من يراقب الاستيراد

سعيد بن عياد
24 أوث 2014

تسيل سوق الأدوات واللوازم المدرسية لعاب التجار الذين يجدون فيها مصدر ربح مضمون، كيف لا والمنظومة المدرسية تضم حوالي 8 ملايين مستهلك لهذه الأدوات، في غياب مصانع ومعامل وطنية قادرة على إنتاجها وتسويقها بمعايير ذات نوعية، بما يقلل وينهي في المدى المتوسط عمليات استيرادها. بالرجوع إلى مثل هذه الأرقام يمكن تصور مدى الأثر الاقتصادي والمالي الذي تحدثه هذه السوق، التي لا تزال، للأسف، في قبضة مضاربين ومحتكرين لا يعيرون اهتماما للتحصيل العلمي وسلامة التلاميذ ومدى القدرة الشرائية للأولياء، بقدر ما يتعاملون مع الدخول المدرسي باعتباره موسما آخر للربح، لا يختلف بالنسبة إليهم عن معاملات تجارية في أسواق أخرى، تعاني من الفوضى والفساد.
إلى متى تبقى المدرسة عرضة لتلاعبات هؤلاء وغيرهم من المستوردين الذين يسوّقون إنتاج الخارج وأحيانا بنوعية مثيرة للريبة بالنظر لحساسية مستعملي هذه المواد، ألا وهم أطفالنا، علما أن هناك سؤال بعلامة استفهام كبيرة، حول مدى وجود هيئة مؤهلة لمراقبة نوعية الأدوات المستوردة ومطابقتها للمعايير البيداغوجية وانسجامها مع ثقافة المجتمع، وأين هي مبادرات المستثمرين الخواص باتجاه هذه السوق من خلال إطلاق مشاريع إنجاز معامل صغيرة ومتوسطة تلبي الحاجيات وتستجيب للمتطلبات، علما أن المنتوج مضمون التسويق خاصة إذا كان بنوعية راقية وأسعار معقولة؟. ويمكن تصور حجم الربح المحقق من خلال إنتاج كل تلك الكميات من الأدوات المختلفة والمآزر والمحافظ، وما يرافق هذا من إنتاج للقيمة المضافة وتوفير لفرص عمل واستغلال للمواد الأولية المحلية. لماذا لا يتم إنتاج محفظة جزائرية الطابع بحيث تستجيب للطفل والتلميذ وفقا لكل أطوار التعليم، ونفس الشيء للحذاء وملابس الشتاء، في وقت تعرف فيه شركات أجنبية، من خلال مستوردين دينهم الربح بأي طريقة، الوصول بيسر إلى هذه السوق، التي حان الوقت لأخذ زمام أمورها من الجهات المعنية لتأطيرها وضبط دواليبها، بما يفتح المجال أمام الصناعيين المحترفين وعزل المضاربين والوسطاء الانتهازيين، الذين يتلاعبون بهوامش الربح ويفلتون من الرقابة تحت شعار اقتصاد السوق وحرية الأسعار. وهنا بالتدقيق يمكن للجماعات المحلية بالتنسيق مع الجمعيات المهنية الاستثمار من خلال تركيب مشاريع مصغرة تخضع لقواعد الشفافية، وهي مهمة تحتاج بالأساس إلى موارد بشرية مؤهلة ولديها القناعة بالعمل للمدرسة كمرفق عام أكثر مما هي سوق وفقط، مثلما تريده أطراف تحترف الاستيراد الكلي أو الجزئي لتموين المنظومة المدرسية، إلى درجة يمكن لممارساتها أن تؤثر في الذهنية التعليمية وتنعكس حتى على التحصيل العلمي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024