أستاذ العلوم الاقتصادية، عبد الرحمان مساهل:

قــرارات هامّـة لحمايـة القدرة الشرائيــة

حوار: هيام لعيون

يؤكد أستاذ محاضر بمعهد العلوم الاقتصادية المركز الجامعي لولاية البيض، أنّ قرار تجميد رسوم وضرائب على المنتجات الإلكترونية ومعدات الإعلام الآلي والمؤسسات الناشئة، ومواد غذائية، قرار إيجابي بالرغم من وجود عجز في الميزانية العمومية، مشدّدا على أنّه سيكون له بعض الأثر الجميل على المنتجين والمتعاملين الاقتصاديين في هذه القطاعات، ويستهدف حماية القدرة الشرائية للمواطن، حيث سنشهد تراجعا ولو نسبيا في أسعار جميع المواد التي طالتها عملية رفع الرسوم والضرائب.

«الشعب»: حمل بيان مجلس الوزراء قرارات تتعلق بتجميد الرّسوم والضّرائب، وصفت بالهامة والجريئة في هذا الظرف .. ماهي أهدافها وهل تتعكس إيجابا على القدرة الشّرائيّة وتشجيع الرّقمنة ومحاربة التّهريب؟
د.عبد الرحمان مساهل:هو قرار إيجابي من رئاسة الجمهورية بتجميد رسوم وضرائب على المنتجات الإلكترونية ومعدات الإعلام الآلي والمؤسسات الناشئة. فعلى الرغم من أنّ ذلك قد يكون صعبا جدا على ضوء عجز الميزانية العمومية.
لكن بالرغم من ذلك، فسوف يكون له بعض الأثر الإيجابي سواء على المنتجين والمتعاملين الاقتصاديين في هذه القطاعات، فتجميد كلّ الضرائب والرسوم، حتى إشعار آخر، ولا سيما الرسوم التي تضمنها قانون المالية 2022 على بعض المواد الغذائية ـ كما جاء في بيان الرئاسة ــ يؤدي إلى انخفاض في سعر المنتوج بطبيعة الحال، والذي سيكون لفائدة المواطنين الذين يعانون من التهاب كبير في جل المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع، منذ دخول سنة 2022.
ومثل هذا القرار من شأنه أن يعود إيجابا على بعض الصناعيين، مثل صناعة مصبرات الطماطم أو معجون الفواكه وغيرها، ما يؤدي لزيادة النشاط عند بعض الصناعات، كما ستشجع مثل هذه القرارات المنتجين لاقتحام النشاط وبالتالي إرساء حركية اقتصادية، فيما ستعرف الأسعار انخفاضا نسبيا.
وبالتالي، فإنّ قرارات الرئيس تدخل في إطار حماية القدرة الشرائية للمواطن، خاصة وأنّ شهر رمضان على الأبواب، ومعروف ما يحدث في الشهر الفضيل من سلوكات مشينة، مثل محاولات إحداث الندرة التي تتسبب في ارتفاع الأسعار، وهي ممارسات غير قانونية تضرب جيوب المواطنين في الأساس.
ولابد من مصاحبة تلك القرارات، بتخفيف وتسهيل الإجراءات الادارية والبيروقراطية والجبائية وتشجيهم بحوافز أخرى، لأنّ الإنتاج والمنافسة وحرية السوق (الإنتاج، التخزين، التوزيع، التسويق، التصدير..)، كفيلة بتوفير المنتج للسوق المحلي بالسعر التنافسي الذي يكون في متناول المواطن البسيط، كما أنّ هذا الاجراء الذي جاء متأخرا قد يكون له الأثر الإيجابي في تعزيز الرقمنة واقتصاد المعرفة الذي يرتكز على الركائز التكنولوجية ومعدات الإعلام الآلي والأرضيات الرقمية والتطبيقات الالكترونية، وفي نفس الوقت لا يلجأ المتعامل الاقتصادي أو المواطن العادي لجلب تلك المعدات من السوق السوداء أو عن طريق تهريبها من الخارج.
- ماذا عن رفع القيود عن المشاريع وأثره اقتصاديا؟
