حتى تتحوّل الكبوة إلى وثبة

سعيد بن عياد
28 أفريل 2018

يتجدّد الموعد مع اليوم العالمي للشغل للتأكيد على واجب الدفاع عن السيادة الاقتصادية عن طريق مضاعفة العمل وتحسين أداء الجهاز الإنتاجي وترقية المنتوجات الجزائرية وفقا لقواعد السوق مثل الجودة والوفرة التي تعدّ الورقة الحاسمة في معركة الأسواق محليا وعالميا.
إذا كانت المكاسب التي تمّ إنجازها لفائدة العمال والاقتصاد الوطني تستفيد اليوم من حماية بفضل الخيارات الكبرى التي سطرها رئيس الدولة من خلال التمسّك بالاستثمار المنتج ليشمل كافة القطاعات التي تتمتّع بطاقة مؤكدة في بلوغ وتيرة إنتاج ذات ثقل اقتصادي ومالي، خاصة خارج المحروقات، فإنها تواجه تحديات مصيرية لا يمكن رفعها سوى بالعمل وإتقانه ومضاعفة الجهد والسهر على مواكبة التحولات بحيث لا مجال أمام الإفلات من خطر المنافسة الأجنبية القادمة في المديين المتوسط والطويل سوى المحافظة على المنظومة الاقتصادية وترقية أداء المؤسسة الإنتاجية بغض النظر عن طابعها القانوني ونطاق نشاطها الاقتصادي.
ويلعب العمال دورا بارزا في تجسيد هذه التطلعات التي يصبو إليها المجتمع إدراكا لمدى المخاطر التي تنجر عن كل ما من شأنه أن يقلّل من حجم الإنتاج أو يحط من جودته أو يشكل تهديدا لوسائل العمل، في وقت سخرت فيه الدولة موارد وقدرات هائلة للرفع من الطاقات الوطنية التي يتطلّبها النمو وفتح المجال أمام مساهمة كافة الفئات في الديناميكية الجديدة، خاصة من خلال تشجيع مختلف الصيغ التي تسمح بإقامة استثمارات إنتاجية وتشجيع بناء شراكة وطنية تدمج كل المؤسسات والمتعاملين من القطاعين العام والخاص وفقا لرؤية دقيقة تضع الأمن الاقتصادي بجانبيه الغذائي والمالي للأجيال في صدارة ورقة الطريق التي تسطّر المعالم الرئيسة للمؤسسة الجزائرية.
وطبيعي أن تتقاطع في هذا اليوم، التطلعات والانشغالات والطموحات التي يحملها العمال والشركاء في المشهد الاقتصادي لما يمثله الموعد من رمزية التضحية والبذل والعطاء والتضامن، على اعتبار أن أفضل حماية لكرامة العامل هو العمل بحدّ ذاته، ولذلك فإن المعركة التي يتمّ خوضها حاليا سواء بالنسبة للفرد أو المجتمع تتركز في مسألة حماية مناصب العمل وتنميتها حتى يوفر للوافدين إلى سوق الشغل الفرص اللازمة والإمكانيات المتاحة بما يوطد الاستقرار ويعزّز الانسجام الاجتماعي.
وهنا ينبغي أن يدرك كل الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين درجة الخطورة التي تحدّق بالاقتصاد الوطني جراء تقلبات عناصر وتغيرات مؤشرات بفعل التبعية للمحروقات بعيدا عن الشعور بالإحباط أو الضعف نتيجة ثقل الصدمة المالية الخارجية وحدة تداعياتها، وإنما كما ترسمه الخيارات الجريئة التي اعتمدتها الدولة يمكن تجاوز الظرف الراهن نحو أفق أكثر أريحية ولو نسبيا في خطوة أولى إذا ما التف العمال ورؤساء المؤسسات وكل القائمين على دواليب المنظومة الاقتصادية بجميع قطاعاتها حول خيار النمو عبر إنتاج القيمة المضافة واقتصاد النفقات وترشيد الموارد، بحيث ينخرط كل واحد على مستواه في معركة التحول الاقتصادي.
ويوجد بالفعل نسيج شامل ومتكامل يحمل كل هذا الطموح المشروع لتتحوّل الكبوة إلى وثبة تنتشل بفضل المبادرة والتضامن المنصف والحقيقي المجتمع بمكوناته من مستوى تحمل الصدمة إلى مستوى تجاوز آثارها السلبية والمكلفة اجتماعيا وفقا لوصفة دواؤها إرادة العمل المخلص والصادق والمفيد انسجاما مع القناعة التي يتقاسمها الفاعلون في الساحة الاقتصادية والاجتماعية، بحيث أن النقابات يمكنها أن تلعب ضمن نطاقها القانوني وظيفة بناءة للتعبئة حول ضرورة الخروج من النفق دون أن تتخلى عن طابعها المطلبي وحرصها على حماية حقوق ومكاسب عالم الشغل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024