اللغة صمام الأمان

نور الدين لعراجي
02 أفريل 2017

اذا اعتبرنا ان الادب هو هوية الأمة وروح كيانها، فان اللغة التي كتب بها هي تأشيرة الثبات والخلود للوصول الى الاخر من الضفة الاخرى وضمان تواصله وديمومته. واذا كانت رسالة الادب تسمو في الخيال، فانها في الواقع ترسم معالم السمو والنجاح والسؤدد والتعالي بين كتابات وإبداعات الامم.
اذا اعتبرنا ان رواية الحمار الذهبي لابوليوس اول رواية كتبت في التاريخ، انتقل صداها الى العالم كتبت باللغة الامازيغية وترجمت الى الانجليزية، فهل هي التي منحتها صفة الولوج الى مصاف الاعمال العالمية؟، ام ان اعتبارات اخرى لا يمكن نجهل بعضها؟.
صحيح ان العديد من الكتابات الادبية سواء في الرواية او القصة او حتى في الشعر استطاعت النفوذ الى اقطار المعمورة وتمت ترجمتها الى العديد من لغات العالم.. احتضنتها مكتباتهم فأصبحت نماذج ادبية تقام حولها الدراسات النقدية والبحوث، ويقوم اصحابها بتقديمها والإشهار لها في وسائل الاعلام المختلفة، ناهيك عن جلسات البيع بالتوقيع وترجمتها الى لغات عالمية وإقامة ايام دراسية حولها لكنها تظل حبيسة تلك الرفوف.
من جهة اخرى جدير بنا طرح بعض التساؤلات حول ظهور بعض الاقلام بين عشية وضحاها ويروج لكتاباتهم في الخارج، وتفتح امامها الافاق وتصنع لها المعالم وتخصص حولها جوائز واحيانا تحول الى افلام، لأنها تتحدث عن المقدس والجنس والمرأة، اي بمعنى تتطرق الى هذه الطابوهات المكرسة من الممنوعات والموانع الثلاثة سواء بالحديث عنها أو تجسيدها في حوار يصنع جدلية المسكوت عنه، وتثار حولها الكثير من النقاشات وأحيانا تصل الى الرجم، أليست “آيات شيطانيه” هي ما حملت كتابات سلمان رشدي الى العالمية في ظرف وجيز بعد ان كان نكرة لا يسمع به احد.
الغرب الذي يفرض دوما سلطة الظهور والتخفي لا يمتلك تلك الرؤية الجمالية التي نرى بها نصوصنا نحن، بل جعلها مطية كما يراها هو، لا ان يراها غيرنا، وذلك لاعتبارات عدة، منها ما يتعلق باللغة ذاتها، لان روح الكاتب في لغته وليس في الترجمة التي تفقده الكثير من الجماليات.
خلاصة القول، اعترافنا اولا بان العالمية في مفهومها الانثربولوجي ليست حتما حدود الجغرافيا وانما هي كيفية التوغل وتخطي حدود النص ودغدغة الاخر في ثقافته وسلوكه ومجابهة افكاره بأفكار اكثر حضارة وسموا وتاريخا.
 العالمية تكمن في روح الكتابة وليس في كيفية الترويج لها، باعتبار الثقافة اصبحت سلوكا فقط بل هي الاعجاز والتصنع والابتكار، وليست بالضرورة المساس بتاريخ الامة ومجدها وحاضرها، حتى نبلغ غايات التمدن والعولمة، كفيل بنا معرفة كيف نحرص على التباهي بهذا الموروث ومحاولة استنطاقه، لكي يراه الاخر رافدا من الافكار والإبداع لا ثرثرة في هزيع الليل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024