ثقـة وحــذر. .

س / بن عياد
31 جانفي 2014

جدد صندوق النقد الدولي ثقته في أداء الاقتصاد الجزائري في ضوء حصيلة السنة المنصرمة من حيث استقرار التوازنات الكلية والارتياح المالي بفضل نمو الاحتياطات النقدية الخارجية والبقاء في مأمن من مخاطر المديونية، غير انه قدم توصيات في إطار التشاور المستمر تتعلق بضرورة التزام الحذر في التسيير المالي وإضفاء شفافية أكثر على جوانب الميزانية، وهو ما أدركته السلطات العمومية المعنية بإعلانها عل لسان وزير المالية غداة الزيارة التي قام بها وفد الافامي قبل أسابيع استعداده للأخذ بعين الاعتبار ملاحظات الخبراء بما يعزز مسار الاستقرار الكلي للمنظومة الاقتصادية دون فقدان المكاسب المحققة.
تتعلق تلك المكاسب أساسا بالتحويلات الاجتماعية ومختلف أشكال الدعم التي تلتزم بها الدولة في إطار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، متحملة فاتورة مالية مرتفعة قد تتعرض لصدمة محتملة إذا ما اختلت معادلة صادرات المحروقات مثلما حذر منه جانب من الخبراء خاصة في المديين المتوسط والبعيد بالنظر لتوجهات سوق الطاقة العالمية التي تفيد مؤشراتها بأنها تقبل على تقلبات عميقة تؤثر مباشرة على مستويات الأسعار.
التقييم الذي توصل إليه ‘’الافامي’’ يحمل دلالات ايجابية تعزز وضعية الاقتصاد الوطني، لكن لا ينبغي أن الإفراط في الشعور بالاطمئنان، وإنما يقتضي الموقف تأمين تلك المكاسب باعتماد خيارات منسجمة وذات أبعاد من شأنها أن تعزز خيار الشفافية والتسيير الراشد للموارد العمومية، والدفع بمسار إرساء اقتصاد بديل للمحروقات يرتكز على برامج ذات جدوى ودقيقة تخضع لدفتر شروط  بأهداف واضحة وملموسة تفرض على المؤسسة الاقتصادية الجزائرية العمومية والخاصة الانتقال إلى درجة عالية في الأداء من حيث إنتاج القيمة المضافة ومضاعفة الثروة، تحسبا لما يحمله المستقبل من مخاطر خاصة تلك المرتبطة بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي شريطة الإسراع في تعديله، والانضمام المرتقب لمنظمة التجارة العالمية.
لقد جرى حديث طويل وسال حبر كثير حول هذا الهدف الاستراتيجي، لكن لا يزال الأمر يتطلب القيام بعمل قوي وجدي من جانب كافة الشركاء خاصة أطراف الثلاثية لتجاوز مستوى حوار تقليدي لم يقدم البديل الفعال لتجاوز مطالب تقليدية سبق أن استجابت لها الدولة في انتظار الصدى المطلوب بما يضع المؤسسة الاقتصادية في المقدمة لمواجهة تحديات الانفتاح بامتلاك قدرات المنافسة والإتقان، ومن ثمة إبعاد شبح التخوف من تقارير الافامي التي بقدر ما تؤكد عنصر اليقظة بقدر ما تستدعي توخي الحذر لتفادي أي احتمال مفاجئ يتطلب توفر المناعة اللازمة لمواجهة تحديات الأسواق الخارجية.
    

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024