وزير الاتصال عمار بلحيمر لجريدة «الأهرام» المصرية:

الجزائر ماضية في تعميق دمقرطة مؤسّساتها السيادية

أجرى الحوار: د - خالد زغلول

 نعمـل علـى تكييـف قانـون الإعـلام مـع الدّستور الجديـد

 علاقاتـنـا مـع مصــر تاريخيـــة وتجسّـد الشّراكـة الإستراتيجيـــة

 

أكّد الدكتور عمار بلحيمر وزير الاتصال، أنّ تعزيز التّعاون من خلال تكثيف البرامج الإخبارية والتقارير الإعلامية التي تسلّط الضوء على مجالات التعاون المختلفة وفرص الاستثمار المتاحة في البلدين من شأنها أن تعطي دفعا إيجابيا وبعـدا آخر لآفاق الشراكة الإستراتيجية بين الجزائر ومصر.
وأشار في حواره مع جريدة «الأهرام» المصرية، إلى أنّ الجزائر حريصة على تفعيل العلاقات الثنائية وترقيتها في مختلف المجالات، بما يعكس الإرادة الإيجابية في البلدين ويتم استثمار الإمكانات الكبيرة والقدرات العالية المتوافرة لدى الجانبين، بما يحقق المنافع المشتركة ويعود بالخير والازدهار على الشعبين الشقيقين ..
دعنا نتحدّث أوّلا عن العلاقات بين الجزائر ومصر؟
علاقات الجزائر ومصر علاقات تاريخية عميقة عريقة ومتميّزة، صفحات مجيدة من الأخوّة والتضامن، منها دعم مصر، شعبا وقيادة، للجزائر في أثناء الثورة التحريرية في مختلف المجالات، لاسيما في المجال الإعلامي من خلال احتضانها لإذاعة «صوت الجزائر الحرّة المكافحة»، التي كانت تنقل أخبار الثورة آنذاك. وكذا ما تضمّنته صفحات جريدة «الأهرام» من أخبار ومقالات وصور البطولة والتضامن المشرفة، والتي يزخر بها أرشيف «مؤسسة الأهرام» العريقة العتيدة.
ومن نماذج التّضامن الخالدة التي نذكرها باعتزاز، النشيد الوطني الجزائري «قسما» الذي كتبه الشاعر الجزائري مفدى زكرياء ولحّنه الموسيقار المصري محمد فوزي، وما أبدعه الكتّاب والإعلاميّون والفنانون المصريون عن ثورة أول نوفمبر المجيدة، الذين اعتبروها قضيتهم فدافعوا عنها بقناعة وصدق.
وهنا، أذكر ربما أهم عمل فني مجّد الثورة الجزائرية وأبطالها، فيلم «جميلة» الذي أنتجته عام 1958 الفنانة الكبيرة ماجدة الصباحي، التي أدّت فيه دور البطلة جميلة بوحيرد، وأخرجه العبقري يوسف شاهين بمشاركة نجوم السينما المصرية، والذي أسهم في التعريف بثورتنا ومساندتها في مهرجانات سينمائية عالمية.
فالجزائريّون يقدّرون جيدا الدعم المصري المشهود للثورة الجزائرية، والذي كان أحد أسباب العدوان الثلاثي، الفرنسي الإسرائيلي البريطاني، عليها عام 1956.
وكذلك كانت مصر الشقيقة في قلوب الجزائريّين دائما، حتى سنوات الاحتلال، فكتبوا عنها تضامنا وتأييدا وتقديرا، وكانت الجزائر سبّاقة في نصرة مصر في حربي 1967 و1973، فيحفظ التاريخ، أنّ فيالق الجيش الجزائري كانت مع الفيالق المصرية في الصفوف الأولى في ملحمة أكتوبر، حيث امتزجت دماء الأبطال الشهداء من جزائريين ومصريين معا على أرض سيناء الطيبة، لتسجّل صفحات مجيدة من التضحية والتضامن المشترك.
- استمرّت العلاقات المتميزة وتطوّرت لتشمل مختلف مجالات التعاون السياسي، الاقتصادي، الأكاديمي، الثقافي والإعلامي، حيث شهد العديد من الاتفاقيات الثنائية، فهل نشهد تعزيزا واستمرارا لتلك الاتّفاقيات؟
نحن حريصون على تفعيل العلاقات الثنائية وترقيتها فى مختلف المجالات، بما يعكس الإرادة الإيجابية فى البلدين ويتم استثمار الإمكانات الكبيرة والقدرات العالية المتوافرة لدى الجانبين، بما يحقّق المنافع المشتركة ويعود بالخير والازدهار على الشعبين الشقيقين.
- ماذا عن آفاق التّعاون الثّنائي في المجال الإعلامي ودور الإعلام في تطوير العلاقات الجزائرية -المصرية؟
تربط الجزائر ومصر علاقات طيّبة متميّزة بالتضامن والتفاهم والتعاون، وللبلدين من الإرادة والإمكانات والخبرات ما يؤهّل هذه العلاقات إلى المزيد من التقدم والتطور.
وفيما يخص المجال الإعلامي، لا شك في أن تعزيز التعاون من خلال تكثيف البرامج الإخبارية والتقارير الإعلامية التي تسلط الضوء على مجالات التعاون المختلفة وفرص الاستثمار المتاحة فى البلدين من شأنها أن تعطى دفعا إيجابيا وبعـدا آخر لآفاق الشراكة الإستراتيجية بين الجزائر ومصر.
