كلمة العدد

المبادرة والشراكة

سعيد بن عياد
13 جوان 2020

ترسم التوجهات الاقتصادية معالم مشهد جديد تمثل فيه المؤسسة الإنتاجية الرقم الثابت في معادلة التحول إلى إنتاج الثروة في قطاعات خارج المحروقات، التي توجه إيراداتها المحدودة لتمويل قطاعات لها ارتباط بالسيادة الوطنية ومرافقة مسار بناء اقتصاد إنتاجي ومتنوع، يرتكز على تحرير المبادرة والشراكة، حول مشاريع ذات جدوى وتنسجم مع خارطة الطريق الجديدة التي تعتمد على إمكانات وطنية ومحلية يمكن تحويلها إلى طاقة للنمو.
غير أن المؤسسة لا يمكنها رفع التحدي في ظل مناخ استثماري لا يزال يتطلب مزيدا من التحسين والانفتاح على أكثر من جانب، أبرزها كسر البيروقراطية التي تكبح المبادرة في حلقات جوهرية من السلسلة التي تحمل النسيج المؤسساتي الصناعي والفلاحي والخدماتي، للخروج من دائرة الانتظار والتردد تحت الصدمة النفطية، زادتها حدّة الأزمة الصحية بفعل وباء كورونا، والتموقع في صدارة المشهد كعناصر ايجابية تقدم على الأقل بديل الكلفة التي تتحملها الخزينة العمومية سواء تمويلا أو تحفيزا.
لكن، على ما هناك من صعوبات وعوائق رصدتها مختلف برامج التدقيق والتشخيص، فاصبحت مؤشراتها السلبية واضحة، تتوفر بالمقابل، عناصر عديدة ايجابية يمكن البناء عليها وفقا لمعايير مناجيريالية، ضمن مقاربة توازن بين المتطلبات الاقتصادية البحتة للنجاعة والانشغالات الاجتماعية التي تقتضيها العدالة، القاسم المشترك بين افراد المجموعة الوطنية وضامن ديمومة الاستقرار لتجاوز المنعرج.
وفي ظل كل هذا الزخم والتداخل أصبح ضروريا الاشتغال على جانب بناء تكامل بين جميع حلقات السلسلة الاقتصادية لصياغة وصفة علاج يمكن جمع عناصرها الجوهرية في صلب رؤية دقيقة تراعي الحقائق وتستشرف المستقبل، اعتمادا على إعادة ترتيب البنية التحتية للاقتصاد بإدخال مرونة أكثر على دواليبها وتكون المؤسسة قلبها النابض، مع رسم أهداف تدرج في المدى الزمني المعقول لمنح الوقت الكافي الذي تتطلبه الإصلاحات، بعيدا عن كل مقاربة جافة تخرج من أدراج بيروقراطية، لطالما كلفت البلاد الكثير ووضعت القرار الاقتصادي تحت هيمنة سلطة ادراية تعودت لسنوات العيش على الريع.
ولبلوغ هذا السقف يكون حتميا العمل على إعادة تنشيط حوار اقتصادي واجتماعي لتجميع عناصر تلك الطاقة التي تعطي قوة للانطلاقة المرتقبة بكسر جدار الصمت بين المتعاملين، ولعلّ المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، يكون في الوقت الراهن على الأقل، الإطار الملائم لإرساء دعائم مقاربة تضع كافة الشركاء أمام الواقع بكل صعوباته وتطلعاته، لإيجاد مخرج في وقت قياسي، تزامنا مع التوجه للخروج من دائرة الحجر الصحي، والشروع في انجاز الديناميكية المطلوبة لبلوغ الأهداف الكبرى، حتى يقطف ثمارها الجميع تحت مظلة دولة اجتماعية جوهرها العدالة، المبادرة، تكافؤ الفرص، التضامن ومكافحة الفساد، كما تحمله بعض جوانب مسودة التعديل الدستوري، الضامن للقواسم المشتركة بين الجزائريين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024