معركة المعايير

ليس من سبيل لاقتصاد موارد ثمينة من 10 إلى 15 مليار دولار في هذه السنة سوى بتعزيز مسار النمو من خلال مبادرة أكثر في الاستثمار المنتج والرفع من وتيرة تقليص الاستيراد وتحسين التصدير.  
لهذا دعا وزير التجارة بالنيابة عبد المجيد تبون مؤخرا إلى إرساء نظام معايير (شبيه بنظام المعايير في الاتحاد الأوروبي) خاص بالمنتجات الغذائية بالأخص ويستجيب للخصوصيات المحلية، ما يضع السوق الجزائرية على درجة من الحماية لفائدة المستهلكين ومن ثمّة ضبط عمليات الاستيراد التي يجب أن تخضع لتلك المواصفات.
ولأنه لا يمكن منع الاستيراد من أسواق تربطنا بها شراكة مفتوحة، فإن اعتماد مواصفات جزائرية قريبة من تلك المطبقة في أوروبا يرمي إلى تنمية أدوات الحد من الاستيراد لمواد يمكن أن تشكل خطرا على الصحة العمومية للمواطنين على غرار المواد الغذائية المحملة بالسكريات والدهون وبعضها مشكل من مواد مجهولة المصدر، فتزيد من كلفة الصحة العمومية.  
إن السمنة، التسمّمات، ارتفاع الضغط الدموي (14 ملايين مصاب) والالتهابات وغيرها، كلها أمراض تتصدّر مشاكل السوق من جانب الصحة وتثير انشغالات بإبداع اقتصادية من حيث التداعيات المالية.
بفضل منظومة المعايير التي تستند إلى مؤشرات علمية وصناعية وتكنولوجية (تعتمدها مخابر ناجعة محلية) يمكن إرساء مسار تصحيح اتجاه الاستيراد بدل منعه، مما يعزّز الجبهة الاقتصادية الداخلية ويضع النسيج المؤسساتي على درجة المنافسة والطموح لدخول أسواق خارجية.  
من خلال هذه المقاربة المرتبطة بالسوق، فإن من لا يحترم المعايير الجزائرية (في انتظار الإسراع بوضعها والتعريف بها لدى المتعاملين المحليين) ترفض بضاعته بعيدا عن أي اعتبارات أخرى لطالما يتخفى وراءها من لا يزالون يتنصلون من التزاماتهم الاستثمارية في السوق الجزائرية ضمن روح الشراكة التي تتعدى إطار النشاطات التجارية.
وحتى تتجسّد الأهداف المتصلة بحماية الاقتصاد الوطني عن طريق كسب معركة المعايير والمواصفات، يكون جديرا بتقوية السوق العمل على  تأسيس مرصد للتجارة الخارجية لكسر ممارسات الاحتكار والتلاعب بالأسعار وتضخيم الفواتير، الأمر الذي يبقى أحد أكبر التحديات في الظرف الراهن ويستدعي عملا في العمق بمساهمة فعالة من جميع المتدخلين في التجارة الخارجية.