التغيير الذي نريد

بقلم: فنيدس بن بلة
23 نوفمبر 2019

حملت الخطب السياسية للمترشحين لرئاسيات 12 ديسمبر القادم، مضمون التغيير تجسيدا لمتطلبات مرحلة حساسة ومصيرية تعيشها الجزائر منذ عشرة أشهر، وتسعى للخروج منها بأسرع وقت، أقصر مسافة وأقل كلفة، واضعة في الاعتبار الحل الدستوري الخيار الآمن.
يظهر مصطلح التغيير في خطب المترشحين الخمسة خلال الحملة الانتخابية التي تدخل أسبوعها الثاني، عنوانا توافقيا بارزا لمتتبعي الشأن الجزائري ومحللي تفاعلات المشهد السياسي، مترجما لمطالب ملحّة متعلقة بتطبيق مبدأ السيادة الشعبية مثلما تقرها المادتان السابعة والثامنة من الدستور في مسعى التحول السلمي السلس.
جاءت مداخلات المترشحين خلال التجمعات الشعبية والأنشطة الجوارية، واقعية في عرض البرامج، مشددة على إعطاء أجوبة عن انشغالات الراهن وتساؤلاته أكثر من طرح إشكاليات تفتح المجال للجدل السياسي العقيم والمضاربات الكلامية اللامنتهية، والأسئلة المحيّرة، ماذا بعد؟
توقفت الخطب السياسية للمترشحين، التي تعطي مقاربة لحل الأزمة المعقدة التي تعرفها البلاد، وتحسس بجدوى التجند للاستحقاق المصيري لمواصلة استكمال بناء الدولة الوطنية التي تجعل من مقوماتها ومرجعيتها انطلاقة نحو التجدد والتقويم، عند موطن الضعف والخلل، مبرزة الحاجة الملحة لانتفاضة من أجل التغيير المنطلق بقرار سيادي ومشروع وطني يراهن على المواطنين ويحفزهم تجاوز قاعدة العزوف السلبي ويرى في الشباب والنخبة قوة تغيير وانطلاق صحيح نحو البناء بروح المسؤولية والتجند بعيدا عن عقلية «تخطي رأسي».
التغيير المنشود مثلما توضحه الخطب السياسية ويكشف عنه مضمونه، يفرض جملة من الأسس ويتطلب شروطا لا بد منها في تجسيده على أرض الواقع، أولها التزام المترشحين بالواقعية في مخاطبة الجماهير والتعريف ببرامجهم وتجاوز التجارب السابقة التي كثيرا ما تميزت بالوعود الوهمية، ثانيها البحث عن التوافق وقبول الآخر ومجادلته بالتي هي أحسن تطبيقا للقاعدة «الرأي والرأي المخالف» الذي يعزز الديمقراطية التشاركية ويقوي من الممارسة السياسية وينعشها، ثالثها اندماج المواطن في سيرورة التحول والتجاوب معه بروح التحدي وقوة الرهان باعتباره طرفا أساسيا في المعادلة السياسية.
إن قبول المواطن بالتغيير يعني التواصل مع المحيط ووضع ثقته في إطاراته ومؤسساته السياسية وغير السياسية بدل الاكتفاء بالترويج للمطالب ورفع سقفها تعجيزا.
تداعيات المرحلة تفرض التغيير على كل الأصعدة وتجعل من أي طرف مسؤولا في معادلة البناء الوطني حاكما ومحكوما. وتحديات الراهن والمستقبل تستدعي توحيد الطاقات والقدرات وتوظيفها في إقامة المنظومة السياسية وأجهزة الحكم محل التطلع والطلب وترك الخلافات الشخصية من أجل جزائر التوافق التي تصغر أمامها الأشياء ويكبر شأنها ويعلو.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024