فن الممكن

بقلم: فنيدس بن بلة
25 نوفمبر 2019

 عرفت السياسة من زمان بأنها فن الممكن في الظروف الصعبة والتعقيدات، حيث لا مكانة فيها للمستحيل. هذا التعريف الدقيق لمصطلح السياسة يمكن تطبيقه على خطب المترشحين لرئاسيات 12 ديسمبر القادم خلال الأسبوع الثاني من الحملة الانتخابية التي تعرف وتيرة متصاعدة مع مرور الأيام.
يتبين من خلال خرجات المترشحين أنهم ملتزمون بميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية، حيث يروجون لبرامجهم بأسلوب مهادن غايته استمالة الناخبين للتصويت عليه وتجاوز قاعدة العزوف المألوفة، في تجارب سابقة.
لم نفاجأ بتأكيد مرشحين في السباق إلى قصر المرادية وهم يخاطبون المواطنين مباشرة ويوجهون لهم رسائل غير مشفرة قائلين لهم:« صوتوا على البرنامج الذي ترونه أنسب للتكفل بانشغالاتكم..انتخبوا على الجزائر». هذا الموقف المعبر عنه بأقصى درجة الجرأة والتحدي يثبت بالملموس كيف تجاوب المترشحون مع المرحلة الصعبة واقتناعهم بدخول معترك الرئاسيات بصفته الحل الدستوري الآمن للخروج من أعقد أزمة تعيشها الجزائر، مفضلين تضحية ثانية من أجل الوطن.
أظهر المترشحون واقعية في مقارعة الواقع ومخاطبة النفوس المنتظرة مواصلة استكمال بناء الدولة الوطنية القوية بإصلاح الخلل، وهم يرافعون في خطبهم لأفكار ومشاريع يرونها أنسب لجزائر القرن 21، متخذين من حالات الإخفاق محطة انطلاق نحو التقويم والتجدد في وضع منظومة سياسية تعطي بدائل لممارسة الحكم والتداول عليه وفتح المجال أكثر لدور المعارضة في التباري، إسماع الصوت الآخر وإبداء الموقف الصريح المغاير من البناء الوطني المعترف لمكانة الأقلية في العمل التشريعي والرقابي.
جاءت خطب المترشحين من هذه الزاوية في حملة انتخابية متميزة في ظرف استثنائي يتجنّد الجميع لخوض معركته من أجل الوطن تطبيقا للشعار المرفوع في رئاسيات 2019:« انتخب من أجل الجزائر» أو»الجزائر تنتخب». حملت الخطب واقعية في الطرح وبعدا استشرافيا للآتي ، تزاوج بين الحقائق القائمة ومتطلبات الراهن وتطلعات الشعب وتمسكه بالتغيير الجذري والإصلاحات العميقة التي تمكن البلاد من استعادة موقعها في الخارطة الجيواستراتيجية الدولية مثلما تضمنها بيان أول نوفمبر المرجعية الأبدية وأوصى بها مفجرو الثورة التحريرية وصناع الاستقلال.
تحليل مضمون خطاب المترشحين خلال الحملة الانتخابية من هذه الزاوية، يجيب على السؤال الكبير كيف يطبق هؤلاء قاعدة «السياسة فن الممكن» بالضرب على وتر التغيير المستند إلى الإمكانيات المتوفرة وتوسيع دائرة الاتكال على النخبة في التسيير والقيادة والاعتماد على الشباب المؤهل والقوة المبدعة والتفتح على الآخر في مسعى حوار وتوافق ينتج تنوعا في الأساليب لبلوغ غاية واحدة هي جزائر الجميع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024