وزرت المقابر دون جدوى».
وكان قبل ذلك قد انضم إلى فيدرالية النواب المسلمين الجزائريين، التي أسسها الدكتور بن جلول عام 1930 والتي كانت تهدف إلى جعل الجزائر مقاطعة فرنسية، وخلال الحرب العالمية الثانية ودخول الجيش الأمريكي الجزائر في 8 نوفمبر 1942. إتصل فرحات عباس بروبرت ميرفي، المبعوث الشخصي للرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت إلى شمال أفريقيا، ليطلب منه تقرير مصير المنطقة بعد الحرب.
في 20 نوفمبر 1942، أرسل فرحات عباس ومجموعة من الجزائريين برسالة إلى قوات الحلفاء يرحبون بهم ويعرضون «باسم شعب الجزائر القيام بتضحيات بشرية ومادية، بشروط، لدعم الحلفاء حتى يتحقق النصر الكامل على دول المحور». وبتاريخ 22 ديسمبر 1942 وجه فرحات عباس رسالة إلى السلطات الفرنسية وإلى الحلفاء طالب فيها بإدخال إصلاحات جذرية على الأوضاع العامة التي يعيشها الشعب الجزائري، وصياغة دستور جديد للجزائر، ضمن الاتحاد الفرنسي.
أصدر فرحات عباس في فيفري 1943 بيان الشعب الجزائري وأعلن في مارس 1944 عن تأسيس حزب حركة أحباب البيان والحرية، بهدف الدعاية لفكرة الأمة الجزائرية، وإثر مجازر 8 ماي 1945 حل حزبه وألقي القبض عليه ولم يطلق سراحه إلا في عام 1946 بعد صدور قانون العفو العام على المساجين السياسيين.
أسس بعد ذلك حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري، وأصدر نداء أدان فيه بشدة ما اقترفته فرنسا من مجازر رهيبة في 8 ماي 1945، وعبّر فيه عن أهداف ومبادئ حزبه التي لخصها في «تكوين دولة جزائرية مستقلة داخل الاتحاد». توفي في 24 ديسمبر 1985 بالجزائر ودفن بمقبرة العالية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024