 طبعا بعد انخفاض الجباية البترولية وتخفيض نفقات التجهيز وتوقيف وتجميد الكثير من المشاريع والاستثمارات العمومية، وبالخصوص مشاريع البنى التحتية ومشاريع البناء والأشغال العمومية، التي كانت متنفسا للكثير من البطالين والمقاولين الصغار، فإنّ الأمر كان صعبا على شريحة واسعة من المواطنين وخاصة في ولايات الجنوب التي كان يعتمد شبابها على العمل في ورشات البناء والمقاولات الصغيرة ومقاولات الأشغال العمومية.
كما كان الأمر جد صعب أيضا على صغار المقاولين الذين كانوا يعتمدون على فواتير وعوائد مشاريعهم، واليوم وإذا صدرت قرارات برفع التجميد عن المشاريع المجمدة، بالطبع سوف يكون أمرا مفرحا للكثيرين وسوف يستفيد المواطن كذلك من رفع التجميد، خاصة على المشاريع التي تعود بالنفع المباشر على المواطن، كمشاريع المستشفيات والمدارس والجامعات والطرق والجسور وغيرها.
- أمر الرئيس بالاسراع في إتمام المشاريع الخاصة بتحلية المياه، موازاة والجفاف الذي يضرب البلاد كيف ترى هذه القرارات؟
 الجزائر صنّفت مؤخرا في العديد من التصنيفات في الرواق الأحمر، كأكثر البلدان المعرضة للجفاف وشح مياه السقي رغم أنها تمتلك أكثر من 80 سدا، ولكن شح التساقطات والجفاف الذي يضرب المنطقة منذ أكثر من 8 سنوات، جعل تلك السدود لا تكفي الطلبات المرتفعة لاستهلاك الساكنة ولري المحاصيل والاستخدام الصناعي.
 كما أنّ المشاكل في التزوّد بالماء في كبريات المدن كالجزائر ووهران وقسنطينة وحتى الكثير من عواصم الولايات في الهضاب والجنوب والشمال خلال الصائفة الماضية، وجب دق ناقوس الخطر، واليوم أصبح دراسة الموضوع وإعطائه أهمية قصوى أكثر من ضروري.
ضف إلى ذلك، فإنّ تحلية مياه البحر قد تكون من التقنيات التي أصبحت مفروضة علينا رغم أنها مكلفة اقتصاديا، كما أنّ ترشيد استخدام المياه خلال الاستهلاك المنزلي والفلاحي والصناعي أصبح أكثر من ضرورة.
- ماهي تداعيات التدابير التي أقرها مجلس الوزراء للنهوض بالصناعة الكهربائية وتوقيف تصدير مادة النفايات الحديدية على اقتصاد الوطن؟
 الصناعة ضرورية جدّا للنهوض بالاقتصاد وهذا من المبادئ البسيطة، لأنها توفر المنتوج للسوق المحلية وتوفر مناصب شغل وتساهم في الجباية وتساعد في ظهور مؤسسات ومتعاملين آخرين وشبكة إمدادات ومناولة، والصناعة الكهربائية هي صناعة ليست وليدة اليوم في الجزائر، ولكن كان لها تاريخ عريق في الماضي. صناعة الحديد أيضا كان لها وجود قويّ في السوق الجزائري، وبالتالي فإنّ الإجراء الأخير بمنع تصدير النفايات الحديدية قد يكون إيجابيا إذا تم إعادة تصنيعها ورسكلتها والاستفادة من تلك النفايات في صناعات أخرى كالبناء والصناعات الميكانيكية وصناعة السفن وغيرها.
واليوم، يعاني الموطن البسيط الذي يريد بناء مسكنه والمقاول الذي يريد إتمام مشروعه والصناعي والحرفيين (ورشات التلحيم)، من غلاء مادة الحديد التي كانت تصدر بكميات كبيرة، ويبقى السوق الجزائري غير مشبع، لذلك نثمّن هذا الإجراء، على الأقل في الوقت الحالي. ونأمل في أن تتعامل الحكومة مع المتعاملين الاقتصاديين كشريك وليس التعامل معهم بمبدأ الأبوية والوصاية المطلقة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024