«الطيب الجمهوري» ... وداعا

نور الدين لعراجي
17 جوان 2020

فقدت الساحة الإعلامية، الكاتب والإعلامي الطيب يدروج رئيس المكتب الجهوي ليومية الجمهورية بالغرب الجزائري حيث إشتغل عبر أقسامها لسنوات طويلة، كاتبا لافتتاحيتها، وأحد أبرز الأقلام فيها رفقة الفقيد بلقاسم بن عبد الله، حيث اشتغل لسنوات طويلة، قبل أن يتقاعد من مهنة المتاعب، وظل وفيا للكتابة والإبداع من خلال بعض الإصدارات التاريخية والفكرية، التي كتب مقدمتها، أو ساردا لبعض شخوصها في السير الذاتية.
شمعة إعلامية تنطفئ وقلب كبير كان يسع الأسرة الإعلامية والأدبية باختلاف مشاربهما وإيديولوجياتهما، دون أن يقلل ذلك من حجمه أو مكانته في الوسطين الصحفي والثقافي، عرفت عمي الطيب الجمهوري، كما كنا نناديه في بداية التسعينيات من خلال التغطيات الإعلامية.
وظلت هذه التسمية لصيقة بالرجل القادم من سواحل سيدي عبد العزيز ومن أسفل جبالها  العذراء، ومنذ ذلك التاريخ إلى غاية خبر نعيه، لم ألاحظ عليه أي تغير، فظل سي الطيب هو نفسه الإنسان البشوش الوديع، محافظا على هدوئه وابتسامته التي لا تفارقه إطلاقا، بسعة صدر ووجه سمح وطيبة إلى أبعد الحدود الإنسانية.
كان الباب الخلفي لمدرج قاعة ابن باديس بالجامعة المركزية، محطة لقاء الأقلام الصحفية والكتاب من أجيال مختلفة، ومن خلال هذا المكان كانت بحة صوته تسمع على أميال قريبة، فنعلم أن الأمر جدير بالحضور والمناقشة، ونادرا ما كان يهزم في جدال فكري مع الفقيد أبو العيد دودو، فيخرج منه منتصرا للرأي الآخر ومدافعا عن حرية الاختلاف والنقد البناء .
كان الفقيد صاحب ذاكرة قوية في الأنساب والألقاب، يحمل موسوعة معرفية قلّما تجد مثلها اليوم، أتذكر أنه كان يعرف جميع مطاعم شارع  طنجة بالجزائر الوسطى التي أصحابها ينحدرون من مناطق جيجل مثل سيدي عبد العزيز، القنار، الطاهير وغيرها، وما أن نعبر الشارع إلا وتسمع صيحات أصحابها ينادونه باسمه، ليس طلبا في المال ولكن للتزود بما يملكه الرجل من تاريخ للمنطقة وسكانها فتجتمع النكهة والبديهة، على طاولة غذاء مهرب من زمن الفلاسفة والكتاب على شاكلة سي الطيب.
في آخر منشور له دونه على جداره الافتراضي كتب :» لا تبك على ما فات لأن ما فات قد مات، فكر فيما هو آت بعقلك، وبما يخدم وطنك بوفاء وتضحية وتبصر وغيرة ولا تبالي بضجيج السلبيين «.
رحل سي الطيب في السبعين من العمر تاركا خلفه أسرة بخمسة أفراد، تحمل لقبه ونسبه، وأرمادة من المواضيع الإعلامية المختلفة، خطها بعصارة فكره، صنع منها تميزه وتفرده عن بقية الأقلام الأخرى فإنها لا تفنى الأعمار، إنما تقبر الأفكار التي تولد ميتة، وداعا سي الطيب ....وداعا من الشعب إلى الجمهورية .... مسافة حب وعربون وفاء .

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024