أذنان ولسان واحد..؟!

أمين بلعمري
07 جويلية 2019

صحيح أن الانطباع العام حول منتدى الحوار يعكس حقيقة مفادها أن الطبقة السياسية في الجزائر فشلت في إنتاج الأفكار والبدائل كما فشلت في إنتاج الخلف، نفس الوجوه تسيطر على المشهد الحزبي منذ حوالي 30 سنة والتفسير الوحيد لذلك هو أن الأحزاب السياسية في الجزائر مبنية على فلسفة الزعيم بل أصبحت من الثوابت الحزبية - للأسف- وإلا كيف نفسّر أنه عندما طالب مناضلو بعض الأحزاب بحقهم في التداول على إدارتها فضّل الزعيم الانسحاب وإنشاء حزب آخر على أن ييبقى في حزبه برتبة مناضل؟ أكثر من ذلك فبعض الأحزاب لا يمكن أن يكون على رأسها في حياة وحتى بعد وفاة الزعيم إلا مجرد سكرتير أول أو ثان، هؤلاء لم يخلف من بعدهم خلف؟!

 

إن المشهد السياسي العام في بلادنا هو هكذا وهو شاهد على عقم طبقة سياسية؟ ولكن رغم ذلك لا ينكر أحد أن ما تبقى منها استطاع إطلاق مباردة أسمتها "المنتدى الوطني للحوار" ، دعت إليها بعض الأحزاب السياسية وشاركت فيها مختلف الفواعل الوطنية ويكفي  المبادرة وحتى إن لم تنجز شيئا، أنها كسرت الحاجز النفسي وسمحت بالتئام جزائريين - لا يتقاسمون بالضرورة نفس الرؤى والقناعات - حول طاولة واحدة؟ ويكفي هؤلاء فضل الاجتهاد رغم كل النقائص الموجودة والمآخذ المسجّلة في انتظار التحاق من رفض الحوار الذي دعا إليه رئيس الدولة وعلّلوا ذلك بعدم ثقتهم في عروض السلطة وفي عروضها بالرغم من أن هذا الحوار لا تشارك فيه هذه السلطة أصلا؟ فهل من المعقول الرفض دون حتى الاستماع للآخر بينما خلق الإنسان بأذنين ولسان واحد؟!

الأكيد أن الهدف المشترك لكل الجزائريين هو تغيير منظومة الحكم والوصول إلى بناء دولة الحق والقانون الذي يضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم ولا يمكننا أن نصل إلى ذلك إلاّ بإحداث قطيعة ابستيمولوجية مع الممارسات السابقة ومع وجوه السلطة والمعارضة على حد سواء وكل واجهات كل الفواعل الأخرى لأن الجزائر الجديدة تحتاج إلى جيل ينظر إلى المستقبل عبر الزجاج الأمامي وليس عبر المرآة؟ لبناء هذه الجمهورية الجديدة التي يجب أن تؤسس لثقافة سياسية جديدة في تسيير الشأن العام وشؤون الدولة والبداية تكون بإنهاء التماهي بين السلطة والدولة لكي لا تزر الدولة أوزار السلطة مرة أخرى وتكون هذه السلطة نابعة من الشعب وحده يعطيها بالصندوق وينزعها بالصندوق.     

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024