بداية ترميم مهنة المتاعب

سعيد بن عياد
10 أوث 2013

يمكن وصف إطلاق مشروع إصدار البطاقة الوطنية للصحافي المحترف باللبنة التي تؤسس لمسار قطاع الإعلام الوطني المفتوح على جملة من الورشات الأساسية المتعلقة بملفات كبرى مثل السمعي البصري وسلطتي الضبط إلى جانب مجلس أخلاقيات المهنة وإعداد بطاقة الصحفي المحترف.
ويرتقب أن تحظى هذه الوثيقة التي تحدد الهوية المهنية لمحترف الصحافة بالاهتمام الذي تستحقه من مختلف الشركاء خاصة وأن المبادرة بحد ذاتها أعطت نفسا للنقاش داخل قاعات التحرير وحررته من حالة التردد واللامبالاة بعد سنوات طويلة من انقطاع العمل بالبطاقة الوطنية للصحافة منذ مطلع التسعينات.
وقد أدى ذلك «الفراغ» إلى تسلل كثير من الغرباء عن مهنة المتاعب إلى قطاع الصحافة وارتداء لباسها، مما عرضها لكثير من النقد كما ألحق بها الكثير من الضرر، خاصة في غياب هيئات تسهر على فرز الصفوف وتنمية روح أخلاقيات المهنية.
ولعل أول ما يمكن أن يحققه بعث العمل بهذه الوثيقة، وهي بمثابة بطاقة التعريف المهنية ذات المعايير والمميزات الرسمية، إعادة ترتيب صفوف العاملين في الصحافة وتحديد صفة المحترف الذي بقدر ما يخص بعناية تساعد على أداء المهنة في أفضل الشروط بقدر ما تحمله مسؤولية أخلاقية وقانونية تجاه الوفاء بواجباته المهنية، خاصة مع التوجه لإعادة تأسيس مجلس الأخلاقيات الذي سيتصدى لكل انحراف أو إعوجاج حتى يحافظ على مهنة الصحافة في وقت أصبحت فيه عرضة للمساومة والابتزاز.
وبالفعل في غياب بطاقة رسمية بهذا الوزن القانوني المهني، حصل ما يعرفه العام والخاص داخل قطاع على درجة عالية من الخطورة والأهمية في المجتمع خاصة خلال مرحلة التحولات وعلى امتداد مسار الإصلاحات إلى درجة أن هناك من انتسب لهذه المهنة في غياب شروط صارمة فاختلط الحابل بالنابل مما أدخل مهنة المتاعب في« نفق» يبدو أن الخروج منه أصبح ممكنا اليوم وفقا لمسار الإصلاحات المسطر والمفتوح على أهل المهنة للنقاش والإثراء.
وضمن هذا التوجه الذي يعول عليه في ترميم ركائز المهنة قصد النهوض بها وبممارسيها، يمكن إدراج البطاقة المرتقبة ضمن أدوات تنظيم حرفة الصحافة وضبط العاملين وفقا لمعايير الاحتراف المعمول بها في البلدان العريقة في عالم الصحافة. ولذلك سوف ترسي هذه البطاقة ثقافة فرز الصفوف فيعود كل لمهنته ويمكن حينها الحديث عن الجودة في الأداء وتسقط الجدران العازلة فتبرز مهنة الصحافي المحترف بعيدا عن الطابع القانوني للمؤسسة المستخدمة أو اللغة أو اللون. وقد تكون البطاقة الخطوة الأولى والمشجعة لمحترفي الصحافة للانتظام والانسجام بدل التشرذم والانقسام اللذين وجد فيهما «انتهازيو» الفراغ الفرصة لحمل صفة لها من الشرف والمسؤولية ما تترتب عنه مسائل ترتبط مباشرة بحاضر ومستقبل المجموعة الوطنية، في وقت اكتست فيه الصحافة طابعا حيويا في بلدان متطورة حولتها إلى سلاح لا يجيد استعماله سوى المحترف.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024