دعــــوة صــــادقـــــة

جمال أوكيلي
16 ديسمبر 2019

مدّ رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون يده إلى الحراك للشّروع في حوار جاد يستكمل تلبية المطالب الواقعية البعيدة كل البعد عن تلك الحاملة للخلفيات الحزبية النّقابية والجمعوية، التي لا تمت بصلة لما تمّ الخروج من أجله يوم ٢٢ فيفري ٢٠١٩، والمتعلّقة أساسا بمحاربة الفساد.
هذه الدّعوة السياسية الصّادقة نابعة من قناعة عميقة تترجم حقّا الحرص على العمل باتجاه تعزيز الاستقرار، والدّخول في عملية تنموية شاملة بدلا من البقاء في الشّوارع طيلة كل هذه الفترة، واستدراك التّأخر المسجّل على أكثر من قطاع كلّف الاقتصاد متاعب، والمؤشّرات الأخيرة تشهد على ذلك خاصة ماليا.
ولا يمكن تصوّر أي انطلاقة في هذا الاتجاه دون استتباب الهدوء المأمول في مثل هذه الحالات الإستثنائية، والتي يحتاجها الرّئيس الجديد من أجل الكشف عن الخطوط العريضة والمحاور الكبرى لبرنامجه المتنوّع في إدارة شؤون البلد.
ما يصدر عن البعض من المشاركين في الحراك من تعاليق وأحكام مسبقة، وأوصاف تجاه المسعى السياسي الحالي ناجم عن خلفيات وتراكمات الممارسة القديمة، من الصّعوبة بمكان التخلي عنها بين عشيّة وضحاها، أفقدتهم الثّقة تجاه الآخر زيادة على الضّغط الذي يتعرّضون له من قبل «دوائر حزبية» كي يواصلوا على هذا المنوال وعدم توقيف المسيرات، والبحث عن خيارات راديكالية أخرى لم تنجح مؤخّرا.
مثل هذه الذّهنية تجاه المشهد الرّاهن لا نخفّف من وطأتها إلاّ بتقريب الآراء، وتطابق وجهات النظر بين الجزائريّين تنصهر في حوار شامل، الطّرف الأول يدلي بدلوه عن كل انشغالات من فوّضوه للحديث باسمهم، وفي مقابل ذلك يلقى الإجابة الشّافية والوافية لذلك، علما أنّ الأمر لا يتعلق بمفاوضات يريد البعض فرض ما يأتي به أو التّشديد على مسائل خارجة عن اختصاصهم من صلاحيات جهات أخرى.
وتبدو مبادرة الحوار مع الحراك «خيالية» لدى البعض، الذين يرجعون ذلك إلى ما يسمعونه في الميدان من كلام قاس  أحيانا ينفّر أكثر ممّا يجمع، لكن هناك تجارب الحوار وعيّنات منها تجاوزت هذا الإطار في محتواه، لكنها أتت بما أراد لها أصحابها، لذلك ليس هناك ما يسمى بالمستحيل، عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على الاستقرار والتوجه إلى مواعيد أخرى، تعني أولويات البلد في المجال التنموي، والخروج من هذه الضّائقة الرّاهنة.
وقد يخطئ من يعتقد بأنّ الحراك لا يتحاور بل بالعكس هناك أناس وطنيّون يحملون الجزائر في قلوبهم، ويحبّونها حتى النّخاع وخروجهم إنما هو من أجل بلد تسود فيه العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وهم على استعداد للحوار مع القيادة الجديدة لنقل انشغالاتهم بشكل مباشر، غير مغلفة بديكور سياسي مخيف، وهذا بعيدا عن الشّروط المسبقة كما اعتاد البعض على وضعها، والتي يتطلّب تجاوزها في مثل هذه الظّروف الصّعبة، وعلى كل معني أن يتفهّم هذا الوضع خدمة للجزائر لا غير.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024