ولعل المركز العربي لتبادل الأخبار والبرامج «ASBU» ومقره بالجزائر العاصمة يعمل على توفير قاعدة بيانات صحفية لمنح الدول الأعضاء إمكانية إعداد برامج مشتركة باستخدام تقنية «المينوس»، كما يسمح بتعزيز المقاربات المشتركة فيما يخص مختلف القضايا العربية الراهنة كالقضية الفلسطينية التى تحظى باهتمام الإعلام العربي عموما والإعلام الجزائري خصوصا.
- ما الجديد في المشهد السياسي الجزائري، والطريق نحو بناء جزائر جديدة؟
الجزائر ماضية في توسيع وتعميق دمقرطة مؤسساتها السيادية الوطنية وفق التزامات رئيس الجمهورية المقررة في برنامجه وحملته الانتخابية، والذي شرع في تجسيده ميدانيا من خلال آليات ومنظومة قوانين جديدة تسمح لأكبر فئة من الشعب بالمشاركة في مختلف الاستحقاقات، خاصة فئة الشباب والمرأة، وهو ما أقرّه قانون الانتخابات الجديد.
فالجزائر ستواصل هذا المسار بأكثر أريحية مع وجود مجلس شعبي منتخب يمثل إرادة الشعب الجزائرى ويستجيب لآماله وطموحاته في التغيير المنشود، والتي عبّر عنها من خلال حراكه المبارك في 22 فبراير 2019، هذا الحراك الذي كرّس قطيعة في كيفية ممارسة الحكم.
- كيف تنظرون إلى الإعلام الجزائري وآفاق تطويره في انتظار قانون جديد للإعلام؟
حين تولّينا مهام وزارة الإعلام في الحكومة السابقة، نعمل على محورين أساسيين، هما الانتقال من الصحافة الورقية إلى الإعلام الرقمي وتوطين قانوني وتكنولوجي لنشاط القنوات التلفزيونية الخاصة، إلى جانب توسيع عرض المؤسسة العمومية للتلفزيون من خلال فتح قنوات متخصّصة جديدة موجّهة لكل فئات المجتمع على غرار «قناة الذاكرة» و»قناة المعرفة»، اللّتين استحدثتا مؤخرا.
وبالنسبة لقانون الإعلام الجديد نعمل حاليا على تكييفه مع فلسفة الدستور الجديد التي تكرّس ممارسة حرّة وهادئة لحرية الصحافة خارج جميع القيود الإدارية والحسابات الضيقة.
وسيصدر قانون الإعلام الجديد مباشرة بعد مناقشته والمصادقة عليه من طرف الأعضاء الجدد للمجلس الشعبي الوطني، وتوقيعه من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.
- الجزائر ومصر بلدان محوريان في المنطقة، فماذا عن التنسيق بينهما في القضايا العربية خاصة ليبيا؟
الجزائر ومن خلال مواقفها الدائمة والثابتة تجاه مختلف القضايا العربية، سعت من أجل حوار وطني ليبي-ليبي يخضع لمنطق الأولويات، وهو ما تجسّد مؤخرا من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة تعنى بإعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية مع إعطاء أهمية بالغة لعمل الجيش الوطنى الليبي من أجل جمع السلاح والانطلاق في إعادة إعمار ليبيا، وذلك تجسيدا لتطلعات الشعب الليبي لخروج هذا البلد الجار من الأزمة المتعددة الأقطاب الأمنية والسياسية والاقتصادية، ناهيك عن الآثار الاجتماعية السلبية التي خلفتها سنوات من الاقتتال بين الأطراف الليبية.
- ماذا عن التّعاون الثّنائي في مكافحة التّنظيمات الإرهابية والحركات المتطرّفة؟
الإرهاب الذي أصبح ظاهرة عالمية لا تعترف بالحدود باتت تفرض على الدول والحكومات حلولا عملية كفيلة باستئصال هذه الظاهرة الإجرامية من جذورها. الجزائر لم تسلم من مخالب الإرهاب الهمجي خلال تسعينيات القرن الماضي، ومصر هي الأخرى عانت من ويلات الإرهاب.
هذه التجربة أفرزت مقاربة حديثة تعمل في اتجاهين اثنين: الأول هو اجتثاث التطرف وتجفيف منابع تمويل الإرهاب، والثانية هي العمل على بعث تنمية اقتصادية، اجتماعية وسياسية شاملة تحقق لشعوب المنطقة طموحاتها في العيش بأمن وسلام، والتمتع بكل ظروف العيش الكريم في كنف دولة القانون. إنّ هذه المقاربة الثنائية لطالما دافعت من أجلها الجزائر داعية إلى ضرورة تفضيل الحلول الوطنية من خلال الحوار بين أبناء البلد الواحد بعيدا عن التدخلات الأجنبية وتجاذبات المصالح الدولية، حيث أثبتت التجربة أنها تسمح بإيجاد حلول قابلة للتنفيذ والوصول إلى نتائج ملموسة كفيلة بعودة الأمن والاستقرار.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024