خارطة طريق

بقلم: فنيدس بن بلة
20 ديسمبر 2019

كشف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عن خارطة طريق المرحلة الجديدة التي تدخلها الجزائر بعد أن خرجت منتصرة من أكبر أزمة دستورية وأكثرها تعقيدا في تاريخها، جاعلة من الموعد الانتخابي لـ 12 ديسمبر 2019 عرسا ديمقراطيا، ضاربة المثل في التحول السلمي السلس اعتمادا على قرار مستقل وخيار سيادي لا يقبل الوصاية من أحد.
ذكّر الرئيس عقب توليه مهام الرئاسة بجدوى برنامجه الانتخابي المتضمن 54 التزاما، مؤكدا على الحوار البناء لتعزيز التوافق الوطني ومقاربة واقعية للتجدد والتقويم، كون ذلك هو المدخل الآمن للتغيير الجذري للمنظومة السياسية ونظام الحكم والممارسة الديمقراطية المبنية على قاعدة «الاختلاف رحمة»، التي تبنى على تعدد الآراء بما يخدم مؤسسات الدولة ويقوي وظائفها أكثر من إبقائها أسيرة «الأوتوليتارية» وتقديس الشخصية وعبادة الزعامة.
ركّز الرئيس أكثر من مرة على الحوار مع «الحراك» الذي وصفه بالمبارك فأعاد إلى الواجهة السيادة الشعبية تطبيقا للمادتين 07 و08 من الدستور الذي هو بدوره سوف يعرف تغييرا عميقا من أجل إنهاء حالة الاختلالات والضبابية التي تعرفها مواد قانونية فيه تتعلق بالنظام السياسي، وظائف السلطات، دور الأقلية المعارضة في العمل البرلماني والمراقبة التشريعية، دون نسيان مكانة الإعلام في المشهد السياسي، المشكل على آثار المسيرات السلمية التي حررت الوطن من عصابة فساد نهبت ثروات الأمة، خانت وصية الشهيد وداست على مرجعية نوفمبر.
هذه الفضائح والقضايا التي هي اليوم محل متابعة من جهاز العدالة، شوهت صورة الجزائر في الخارج، وأساءت لسمعتها، ما يستدعي تكفل الدبلوماسية بها عاجلا خدمة لمصلحة البلاد دون سواها، وهو ما وعد به الرئيس في لقاء سابق مع الإعلام وجدّده خلال حفل مراسم التنصيب بقصر الأمم، قائلا بلغة الحسم: «إن الدبلوماسية في الجمهورية الجديدة ستضع نصب الأعين مصلحة البلاد والجالية وإن أعضاء السلك الدبلوماسي سيتم تقييمهم دوريا بناء على النتائج المحققة».
ويكشف هذا مدى التغيير الذي ستعرفه سياستنا الخارجية وآليتها الدبلوماسية التي تقع عليها مسؤولية واسعة لا تتوقف عند تمثيل الوطن، والتدخل لعلاج مشاكل الرعايا الجزائريين في الخارج، بل مرافقة الدولة في التحول والبناء الديمقراطي والاقتصادي. ومعنى هذا أن المجال سيفتح أمام الدبلوماسية بأبعادها البرلمانية والاقتصادية للعب كامل الدور في المرافعة لجدوى السياسة الاقتصادية الجديدة لإقناع رجال المال والأعمال الأجانب والوطنيين للاستثمار.
لا يخفى على أحد ثقل الدبلوماسية الاقتصادية لمختلف العواصم في مد جسور التعاون مع الدول وتوسيع دائرة النفوذ والمصلحة معها، والجزائر الجديدة التي تسابق الزمن من أجل استعادة موقعها الجيوسياسي في الخارطة الدولية المتغيّرة، عليها أخذ هذا المعطى الثابت على محمل الجدّ وجعل دبلوماسيتها الاقتصادية أولوية للسياسة الخارجية اليوم قبل الغد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024